عقوبة السرقة في الاسلام ونتائجها المقارنة
وأما جريمة السرقة وعقوبة قطع اليد عليها عندما تنتفي الشبهات عن الجريمة ومنها أن ترتكب بدافع المجاعة مثلا فاننا مع الأساتذة الحقوقيين في قساوة العقوبة غير أن معظم جرائم السرقة في بلاد الغرب هي جرائم مسلحة ولذلك كان الغالب في جرائم السرقة أن لا تتم الا بعد قتل المسروق منه واننا نتسائل أولا لماذا الشفقة على يد السارق دون الشفقة على رقبة المسروق منه
ثم تابع الوفد كلامه قائلا غير ان قساوة حكم عقوبة السرقة في الاسلام هي التي صانت يد السارق من القطع كما صانت روح المسروق منه وحفظت السلام للجميع وأن عقوبة القطع ليد السارق لا تكون الا علنية وذلك من أجل المبالغة في الردع وهنا علق الدكتور الدواليبي قائلا انني أعلن أنه قد مضى علي في هذه البلاد سبع سنوات ولم أسمع ولم أشاهد قطع يد للسرقة وذلك لندرته وهكذا لم يبقى من هذه العقوبة الا قساوة الحكم التي جعلت الناس جميعا في أمن واستقرار وحفظت حتى على الراغب في السرقة سلامة يده اذ منعته قساوة حكم العقوبة نفسها من الوقوع في الجريمة وهكذا فان هذه البلاد عندما كانت في قانون العقوبات الفرنسي في عهد الدولة العثمانية ما كان يستطيع الحجاج السير في أمان على مالهم وأرواحهم مابين المدينتين المقدستين المدينة المنورة ومكة المكرمة الا في ظل حراسة قوية من الجيش ولكن عندما انتقل الحكم في هذه البلاد الى الدولة السعودية وأعلنت فيها شريعة القرآن اختفت الجريمة فورا وأصبح المسافر وأصبح المسافر في جميع أنحاء المملكة يستطيع متابعة سفره وحده في سيارته الخاصة وأن يخترق الصحراء ويجتاز أكثر من ألف وخمسمئة كيلومتر دون أن يخشى على نفسه أو على ماله ولو كان أجنبيا عن البلاد
ثم تابع الوفد كلامه قائلا وهكذا فان أموال الدولة هنا حيث تطبق الشريعة الاسلامية تنقل في سيارة عادية ما بين مدينة وأخرى ومصرف وآخر دون أية حراسة ولا حماية غير سائق السيارة نفسه ولكن خبروني أيها السادة هل تستطيع دولكم في الغرب أن تنقل مبلغا من المال من مصرف الى آخر في احدى العواصم دون حراستها بالعدد الكبير من الحرس المسلح وبالعدد اللازم من السيارات المصفحة
ثم اختتم المتكلم كلامه عن عقوبة السرقة وقطع اليد عليها قائلا وبعد أيها الضيوف الكرام ألا تشعرون معنا بعد هذه النتائج الباهرة من الأمن والاستقرار والاطمئنان في هذه البلاد على النفس والمال أنه من الواجب علينا التمسك بأحكام ديننا في عقوبة هذه الجرائم التي كادت لاتذكر في هذه البلاد في حين لا يأمن الانسان مثل ذلك لا على نفسه ولا على ماله في جميع العواصم الكبرى المتحضرة التي تحكمها القوانين البشرية
عقوبة الزنا في الاسلام وشروطها
وبعد ذلك انتقل الوفد السعودي الى الحديث عن جريمة الزنا وعقوبة الرجم عليها بالحجارة على شرط أن يكون المجرم قد تزوج قبل ارتكاب هذه الفاحشة وأن يشهد على حقيقة العمل الجنسي أربعة شهود معروفين بالصدق والأمانة وأن يروا ذلك العمل بشكل لاشك فيه ولا يكتفي فيه برؤية المتهمين عاريين وملتصقين
وقد تابع الوفد كلامه في ذلك فقال وهنا أيضا نشارك حضرات الضيوف في قساوة هذه العقوبة غير أن الاسلام لم يعاقب عليها الا بعد ثبوت ارنكابها بأربعة شهود عدول وأعتبر الشاهد الواحد غير كاف وحمله على الستر على المجرمين حينئذ وأنزل فيه عقوبة الجلد فيما لو جاء يعلن ذلك وحده وكذلك فعل مع الشاهدين والثلاثة شهود وأعتبر أقل شرط الثبوت أربعة شهود صادقين غير متهمين وأعتبر المجرم عندئذ اذا شهد عليه أربعة شهود أنه اعتدى على النظام العام وأن ممارسة العمل الجنسي سواء كان مشروعا أو غير مشروع هو عمل لا يليق به العلنية ولذلك لم يشتد الاسلام مثل اشتداده في العدوان على النظام العام والآداب العامة ونعتقد أن ارتكاب مثل هذا العمل الجنسي على الطريق العام لو وقع في أحد المدن الكبرى المتحضرة التي لا تعاقب على حرية ممارسة العمل الجنسي لقتلهم الناس في الشارع قبل أن يرفع أمرهم للقضاء ولأعتبروهم من الحيوانات التي لا تحترم دماؤها
ثم تابع الوفد كلامه فقال ومما يجب أن يعلم في هذا المقام أن الاسلام حينما شرع هذه العقوبة القاسية في عهد بدء الرسالة الاسلامية لينتقل بالمجتمع من عهد حرية ممارسة الجنس واختلاط الأنساب لدى الكثير من الناس الى عهد تقنين هذه الممارسة بالصور المشروعة فقط ولم يحصل أن ثبت هذا الجرم بالشهادة من قبل أربعة شهود في حالة من الأحوال طوال عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما ثبت من ذلك انما هو بالاعتراف الحر من قبل المجرم رغبة في التطهير من دنس هذا الجرم في الدنيا قبل الآخرة ومع ذلك فلما جاء المجرم الى رسول الله يطلب انزال العقوبة فيه صرف وجهه عنه لا يريد السماع منه لأنه عمل جرى في السر ولم يخرق به النظام العام ولا اعتدى فيه على الآداب العامة وان مثل ذلك متروك الى المجرم نفسه ليستغفر الله فيما بينه وبين ربه
ثم تابع الوفد كلامه فقال وهكذا أيها السادة فانه لم يثبت جرم الزنا بالشهادة المشروطة ولا مرة طوال عهد الرسول على الرغم من أنه فترة انتقال من حرية الممارسة للعمل الجنسي في كثير من الأحوال الى عهد الممارسة المشروطة فقط واننا لنقول بكل قوة وتأكيد وقد مضى على تشريع هذه العقوبة القاسية في الاسلام أربعة عشر قرنا أنه من الصعب أن نثبت أربعة عشر حادثة رجم في طول هذا التاريخ وهكذا أصبحت عقوبة الرجم باقية في قسوة حكمها ولكنها نادرة في وقائعها وقد صان الاسلام بقساوة حكم العقوبة الأسرة من الانهيار والأنساب من الاختلاط وان كنا نعتقد أن البشر بشر في كل مكان غير أن فقدان هذه العقوبة الدينية القاسية في القوانين البشرية جعل الزوجين في تلك البلاد أبعد عن الخوف من الله وأقرب الى الوقوع في الجريمة مما أدى بصورة عامة الى انحلال روابط الأسرة في غير بلاد الاسلام والى فقدان السعادة الزوجية التي يتمتع بها الزوجان المسلمان المخلصان لبعضهما ولدينهما ولربهما
0 التعليقات:
إرسال تعليق