وظائف شركات البترول
الرئيسية » , » أيها العاقُّ... تذكَّر... قصة وعبرة

أيها العاقُّ... تذكَّر... قصة وعبرة

Written By Unknown on الأربعاء، 22 مايو 2013 | 11:31 م


أيها العاقُّ... تذكَّر... قصة وعبرةبسم الله الرحمن الرحيم

# معنى الإحسان إلى الوالدين:
قال الله تعالى:(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تنفض ثوبك فيصيبهما الغبار.
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما بَرَّ والده من شد النظر إليه.
وقال عروة: لا تمتنع عن شيء أحباه.
فالإحسان لفظة جامعة، تشمل: الأقوال والأعمال التي بها إيصال الخير والنفع للوالدين في الدارين.
وفي الإحسان تدخل أنواع بر الوالدين كلها.

# خصلتان تحسن بهما إلى والديك:

الخصلة الأولى: في اللسان:
وقد جمع الله عز وجل في اللسان لمن أراد بر والديه صفتين هما:
ـ العفة عن القول الذي لا يليق: فيصون لسانه؛ فلا يؤذيهما بالكلام الذي يكسر خاطرهما.
ـ ابتداؤهما بالقول الكريم: فيختار أطايب الكلام وينتقي أكرم منطق.
قال الله سبحانه: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً).
الخصلة الثانية:في الجوارح والأركان:
وذلك بطول الصحبة الطيبة والمجالسة الحسنة للوالدين ، فقد فرض الله على الإنسان مصاحبة الوالدين بالبر والإحسان: فقال سبحانه: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان:15].
قال بعض العلماء: لا يجوز للمسلم أن يخرج عن والديه في سفر أو في غربة ـ ما لم تكن واجبة ـ إلا بعد استئذانهما. ولا ينبغي للإنسان أن يعيش في بلد غير بلد والديه إلا عند الحاجة، لأنه بمفارقتهما يسكن قلبيهما ألم الفرقة ومرارة الغربة.

# ارسم البسمة وأدخل الفرحة:

إدخال السرور على نفوس الوالدين ورسم البسمة على محياهما من أعلى منازل البر بهما والإحسان إليهما.
ومن وسائل ذلك: التحدث بمحاسنهما ومآثرهما أمامهما، كأن تذكر مآثر والدك، أو تذكر فضائل أمك عليك، أو تذكر محاسنها وتعبدها وحشمتها.
أو اطلب من والديك استرجاع بدايات حياتهما وذكريات مشوارهما..
ويحسن هذا إذا ذكر هذا أمام الأبناء، أو الإخوان، أو الزوجات والأقارب.
جرب أن تستعيد الذكريات مع والديك... فذاك مما يسرهما.



# نداؤهما والتحدث عنهما بأفضل وأحب الأسماء: 
الأصل أن ينادي الولد والديه بهذا الوصف الجليل: يا أبي ، يا أمي، وإذا تحدث عنهما يقول: والدتي، والدي، كما أخبر الله في القرآن عن أنبيائه: إبراهيم : (يَا أَبَتِ) وعيسى: (وَبَرَّاً بِوَالِدَتِي) وغيرهما.
وبهذا يعلم الخطأ في وصف الوالدين بـ الشايب أو العجوز ونحوهما بما يشعر بتنقصهما.

# حتى تكون مفتاح خير لوالديك:

من الناس من يجعله الله رحمة لوالديه: يحسن إلى الأيتام، وإلى الأرامل والضعفة والمساكين..
فتنطلق دعواتهم: رحم الله والديك.. الله يحرم والديك على النار..
فيدعون له ويترحمون على والديه.. فيكون مفتاح خير لهما في الدنيا والآخرة.
ومن الناس من هو شقيٌّ طريد.. يؤذي الناس ويسيء إليهم فيكون سبباً في لعن والديه.

# ملازمة الدعاء الصالح لهما:

قال عامر بن عبدالله بن الزبير رحمه الله: مات أبي فما سألت الله حولاً كاملاً إلا العفو عنه.
إنها صورة عزيزة من صور الإخلاص للآباء والبر بهم ، والتي يلازمها الأبناء والبنات ليس في حياة الوالدين فحسب، بل حتى بعد موتهما.
فإن هذا البر والدعاء يصلهم وينفعهم في قبورهم بفضل الله كما دلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

# تقديم الوالدين في النفقة:

قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ).. الآية.
فإذا أنفق الشخص مالاً قليلاً أو كثيراً، فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم: أعظمهم حقاً عليه، وهما الوالدان الواجب برهما، والمحرم عقوقهما.
ومن أعظم برهما:النفقة عليهما. كما أن من أعظم العقوق:ترك الإنفاق عليهما. ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة، على الولد الموسر.

# على مائدة الوالدين أجور عظيمة:

قال هشام بن حسان: قلت للحسن البصري: إني أتعلم القرآن وإن أمي تنتظرني بالعشاء؟
فقال الحسن: لأن تتعشَّى العشاء مع أمك وتَقَرَّ بذلك عينها، أحب إلي من حجة تحجها تطوعاً.
فإذا أردت أن تنال هذا الأجر فاجعل لوالديك من الأوقات الوافرة للغداء أو العشاء أو القهوة ما تؤنسهما به.
1/ بر الوالدين فريضة ربانية :
قال الله جل وعلا: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا).
دلت الآية الكريمة على تعظيم بر الوالدين من وجوه، منها:
عظمة الموصي وهو الله تعالى خالق الإنسان، وأن الوصية وجهت للإنسان مطلقا، وشمول كلمة الإحسان الجامعة لكل خير.
2/ عناية الشرائع ببر الوالدين:
بر الوالدين مما أوحاه الله لرسله، فكل الأنبياء أمروا به ودعوا إليه. لكنه في الشريعة الإسلامية أجلى مظهراً وأوضح تفصيلاً ، فكان من بركات أهلها بحيث لم يبلغ بر الوالدين مبلغا في أمة مبلغه في المسلمين ، ويوضحه تكرر الوصايا ببر الوالدين في القرآن وعناية النبي صلى الله عليه وسلم بشأنه في مواطن عديدة.

3/ بره بها أدخله الجنة:

عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نمت، فرأيتني في الجنة، فسمعت صوت قارئ يقرأ، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذاك البر، كذاك البر، وكان أبر الناس بأمه.
حارثة بن النعمان النجاري الأنصاري، أبو عبد الله. شهد بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من فضلاء الصحابة.
وهذه البشارة له تأكيد لما جاءت به النصوص أن بر الوالدين باب للجنة وطريق موصل إليها.

4/ بر الوالدين فريضة محكمة:

أخبر الله عن نبيه عيسى عليه السلام أن مما أوصي به: (وبرا بوالدتي):
قال الحافظ القرطبي: دلت هذه الآية على أن الصلاة والزكاة وبر الوالدين كان واجبا على الأمم السالفة، والقرون الخالية الماضية، فهو من الثابت المحكم في كل الشرائع.
وفي شريعة الإسلام جاء تأكيد هذه الفريضة أوضح مما كان في الشرائع السابقة وعظم أجره وثوابه.

5/ نداؤهما والتحدث عنهما بأفضل وأحب الأسماء: 

الأصل أن ينادي الولد والديه بهذا الوصف الجليل: يا أبي ، يا أمي، وإذا تحدث عنهما يقول: والدتي، والدي، كما أخبر الله في القرآن عن أنبيائه: إبراهيم : (يا أبت) وعيسى: (وبرا بوالدتي) وغيرهما.
وبهذا يعلم الخطأ في وصف الوالدين بـ الشايب أو العجوز ونحوهما بما يشعر بتنقصهما.

6/ بر الوالدين في حياة السلف:

بلغت النخلة على عهد عثمان بن عفان ألف درهم،فعمد أسامة رضي الله عنه إلى نخلة فنقرها وأخرج جمارها (الجمار قلب النخلة) فأطعمها أمه،فقالوا له:ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه،ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها.
كم نحن بحاجة لمراجعة أنفسنا في أساليب إدخال السرور على آبائنا وأمهاتنتا،ومنها الهدايا المناسبة والمفرحة.

7/ من البر أن تطعم مع والديك:

قال هشام بن حسان: قلت للحسن البصري: إني أتعلم القرآن وإن أمي تنتظرني بالعشاء، قال الحسن: لأن تتعشى العشاء مع أمك وتقر بذلك عينها، أحب إلي من حجة تحجها تطوعاً.
فإذا أردت أن تنال هذا الأجر فاجعل لوالديك من أوقات الغداء أو العشاء أو القهوة ما تؤنسهما به.

8/ من صور البر النادرة:

قال عامر بن عبدالله بن الزبير رحمه الله: مات أبي فما سألت الله حولاً كاملاً إلا العفو عنه.
إنها صورة عزيزة من صور الإخلاص للآباء والبر بهم ، والتي يلازمها الأبناء والبنات ليس في حياة الوالدين فحسب بل حتى بعد موتهما.
فإن هذا البر والدعاء يصلهم وينفعهم في قبورهم بفضل الله كما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

9/ والداك حين تصبح وحين تمسي:

روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من مسلم له أبوان ، فيصبح وهو محسن إليهما إلا فتح له بابان من الجنة ، ولا يمسي وهو محسن إليهما إلا فتح له بابان من الجنة ، ولا سخط عليه واحد منهما فرضي الله عز وجل عنه حتى يرضى. رواه البيهقي وغيره.
ويؤيده حديث "الوالد أوسط أبواب الجنة".
فهنيئا لمن أصبح وأمسى بارا بوالديه.

10/ رفع الصوت نحو الوالدين:

قال الإمام ابن مهدي رحمه الله: صحبت عبد الله بن عون أربعا وعشرين سنة،وكان بارا بوالديه.
ثم يذكر من مظاهر بره:
أن أمه دعته يوما في حاجة فأجابها برفع الصوت، فأعتق ذلك اليوم رقبتين كفارة لرفع صوته على صوتها.
هكذا كان الأئمة في البر وإجلال الوالدين حتى أسلوب الخطاب، فكيف بنا اليوم ونحن نسمع من ينهر والديه ويصرخ في وجهيهما والله يقول: (فلا تقل لهم أف)؟!
وفَّق الله الجميع لما فيه الخير وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
فيقول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً )[سورة الإسراء: 23، 24].
الوالدان، وما أدراك ما الوالدان...
الوالدان: اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان... الوالد بالإنفاق، والوالدة بالولادة والإشفاق.
فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد، وجعل للوالدين نعمة التربية والإيلاد.
يقول حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها:
1/ (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [سورة التغابن: 12]، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يُقبل منه.2/ (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ) [سورة البقرة: 43]، فمن صلَّى ولم يُزكِّ لم يُقبل منه. 3/ (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) [سورة لقمان: 14]، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يُقبل منه.
من معالم الرعاية للوالدين في القرآن الكريم:

ولأجل ذلك تكررت الوصايا في كتاب الله تعالى والإلزام ببرهما والإحسان إليهما، والتحذير من عقوقهما أو الإساءة إليهما، بأي أسلوب كان، ومن الوصايا:
ـ قول الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [النساء: 36].
ـ وقوله سبحانه: 
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت: 8].
ـ وقوله جلَّ وعلا: 
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14].
فوضَّحت هذه الآيات ما للوالدين من جميل عظيم، وفضل كبير على أولادهما، خاصة الأم، التي قاست الصِّعاب والمكاره بسبب المشقة والتعب، من وحامٍ وغثيان وثقل وكرب، إلى غير ذلك مما ينال الحوامل من التعب والمشقة.
وأما الوضع: فذلك إشراف على الموت، لا يعلم شدته إلا من قاساه من الأمهات.

من معالم الرعاية للوالدين في السنة النبوية:

وفي سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء التأكيد على وجوب بِرّ الوالدين والترغيب فيه، والترهيب من عقوقهما.
ومن ذلك: ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رِضَا الرَّبِّ في رِضَا الوالدين، وسخطُه في سخطهما" رواه الطبراني في الكبير، وصححه العلامة الألباني.
وروى أهل السنن إلا الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئتُ أبايعك على الهجرة، وتركتُ أبويَّ يبكيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اِرجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما ".
وروى الإمام أحمد في المسند وابن ماجة - واللفظ له - عن معاوية بن جاهمة السُّلَمي أنه استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فأمره أن يرجع ويَبَرَ أُمَّه، ولما كرر عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "ويحك .. الزم رِجلها .. فثمَّ الجَنَّة".
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمّـك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال "أمّـك"، قال ثم من؟ قال: "أبوك".
وهذا الحديث مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية، وجاءت الإشارة إلى هذا في قوله تعالى: 
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) [لقمان:14].
وصحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترَجِّلة المتشبهة بالرجال، والدَّيوث. وثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: العَاقُّ لوالديه، والمدمن الخمر، والمنّان بما أعطى " رواه النسائي وأحمد والحاكم.
وروى الإمام أحمد بسند حسن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال: " لا تشرك بالله شيئاً، وإن قتلت وحُرِّقت، ولا تَعُقَّنَّ والِدَيك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك.." إلى آخر الحديث.

رقة قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم نحو أمه: 

وكما أن بِرَّ الوالدين هو هديُ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كذلك هدي الأنبياء قبله قولاً وفعلاً، وقد سبق بيانُ هدي نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك من قولِه، أما من فعله صلى الله عليه وسلم: فإنه لما مَرَّ على قبر والدته آمنة بنت وهب بالأبواء حيث دُفِنت - وهو مكان بين مكة والمدينة - ومعه أصحابه وجيشه وعددهم ألف فارس، وذلك عام الحديبية، فتوقف وذهب يزور قبر أمه، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - وأبكى من حوله، وقال: "استأذنتُ ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذِنَ لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة " رواه البغوي في شرح السنة، وأصله في صحيح مسلم.

من هدي الأنبياء عليهم السلام نحو آبائهم وأمهاتهم: 

وهذا إبراهيم خليل الرحمن أبو الأنبياء وإمام الحنفاء عليه السلام يخاطب أباه بالرفق واللطف واللين - مع أنه كان كافراً – 
(إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً) [مريم:42] وهو يدعوه لعبادة الله وحده، وترك الشرك، ولما أعرض أبوه وهدد إبراهيم بالضرب والطرد، لم يزد على قوله: (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً) [مريم: 47].
وأثنى الله على يحيى بن زكريا عليهما السلام فقال تعالى: 
(وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً) [مريم: 14].
ومن دعاء نوح عليه السلام : 
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَاراً) [نوح:28].
إلى غير ذلك من أقوال النبيين عليهم السلام التي سجَّلها كتاب الله تعالى.

من هدي السلف نحو والديهم: 

وهكذا كان السلف الصالح من هذه الأمة أحرص الناس على البر بوالديهم.
ومن ذلك: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً.
أما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقد طلبت والدته في إحدى الليالي ماء، فذهب ليجيء بالماء، فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده.
وها هو ابنُ الحسن التميمي رحمه الله يهمُّ بقتل عقرب، فلم يدركها حتى دخلت في جحر في المنزل، فأدخل يده خلفها وسد الجحر بأصابعه، فلدغته، فقيل له: لم فعلت ذلك؟ قال: خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي فتلدغها.
أما ابن عون المزني فقد نادته أمه يوماً فأجابها وقد علا صوتُه صوتَها ليسمعها، فندم على ذلك وأعتق رقبتين.
ولبر السلف صور عديدة، ومواقف كثيرة يطول ذكرها، والمقصود الإشارة إلى نماذج من برهم.

صور من عقوق الوالدين:

ولو نظرنا في أحوالنا لوجدنا التقصير الشديد في بر آبائنا وأمهاتنا، ولربما وقع من البعض العقوق، نسأل الله العفو والسلامة.
وعقوق الوالدين له صور عديدة ومظاهر كثيرة قد تخفى على بعض الناس، ومن ذلك:
أن يترفَّع الابن عن والديه ويتكبر عليهما لسبب من الأسباب، كأن يكثر ماله، أو يرتفع مستواه التعليمي أو الاجتماعي ونحو ذلك. 
ومن العقوق: أن يدعهما من غير معيلٍ لهما، فيدعهما يتكففان الناس ويسألانهم.ومن العقوق: أن يقدم غيرهما عليهما، كأن يقدم صديقه أو زوجته أو حتى نفسه. ومن العقوق: أن يناديهما باسمهما مجرداً إذا أشعر ذلك بالتنقص لهما وعدم احترامهما وتوقيرهما. وغير ذلك.
قد يتجاهل بعض الناس فضل والديه عليه، ويتشاغل عما يجب عليه نحوهما، ألا يعلم ذلك العاق أو تلك العاقة أن إحسان الوالدين عظيم وفضلهما سابق، ولا يتنكر له إلا جحود ظلوم غاشم، قد غُلقت في وجهه أبواب التوفيق، ولو حاز الدنيا بحذافيرها ؟!..
فالأم التي حملت وليدها في أحشائها تسعة أشهر، مشقة من بعد مشقة... لا يزيدها نموه إلا ثقلاً وضعفاً، ووضعته كرهاً وقد أشرفت على الموت، فإذا بها تعلّق آمالها على هذا الطفل الوليد، رأت فيه بهجة الحياة وزينتها، وزادها بالدنيا حرصاً وتعلقاً، ثم شغلت بخدمته ليلها ونهارها، تغذيه بصحتها، وتريحه بتعبها، طعامُه دَرُّها، وبيته حِجرها، ومركبه يداها وصدرها، تحوطه وترعاه، تجوع ليشبع، وتسهر لينام، فهي به رحيمة، وعليه شفيقة، إذا غابت دعاها، وإذا أعرضت عنه ناجاها، وإن أصابه مكروه استغاث بها، يحسب أن كل الخير عندها، وأن الشر لا يصل إليه إذا ضمّته إلى صدرها أو لحظَتْه بعينها.
أفبعد هذا يكون جزاؤها العقوق والإعراض؟!
اللهم عفواً ورُحماً.
أما الأب... فالابنُ له مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَة... يَكَدُّ ويسعى، ويدفع صنوف الأذى بحثاً عن لقمة العيش لينفق عليه ويربيه، إذا دخل عليه هش، وإذا اقبل إليه بش، وإذا حضر تعلق به، وإذا أقبل عليه احتضن حجره وصدره، يخوف كل الناس بأبيه، ويعدهم بفعل أبيه.
أفبعد هذا يكون جزاء الأب التنكر والصدود ؟ نعوذ بالله من الخذلان.
إن الإحباط كل الإحباط أن يُفاجأ الوالدان بالتنكر للجميل، وقد كانا يتطلعان للإحسان، ويؤملان الصلة بالمعروف، فإذا بهذا الولد - ذكراً أو أنثى - يتخاذل ويتناسى ضعفه وطفولته، ويعجب بشأنه وفتوته، ويغره تعليمه وثقافته، ويترفع بجاهه ومرتبته، يؤذيهما بالتأفف والتبرم، ويجاهرهما بالسوء وفحش القول، يقهرهما وينهرهما، يريدان حياته ويريد موتهما، كأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين، تئن لحالهما الفضيلة، وتبكي من أجلهما المروءة.
فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه، فإن عاقبة ذلك وخيمة، ولينشط في برهما فإنهما عن قريب راحلين وحينئذ يعض أصابع الندم، ولات ساعة مندم. أجل، إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، ولو لم تأمر به الشريعة لكان مِدْحَةً بين الناس لجليل قدره، كيف وهو علاوة على ذلك تُكفَّـر به السيئات، وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تنشرح الصدور وتطيب الحياة ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
موقف من المواقف التي تبكي لها الفضيلة وتنعاها المروءة...
موقف أترك وصفه لنفس مكلومة ويسوقه فؤادٌ مجروح وتعرضه كَبِدٍ حرَّى …
تقول الشاكية إلى ربها ضعف جانبها وقلة حيلتها:
توفي والده في مقتبل عمري فلم يهن عليَّ أن أتشاغل عنه بزواج خشيةً عليه ، فوقفت حياتي.. كلَّ حياتي: صباحها ومساءها ، ليلها ونهارها لأجله ، وتمضي الأيام ، وأنا أعدُّها عداً أنتظر ذلك اليوم الذي أُراه فيه في مصاف الرجال ، وقد كرست كل جهدي لتربيته على معالي الأخلاق وأفاضلها ، ووطنت نفسي أن أبذل كل ما أستطيع حتى يبلغ ذلك المقصد الجليل.
فلم يزل يترقى في دراسته ، حتى نال من الشهادات أعلاها ، وهاهو يوشك أن يتبوأ الوظيفة المرموقة والوجاهة بين الناس ، فسعيت لتزويجه بامرأة تسعده وتلاحظ خاطره بعد أن كللت وضعفت عن خدمته لكبر سني وبدأ الشيب يجهز على بقية باقية من شعرات سُودٍ في رأسي.
وهاهو أول أولاده ماثلٌ بين يدي فرأيت فيه طفولة ابني وفلذة كبدي، وأعادني لذكريات تليدةٍ إبان تربيتي لأبيه ، ويسألني حفيدي ذات يوم ببراءة الطفولة ما هذه الخطوط التي تحف وجهك من جانبيه يا جدتي ، وكأنه يقرأ آثار الأيام السالفة .
ولدى بلوغي هذه المرحلة من العمر إذا بأمور تحدث في جنبات البيت، لتبدأ زلزلة كياني وهز وجداني ، حيث فوجئت بزوجة ابني وقد قلبت لي ظهر المجن ، لأعود ضحوة أحد الأيام ، فأجد سريري ومتاعي وثيابي عند عتبة الباب...!!
يا للعجب... لعل حريقاً قد حلَّ بالبيت أثناء غيبتي!!
أم لعلهم أرادوا تجديد أثاث البيت؟!.
وبعد أن طرقت الباب ، إذا بزوجة ابني ، تطلق رصاصات قاتلة من بين ثنايا فمها فتقول: قد تحملناك في السنين الماضية ، فلتذهبي إلى إحدى أخواتك أو بعض أقاربك ، فالبيت يضيق بك... وبتِّ شخصاً غير مرغوبٍ فيه عندي... وعند زوجي... الذي هو ابنك.
فانعقد لساني ، ولم أحر جواباً ، وبقيت عند الباب أنتظر حضور ابني فهو أملي بعد الله، ولن يرضى لأمه أن يُساء لها... ولا أن يقال لها ربع هذا الكلام.
ولما حضر ابني أخبرته الخبر... وأنا أحاول أن تكون ردة فعله متعقلة غير متسرعة... خشية أن يطلق زوجته أو يضربها بسبب جرأتها.
ثم كانت المفاجأة... المفاجأة التي شعرت معها كأن جمراً يتوقد بين أضلعي... إنه يؤكد خبر زوجته ، ويقول .. ولكن بإمكانك لفترة مؤقتة أن تسكني في الغرفة الخارجية الملحقة بالسور، وأن تضعي متاعك في الغرفة العلوية في السطح إلى تجدي أن مكاناً تذهبين إليه!!!.
يا ترى من الذي أمامي .. أهو ابني .. أم أنه مسخ له .. هل ؟! هل ؟! لا يمكن... مستحيل؟
لقد انعقد لساني... وجف دمعي... وخارت قواي...
ولكن لا مجال لي إلا أن أرضى بما عرضوه علي... فلا حيلة لي ولا خيار...
ثم تتوالى الأيام حُبلى بما لا يمكنني وصفه.
فمسكني في غرفة ملحقة في سور المنزل، حيث لا أنيس ولا جليس.
ودخول البيت والجلوس معهم محرم عليَّ ، ولقد حاولت فما كان جزائي إلا التبكيت والتعنيف من سيدة البيت.
أما طعامي فعليَّ أن أنتظر حتى تنتهي سيدة البيت وزوجها منه ، ثم أجد ما فضل عنهم عند عتبة الباب بعد أن أخذ مني الجوع كل مأخذ.
وأما زوجها فقد قرر أن هذا بيتها وهي سيدته ، وأنها بنت الناس... لا يملك أن يمنعها من حقها في إدارة بيتها!! فلها أن تمنع من شاءت، وأن تأذن لمن شاءت... وأن الحياة مراحل وفترات فلا ينبغي أن يأخذ أحد من عمر أحد؟
ومع كل ذلك كان قلبي متعلقاً به ، بل حتى برؤيته ، بل حتى برائحته.
فمع كل ما أقاسيه كنت أتمنى رؤية ابني وأولاده ولو دقائق معدودة في الأسبوع ، ولكن هيهات.. هيهات ، فحظي منهم أن أرمقهم من فتحة بابي عند دخولهم أو خروجهم وهم لا يشعرون.
ولن أنس ما حييت ذلك اليوم الذي خرجت فيه من غرفتي عندما سمعت بكاء حفيدي الصغير بجانب غرفتي ، فاحتضنته وتشممته... فتذكرت بريحه ريح ابني الوحيد، تذكرت طفولة ولدي يوم كنت أرضعه وأنظِّفه وألاعبه، فلم أتمالك إلا أن أحمله وأضمه إليَّ وأقبله ، وأقبل يديه ورجليه... ولم يقطع عليَّ هذه اللحظات الرائعة إلا...
نعم إلا وكزةٌ على كتفي..
لقد فوجئت بأمه من ورائي تدفعني.. وتوبخني.. وتنتزعه مني..
وتنهرني: ماذا تريدين أيتها العجوز بهذا الطفل الصغير، ألا تتأدبين وقد سمحت لك بالبقاء حتى تتجرئي وتمتد يدك إلى ولدي؟!!.
ثم غادرت الغرفة بحفيدي... وكأنما اقتلعت معها جزءاً من كبدي.
ولما كان من المساء طرت فرحاً بحدث غريب...
إنه ابني شاخصٌ فوق رأسي داخل غرفتي ولأول مرة... يا للفرحة... يا للسعادة. في الصباح حفيدي والآن ولدي...
وبرغم عجزي وضعفي.. إلا أن القوة تعود إلى بدني وهاهي روحي تبتهج فقد نهضت فرحةً بدخول ولدي إلى غرفتي بعد أن لم يطأ عتبتها منذ أشهرٍ عديدة...
لكن سرعان ما تبدد هذا الفرح... لقد تبخر مع عبارات التوبيخ والتقبيح من ابني تجاهي .. لماذا ؟
لماذا يا بني؟! أي خطأ مني... أي جريمة اجترحتها حتى تهددني وتوبخني وتقبحني؟؟ لماذا يا حبيبي؟.
يبدو أنك بدأت تخرفين... أو أنك تعاندين!
ألم أمنعك من التدخل فيما لا يعنيك؟
ألم نمنعك من الدخول إلى البيت؟
ألا يكفي أنها سمحت لك بالسكن في هذه الغرفة؟
كيف تجترئين لتأخذي الطفل إلى هذه الغرفة؟
ألا تعلمين أنك بذلك قد تسببين له المرض بسبب غرفتك الملوثة.
ألا تعلمين أنك ستعدينه بصحتك المتدهورة؟.
يا أسفاه يا ولدي...!!
إذاً أنت تعلم أن الغرفة غير صحية؟
وتعلم أن صحتي متدهورة وأني أعاني من أمراض مزمنة؟
لك الحق بأن تخاف على ولدك بسبب وجوده قرب المرض للحظات.
لكن ألا تخاف عليَّ والمرض يساكنني في غرفتي ويلازمني في بدني؟!.
يا بنيَّ والله ما قصَّرت معك منذ كنتَ في أحشائي وبعد ولادتي لك...
يا بني لقد كنت أشتري راحتك وصحتك وسعادتك بتعبي ومرضي وشقائي.
يا بني أنت أملي في الحياة... فلا تكن نهايته بألمي.... أرجوك يا بنيَّ... أرجوك...
** ** **
هذا أيها الشيخ فصلٌ من فصول حياتي... وما خفي أقسى وأفظع.
ولقد دعتني بعض قريباتي ممن علم بحالي لأن أنتقل عندها وأفارق حياة العذاب تلك ، ولكني أقول مع كل ذلك ، إني سأتحمل ما بقيت في هذه الحياة تلك الحال حتى لا أحرم رؤية ابني لثوان محدودة وذلك عندما أسمع فتحه باب المنزل ويدلف إلى زوجته وأولاده ، والله يتولَّى أمري.
** ** **
كان ذلكم وصفاً مقتضباً وسرداً مختصراً لموقف تبكي من أجله المرؤة وتأباه الشهامة فضلاً عن كونه منظراً بشعاً للعقوق القبيح …
إنها حال عدد من المخذولين الذين أغوتهم شياطين الجن والإنس فساموا أمهاتهم سوء العذاب.
إن هذه الحال لولا أن صاحبتها قصتها عليَّ لحسبتها نسجاً من الخيال…
إنها وإن كانت حالات محدودة وقليلة ، إلا أن وقوع حادثةٍ واحدة على غرارها لمما يحزن النفس ويكدر الخاطر .
ويا سبحان الله .. كيف ينسى ذلك العاق ضعف طفولته… ومسكنة صغره...؟
ألا يذكر يوم كان حملاً في أحشاءها تسعة أشهر مشقة بعد مشقة... فلا يزيدها نموه إلا ثقلاً وضعفاً ، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)؟
أم كيف يتناسى إشرافها على الموت عند وضعها له، فإذا بها تعلِّق آمالها عليه وهو لا يملك من أمر نفسه شيئاً... لكنه رأت فيه بهجة الحياة وزينتها ما أنساها كل ما قاسته ، وجعلها تزداد بالدنيا تعلقاً وحرصاً.
أم كيف يتناسى إشغالها نفسها بخدمته ليلها ونهارها ، تغذيه بصحتها ، وتريحه بتعبها ، طعامه دَرُّها ، وبيته حجرها ، ومركبه يداها وصدرها ، تجوع ليشبع ، وتسهر لينام.
أم كيف يتناسى انجذابه في طفولته نحوها... في كل أحواله وشئونه...
فسبيله لدفع جوعته مناداة أمه...
وسبيله لدفع عطشه مناداة أمه...
وسبيله لدفع الأذى مناداته أمه...
حتى بات في مخيلته أنَّ كل خير في كنفها...
وأنَّ الشر لا يصله إذا ضمته إلى صدرها أو لحظته بعينها...
أفبعد كل ذلك يكون جزاؤها على هذه الشاكلة...
قهرٌ وعقوق... عصيانٌ وجحود... قطيعةٌ وصدود!!!
ألا يعلم من كان على هذه الطريق العوجاء من الأولاد أن إحسان الوالدين عظيم وأن فضلهما سابق...
ألا يعلم أنه لو بذل لهما أموال الدنيا وشغل نفسه بهما ليلاً ونهاراً ما وفَّاهما حقهما...
وخاصةً الأم التي قاست الصعاب والمكاره بسبب المشقة والتعب من وِحامٍ وغثيان وثُقل وكرب وغير ذلك من شدائد الحمل والوضع (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً).
فوالله إن لهذا الصنف من الجاحدين... أهل العقوق والجحود.... إن لهم من الله في هذه الدنيا يوماً يعضون فيه أصابع الندم ويلاقون سوء جحودهم ونكرانهم.
لقد قضى الله أن لا يوفق عاق...
وأن تغلق في وجه العاق كل أبواب الخير.
وأن يوافى بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وصححه الألباني.
وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثلاثةٌ لا ينظرُ الله إليهم يومَ القيامة: العَاقُّ لوالديه، ومُدْمِنُ الخَمْرَ، والمنَّان " أخرجه النسائي والبزار وصححه ابن حبان والحاكم.
فيا ويح من عق أمَّه وأباه... كم من الخير فاته؟! وكم من الرزق تخلى عنه؟!











شارك هذاه المقالة :

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
شركائنا : قانون | وظائف ذهبية | softpedia download
copyright © 2013. موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) - بعض الحقوق محفوظة
القالب من تصميم Creating Website و تعريب وظائف ذهبية
بكل فخر نستعمل Blogger