السياحة في اللغة تحمل معاني كثيرة ، ولكنها في الاصطلاح المشهور اليوم تقتصر على بعض تلك المعاني ، فتدل على التنقل في البلاد للتنزه أو للاستطلاع والبحث والكشف ونحو ذلك ، لا للكسب والعمل والإقامة .
انظر " المعجم الوسيط " ( 469 ) .
وللحديث عن السياحة في نظر الشريعة الإسلامية ، لا بد من التقسيم الآتي :
أولا : مفهوم السياحة في الإسلام .
جاء الإسلام ليغير كثيراً من المفاهيم المشوهة التي تحملها عقول البشر القاصرة ، ويربطها بمعالي الأمور ومكارم القيم والأخلاق ، وكانت السياحة في مفهوم بعض الأمم السابقة مرتبطة بتعذيب النفس وإجبارها على السير في الأرض ، وإتعاب البدن عقابا لها أو تزهدا في دنياها ،
فأبطل الإسلام هذا المفهوم السلبي المنتكس للسياحة .
روى ابن هانئ عن أحمد بن حنبل أنه سئل : عن الرجل يسيح أحب إليك أو المقيم في الأمصار ؟ فقال : ما السياحة من الإسلام في شيء ، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين .
" تلبيس إبليس " ( 340 ) .
وعلَّق ابن رجب الحنبلي على كلمة الإمام أحمد فقال :
والسياحة على هذا الوجه قد فعلها طوائف ممن ينسب إلى عبادة واجتهاد بغير علم ، ومنهم من رجع لما عرف ذلك .
" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 56 ) .
فجاء الإسلام ليرتقي بمفهوم السياحة ، ويربطه بالمقاصد العظيمة ، والغايات الشريفة ، ومن ذلك :
1. أنه ربط السياحة بالعبادة ، فأوجب السفر – أو : " السياحة " - لأداء ركن من أركان الدين وهو ( الحج ) في أشهر معلومة ، وشرع العمرة إلى بيت الله تعالى في العام كله ، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في السياحة ( بالمفهوم القديم الذي يعني تقصد السفر للرهبنة أو تعذيب النفس فقط ) أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقصد الأسمى والأعلى من السياحة فقال له : ( إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) رواه أبو داود ( 2486 ) وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " وجوَّد إسناده العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( 2641 ) ، فتأمل كيف ربط النبي صلى الله عليه وسلم السياحة المشروعة المندوبة بالهدف العظيم والغاية السامية .
2. كما اقترنت السياحة في المفهوم الإسلامي بالعلم والمعرفة ، وقد سيرت أعظم وأقوى الرحلات السياحية في صدر الإسلام لغرض طلب العلم ونشره ، حتى ألف الخطيب البغدادي كتابه المشهور " الرحلة في طلب الحديث " ، وقد جمع فيه من رحل من أجل حديث واحد فقط ! ، ومن ذلك ما قاله بعض التابعين في قوله سبحانه وتعالى : ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) التوبة/112
قال عكرمة : ( السائحون ) : هم طلبة العلم .
رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 7 / 429 ) ، وانظر " فتح القدير " ( 2 / 408 ) .
وإن كان التفسير الصحيح الذي عليه جمهور السلف أن المقصود بـ ( السائحين ) هو : الصائمين .
3. ومن مقاصد السياحة في الإسلام الاعتبار والادِّكار ، وقد جاء في القرآن الكريم الأمر بالسير في الأرض في عدة مواطن :
قال تعالى : ( قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) الأنعام/11 .
وقال سبحانه : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) النمل/69 .
قال القاسمي – رحمه الله - :
هم السائرون الذاهبون في الديار لأجل الوقوف على الآثار ، توصلا للعظة بها والاعتبار ولغيرها من الفوائد .
" محاسن التأويل " ( 16 / 225 ) .
4. ولعل أعظم مقاصد السياحة في الإسلام تكون في الدعوة إلى الله تعالى ، وتبليغ البشرية النور الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو وظيفة الرسل والأنبياء ، ومن بعدهم أصحابهم رضوان الله عليهم ، وقد انتشر صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الآفاق يعلمون الناس الخير ، ويدعونهم إلى كلمة الحق ، ونحن نرجو أن تحذو سياحة اليوم تلك السياحة العظيمة المقصد ، الشريفة الغاية والهدف .
5. وأخيراً فإن من مفهوم السياحة في الإسلام السفر لتأمل بديع خلق الله تعالى ، والتمتع بجمال هذا الكون العظيم ، ليكون ذلك باعثا للنفس البشرية على قوة الإيمان بوحدانية الله ، وليكون عونا لها أيضا على أداء واجبات الحياة ، فإن ترويح النفس ضروري لأخذها بالجد بعد ذلك .
يقول سبحانه وتعالى : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) العنكبوت/20 .
ثانياً :
ضوابط السياحة المشروعة في الإسلام
لقد جاءت شريعتنا الحكيمة بكثير من الأحكام التي تنظم السياحة وتضبطها وتوجهها كي تحافظ على مقاصدها التي سبق ذكرها ، ولا يتجاوز بها إلى الانفلات أو التعدي ، فتعود السياحة مصدر شر وضرر على المجتمع ، ومن تلك الأحكام :
1. تحريم السفر بقصد تعظيم بقعة معينة إلا إلى ثلاثة مساجد :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) .
رواه البخاري ( 1132 ) ومسلم ( 1397 ) .
وفي الحديث دليل على حرمة الترويج للسياحة " الدينية " كما يسمونها لغير المساجد الثلاثة ، كمن يدعو إلى السياحة لزيارة القبور والمشاهد والأضرحة والمراقد ، وخاصة تلك الأضرحة التي يعظمها الناس ويرتكبون عندها أنواع الشرك والموبقات ، فليس في الشريعة تقديس لمكان تؤدى فيه عبادة ويكون فيع تعظيم سوى هذه الثلاثة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : ( خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ...فذكر حديثا طويلا ثم قال : فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ ؟ فَقُلْتُ مِنْ الطُّورِ . فَقَالَ : لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَى مَسْجِدِي هَذَا وَإِلَى مَسْجِدِ إِيلِيَاءَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) .
رواه مالك في الموطأ ( 108 ) والنسائي ( 1430 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " فلا يجوز إنشاء سفر لقصد مكان مقدس غير هذه الأماكن الثلاثة ، ولا يعني ذلك حرمة زيارة المساجد في بلاد المسلمين ، فإن زيارتها مشروعة ومستحبة ، وإنما الممنوع هو إنشاء السفر لهذا الغرض ، فإذا كان له قصد آخر من السفر ، وجاءت الزيارة تابعة فلا بأس ، بل قد تجب لأداء الجمعة والجماعة .
ومن باب أولى حرمة السفر لزيارة الأماكن المقدسة في الديانات الأخرى ، كمن يخرج لزيارة " الفاتيكان " أو الأصنام البوذية وغير ذلك مما يشبهه .
2. وقد جاءت الأدلة أيضا في تحريم سياحة المسلم في بلاد الكفار مطلقا ، لما فيها من مفاسد تعود على دين وخلق المسلم باختلاطه مع تلك الأمم التي لا تراعي دينا ولا خلقا ، خاصة مع عدم وجود الحاجة لهذا السفر من علاج أو تجارة ونحو ذلك ، إنما هو للمتعة والترفيه ، وقد أوسع الله تعالى بلاد المسلمين بحمد الله ، فجعل فيها من بديع خلقه ما يغني عن زيارة الكفار في بلادهم .
قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - :
السفر إلى بلاد الكفر لا يجوز ؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ومخالطة للكفار وإقامة بين أظهرهم ، لكن إذا دعت حاجة ضرورية وغرض صحيح للسفر لبلادهم كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم ، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين ، أو السفر لتجارة ، فهذه أغراض صحيحة يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار بشرط المحافظة على شعائر الإسلام ، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم ، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين .
أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز ؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك ، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / سؤال رقم 221 ) .
وقد سبق في موقعنا تقرير هذه المسألة بتفصيل مطول ، انظر أجوبة الأسئلة رقم ( 52845 ) و ( 8919 ) و ( 13342 ) .
3. ومما لا شك فيه أن الشريعة تنهى عن السياحة في أماكن الفساد ، حيث تُشرب الخمور وتَقَع الفاحشة ، وتُرتكب المعصية ، مثل شواطئ العري وحفلات المجون وأماكن الفسق ، أو السفر لإقامة الاحتفالات في الأعياد المبتدعة ، فإن المسلم مأمور بالبعد عن المعصية ، فلا يرتكبها ولا يجالس من يقوم بها .
قال علماء اللجنة الدائمة :
لا يجوز السفر إلى أماكن الفساد من أجل السياحة ؛ لما في ذلك من الخطر على الدين والأخلاق ؛ لأن الشريعة جاءت بسد الوسائل التي تفضي إلى الشر .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 332 ) .
فكيف بالسياحة التي تشجع المعصية والفاحشة ، وتنظم لدعمها وتشجيعها ؟! .
وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً - :
إذا كانت هذه السياحة مشتملة على تسهيل وتيسير فعل المعاصي والمنكرات والدعوة إليها : فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون عوناً على معصية الله ومخالفة أمره ، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 26 / 224 ) .
4. أما زيارة آثار الأمم السابقة وأماكنهم : فإن كانت أماكن عذاب ، وقع فيها من الخسف أو المسخ أو الإهلاك لهم بسبب كفرهم بالله سبحانه : فلا يجوز حينئذ اتخاذ هذه الأماكن للسياحة والاستجمام .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
يوجد في مدينة ( البدع ) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال ، ويذكر بعض الناس أن هذه مساكن قوم شعيب - عليه السلام - ، والسؤال : هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب - عليه السلام - ، أم لم يثبت ذلك ؟ وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع ، ولمن كان قصده الاعتبار والاتعاظ ؟ .
فأجابوا :
اشتهر عند الإخباريين أن منازل " مَدْين " الذين بعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب ، والتي تسمى الآن : ( البدع ) وما حولها ، والله أعلم بحقيقة الحال ، وإذا صح ذلك : فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة الاطلاع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجر – وهي منازل ثمود - قال : ( لاَ تَدْخلُوا مَسَاكِن الذينَ ظَلموا أَنْفسَهم أَنْ يُصيبَكُم مَا أَصَابَهم إِلاَّ أَنْ تكُونوا بَاكِينَ ) ، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي - رواه البخاري ( 3200 ) ومسلم ( 2980 ) - .
قال ابن القيم - رحمه الله - في أثناء ذكره للفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك - :
ومنها : أن من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها ، ولا يقيم بها ، بل يسرع السير ، ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها ، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً ، ومن هذا إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي محسر بين منى ومزدلفة ، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه .
" زاد المعاد " ( 3 / 560 ) .
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرحه الحديث السابق - :
وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم ، وإن كان السبب ورد فيهم .
" فتح الباري " ( 6 / 380 ) .
وانظر في " مجموعة أبحاث هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية " المجلد الثالث بحثاً بعنوان " حكم إحياء ديار ثمود " .
وانظر جواب السؤال رقم ( 20894 ) .
5. ولا يجوز أيضا سفر المرأة بغير محرم ، وقد أفتى العلماء بحرمة سفرها بغير محرم للحج أو العمرة ، فكيف إذا كان السفر للسياحة التي يصاحبها كثير من التساهل والاختلاط المحرم ؟! .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 3098 ) و ( 69337 ) و ( 45917 ) و ( 4523 ) .
6. أما تنظيم رحلات سياحية للكفار في بلاد المسلمين : فالأصل فيه الجواز ، والسائح الكافر إذا أذنت له الدولة المسلمة بالدخول إليها أصبح مستأمنا حتى يغادرها ، ولكن وجوده في بلاد المسلمين يجب أن يتقيد فيه باحترام الدين الإسلامي وأخلاق المسلمين وثقافتهم ، فلا يدعو إلى دينه ، ولا يتهم الإسلام بالباطل ، ولا يخرج إلا محتشما بلباس يناسب بلاد المسلمين ، وليس كما اعتاد هو في بلاده على التعري والتفسخ ، وألا يكون عينا أو جاسوسا لبني قومه ، وأخيرا لا يمكَّن الكفار من زيارة الحرمين في مكة والمدينة المنورة .
ثالثاً :
لا يخفى على أحدٍ أن واقع السياحة اليوم يغلب عليه المعصية والوقوع في الفواحش والتعدي على الحرمات ، مِن تبرج مقصود ، وعري في أماكن معروفة ، واختلاط مستباح ، وشرب للخمور ، وترويج للفساد ، وتشبه بالكفار وجلب لعاداتهم وأخلاقهم بل وحتى أمراضهم الخبيثة ، فضلا عن ضياع الأموال الطائلة والأوقات والجهود ، يغلف ذلك كله اسم جميل " السياحة " ، فنذكِّر كل غيور على دينه وخلقه وأمته بالله سبحانه وتعالى ألا يكون عونا للترويج لهذه السياحة الفاسقة ، بل يكون حربا عليها وعلى الثقافة التي تروج لها ، وليفتخر بدينه وثقافته وخلقه ، فقد حمته من كل المفاسد ، وأوجدت له البديل الواسع في خلق الله تعالى في بلاد المسلمين المحافظة .
السِّياحة وهي الانتقال من مكان إلى مكان آخر لمشاهَدة ما فيه من آثار أو للتنَزُّه والتمتُّع بما فيه من مناظرَ أو مظاهرَ ـ أمرٌ لا يمنعُه الدين في حدِّ ذاته، بل يأمُر به إذا كان الغرض شريفًا، فقد أمرت الآياتُ الكثيرة بالسير في الأرض للاعتبار بما حدَث للسابقين (أفَلَمْ يَسيروا في الأرْضِ فيَنْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبةُ الذين مِنْ قَبلهم دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ولِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) (سورة محمد : 10) (قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فانْظروا كَيْفَ كَانَ عاقِبةُ المُجرِمينَ) (سورة النمل : 69).
والحجّ نفسُه سياحة دينيّة وعبادة مفروضة، وشدّ الرِّحال إلى المسجد الحرام بمكة، وإلى المسجد النبوي بالمدينة، وإلى المسجد الأقصى بالشام مرغوب فيه كما جاء في الحديث الصحيح، وذلك للعِبادة وزيادة الأجر، والأمر بزيارة الإخوان والرّحلة لطلب العلم وللتجارة كلُّ ذلك سياحة مشروعة، ونُسِبَ إلى الإمام الشافعي ـ ورحلتُه في طلب العلم معروفةٌ ـ دعوتُه إلى السفر؛ لأنّ فيه خمس فوائد هي:
تَفَرُّج واكْتِسابُ مَعيشةٍ
وعِلْمٌ وآدابٌ وصُحْبَة ماجِدِ
ورحلات الصّحابة والتابعين والسلف الصّالح للجهاد والتّجارة والأغراض العلميّة معروفة، وكذلك أخبار الرَّحّالة المسلمين كابن بطوطة وابن جُبير لها كتب مُدوَّن فيها علم كثير، ولا شكّ أن البلاد التي يرِدُ إليها السائحون تكسِب كثيرًا من الناحية الماديّة والناحية الأدبية، وتحرِص كثيرًا على أن يَفِدَ إليها السائحون، وإذا كان الواقع يشهد بذلك فقد أشار إليه قوله تعالى على لسان سيّدنا إبراهيم (ربَّنا إني أسكنتُ من ذُرِّيتي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرع عند بَيْتِكَ المُحرَّم ربَّنا لِيُقِيمُوا الصّلاةَ فاجْعَلْ أَفْئِدةً من الناس تَهوِي إليهم وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكرونَ) (سورة إبراهيم : 37).
فأمرَه الله بأنْ يُؤذِّنَ في النّاس بالحج، فأذَّن وأتَوه من كلِّ فجٍّ عميق، وعُمِّر المكان وازدهَرَ وسيظلّ كذلك إلى يوم الدّين. وهذا الكسب يكون حلالًا إذا لم يكن فيه ضَرر سواء أكان هذا الضّرر من السائحين أو من الجِهة التي يزورونها، وسواء أكان الضّرر مادِيًّا أم أدبيًّا، فقد يكون بعضُهم جواسيسَ أو أصحاب فكرٍ أو سلوك شاذٍّ يريدون نشرَه، وهنا يجب منع الضّرر، فمن القواعد التشريعيّة: دَرء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح. ومن تطبيقات هذه القاعدة قديمًا، إعلان أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وكان أميرًا للحجِّ في السَّنة التاسعة من الهجرة ألّا يحجَّ بعد العام مُشركٌ، وقد كان العرب يحرِصون على الحجّ مِن أجل التجارة والمكاسب الماديّة وكان أهل مكة يَستفيدون من ذلك كثيرًا، ويقومون بتسهيلات كثيرة للحجاج، وأنشؤوا خدمات ثابتة من أجل ذلك كالسِّقاية والرِّفادة كانوا يتنافسون فيها، ويتوارثونها فحرّم الإسلام على أهل مكّة تمكين المُشركين من الحجّ على الرغم من ضَياع الكسْب الماديّ أو الرّواج التجاري أو الانتعاش الاقتصادي الذي كانوا يُفيدون منه، وذكر أن الله سيعوضُهم خيرًا ممّا فاتَهم بسبب هذا الخطر، وجاء في ذلك قول الله تعالى: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إنَّما المُشرِكونَ نَجْسٌ فلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرَام بعد عامِهم هذا وإنْ خِفْتُم عَيلة فسوف يُغنيكم الله من فَضله إن شاءَ إن اللهَ عليمٌ حَكيمٌ) (سورة التوبة : 28).
قال المُفسرون: لما منع المسلمون الكافرين من المَوسِم وكانوا يجلِبون الأطعمة والتِّجارات قذف الشيطان في قلوبِهم الخوفَ من الفقر وقالوا: مِن أين نَعيش؟ فوعدَهم اللهُ أن يُغنيَهم مِن فضلِه. قال عكرمة: أغْناهم الله بإدرار المَطر والنَّبات وخِصْب الأرضِ، فأخصَبت بَتالَة وجُرَش ـ بلدان باليمن فيهما خِصْب ـ وحملوا إلى مّكة الطّعامَ وكثُر الخيرُ وأسلمت العَرب، أهل نجد وصنعاء، فكثر حجُّهم وازدادت تجارتهم، وأغنى الله من فضله بالجهاد والظهور على الأمَمِ.
والواجب أن توضَع قوانينُ لتنظيم السياحة منعًا لما يكون فيها من ضَرر، وأملًا في زيادة ما يكون وراءها من خير.
فنحن -العرب - أبناء أمة كانت مطبوعة على : الرحلة ومولعة بالسفر كثيراً ويتنقلون من بلد إلى أخرى إما للعمل وطلب الرزق أو للتجارة وقد ورد في القرآن الكريم ذكر هذه السياحة التجارية التي كان العرب يمارسونها قبل الإسلام والمتمثلة في رحلتين عظيمتين منتظمتين إلى بلاد اليمن تارة وإلى بلاد الشام تارة أخرى فقال سبحانه « لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ »
كما كان العرب في عصر ما قبل الإسلام يسافرون ويسيحون بهدف الصيد أو للقتال والغارة.
فجاء رسولنا الكريم بديننا الإسلامي العظيم فزكى مبدأ السياحة وقواه وسما به، وجعلهم يسافرون للدعوة والوعظ والإرشاد، والعمل البناء وطلب العلم.
فما أعظم هذا الدين الإسلامي الذي حول الأعرابي الذي كان يتنقل ويسافر قطعاً للطريق وسلباً للقوافل والأموال، فأدبه وهذبه وجعله عالماً وفقيهاً صالحاً وحكيماً، وجعله سائحاً مسافراً يدعو إلى دين الله بالحسنى والموعظة الحسنة، يبني ويعمر ويبحث عن منابع العلم لينهل منها.
لقد استبدل الإسلام عادات العرب القديمة السيئة بعادات جعلها عبادة وسياحة تعود بالأجر والثواب، فهذا سفر الحج والعمرة والهجرة والجهاد أكبر دليل على ذلك.
نعم .. جاء الإسلام ليجعلها سياحة وسفراً ورحلة تعتبر بملكوت الله جل وعلا وتنظر في آياته البينات .
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ...)
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
ونبينا الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – سافر وانتقل وساح في الأرض إبان شبابه قبل البعثة النبوية للرعي والتجارة وبعد نبوته ما بين حج وعمرة وجهاد وتجارة.
كانت السياحة من هذا القبيل .
ولكن أهل هذا العصر من أصحاب الشهوات : ارتكبوا ما ارتكبه أسلافهم الأوائل من تغيير للحقائق، وتلبيس للمفاهيم، وعبث بالمبادئ، فغيروا ما يريدون تغييره لإشباع غرائزهم، وسموا الأشياء بغير اسمها، ووصفوها بغير صفتها اللائقة بها، فالخمر عندهم شراب روحي، والربا في نظرهم فائدة مالية، ودعامة اقتصادية، والسياحة في منطقهم متعة وترفيه، هكذا قالوا، وبئس ما قالوا.
وسنحاول في ورقتنا هذه أن نرد الأمر إلى نصابه ، وذلك في النقاط التالية :
نقاط البحث
مقدمة .. وهي ما تقدم .
معنى السياحة
السياحة في القرآن
السياحة في السنة
السياحة في فهم السلف الصالح
أشكال وأنواع السياحة
أهداف السياحة في الإسلام
ضوابط السياحة وشروطها في الإسلام
خاتمة
الفهرس
معنى السياحة
جاء الإسلام ليرتقي بمفهوم السياحة ، ويربطه بالمقاصد العظيمة ، والغايات الشريفة .
حيث وردت السياحة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحمل معانٍ سامية، وصنفت السائحين ضمن فئات ومجموعات من الناس وعدها الله سبحانه وتعالى بالجنة، حيث يقول الخالق العزيز الجليل «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» " سورة التوبة 113"
وقد تعددت تعريفات الفقهاء لمعنى السياحة.
- فقال بعضهم بأن السياحة : هي الصيام .. واستدلوا على ذلك بقوله تعالى في سورة التحريم «آية 5» في وصف نساء النبي « عابدات سائحات»
- أما البعض الآخر من الفقهاء فقالوا : السائحون هم المجاهدون .. ودليلهم على صحة هذا التعريف ما ورد في الحديث الصحيح : قول الرسول الكريم «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالى».
- وقيل: السائحون هم المهاجرون الذين غادروا بلدانهم سعياً لكسب الرزق والعمل في بلدان أخرى .
- وقيل بأن السائحين: هم الذين يسافرون في طلب العلم.
- وقيل بأنهم العابدون المتفكرون في عبادة وتوحيد وتعظيم رب العالمين وملكوته، وما خلق في السماء والأرض من المخلوقات والآيات العظيمة التي تدل على الاله الواحد الأحد لاشريك له الفرد الصمد.
- وعلى كل فهي : - السير للمطلوب الشرعي والبحث عنه عبادة لله ،
كالحج ، وزيارة المساجد الثلاثة ، أو الغزو في سبيل الله ، أو طلب العلم الشرعي والدراسة ، أو العلاج ، أو التجارة ، أو الدعوة ، أو التزاور في الله وصلة الأرحام ، أو التفكير والاعتبار ، أوطلب الرزق الحلال.
كما ثبت عند الترمذي في جامعه أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة كان مما يقوله في دعائه " آيبون تائبون عابدون سائحون لربنا حامدون " الحديث.
وهي في تعريفات المعاصرين :
"التنقل في البلاد للتنزه أو للاستطلاع والبحث والكشف ونحو ذلك ، لا للكسب والعمل والإقامة" .
وقد عرف أحد الباحثين السائح بأنه :" الفرد الذي ينتقل من مكان إقامته الدائمة إلى منطقة خارج إقامته العادية أو مكان عمله ؛ بهدف تحقيق غرض معين من أغراض السياحة أو الزيارة المتعارف عليها ماعدا العمل ، وبشرط ألا تقل مدة الزيارة عن 24 ساعة ولا تزيد عن ثلاثة أشهر"
السياحة في القرآن الكريم
وردت السياحة في القرآن الكريم على النحو التالي :
أولا : بلفظها ..
وذلك : في ثلاثة مواضع ، وبثلاث صيغ .
أ – بصيغة الأمر: وذلك في قوله تعالى (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ)[التوبة :2]
ب – بصيغة جمع المذكر السالم : وذلك في قوله تعالى (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ)[التوبة :112]
ت - بصيغة جمع المؤنث السالم : وذلك في قوله تعالى (..أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)[التحريم :5]
ويلاحظ : أن لفظ (السائحون) ولفظ (السائحات) قال فيها : ابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة وعائشة رضي الله عنهم: [أنهم : الصائمون ] وهو التفسير الصحيح الذي عليه جمهور السلف .
ولكن قال فيها عكرمة : أنهم طلبة العلم رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 7 / 429 ) ، وانظر " فتح القدير " ( 2 / 408).
ثانيا : بلفظ السير والنظروالتفكر والتعقل.
وذلك في أربعة عشر موضعا.
أ – بصيغة الاستفهام الإنكاري لعدم سيرهم ونظرهم وتفكرهم وتعقلهم .
وذلك في سبعة مواضع.. وهي :
1 – قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ القُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) [يوسف : 109]
2 – وقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ ) [ الحج: 46]
3 – قوله تعالى : ( أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ) [ الروم :9]
4 – وقوله تعالى : ( أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً )[ فاطر :44]
5 – وقوله تعالى : (أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ ) [ غافر: 21]
6 - وقوله تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )[ غافر: 82]
7 - وقوله تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )[ محمد :10]
ب – بصيغة الأمر ليسيروا وينظروا ويتفكروا ويتعقلوا .
وذلك في سبعة مواضع.. وهي :
1 – قوله تعالى : ( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ )[ آل عمران : 137]
2 – وقوله تعالى : ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ )[ الأنعام :11]
3 – وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ )[ النحل :36]
4 – وقوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ )[ النمل : 69]
5 – وقوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[العنكبوت:20]
6 – وقوله تعالى : (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ ) [ الروم : 42]
7 - وقوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ(18))[ سبأ]
يقول القاسمي – رحمه الله – في معنى هذه الآيات الكريمة : هم السائرون الذاهبون في الديار لأجل الوقوف على الآثار ؛ توصلا للعظة بها والاعتبار، ولغيرها من الفوائد .
" محاسن التأويل " ( 16 / 225 ) .
السياحة في السنة النبوية
جاء في الحديث عن أَبِي أُمَامَةَ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي السِّيَاحَةِ؟! قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى".
رواه أبو داود ( 2486 ) وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " وجوَّد إسناده العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " (2641)
السياحة في فهم السلف الصالح
(أ) قال عطاء: السائحون: "هم الغزاة المجاهدون في سبيل الله " [تفسير البغوي : التوبة – آية 112].
(ب) وهذا الإمام ابن تيمية يقول : (ما يفعل أعدائي بي؟! إن قتلوني فقتلي شهادة، وإن حبسوني فسجني خلوة، وإن نفوني فنفيي سياحة).
(ت) وهذا: الإمام الشافعي في قوله : "إن في الأسفار خمس فوائد هي: تفريج هم ، واكتساب معيشة ، وعلم ، وآداب ، وصحبة ماجد.
ومن أقواله أيضاً في شأن السياحة والحض عليها:
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والتبر كالترب ملقى في أماكنه والعود في أرضه نوع من الحطب
ففي هذه الأبيات : يحرض الإمام على السفر والرحلة .
ففيها من الخير ما فيهما حيث يتعرف الإنسان إلى الآخرين وربما يكونون خيراً ممن يعرفهم ويفارقهم .
وفيها النصب والكد والتعب الذي يجعل للحياة طعماً مقبولاً طيباً .
ثم يسوق أمثلة من الواقع الملموس والشاهد المحسوس .
(ث) وهذه رحلات الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والسلف الصالح للجهاد والتجارة والأغراض العلمية ، التي طبقت شهرتها الآفاق.
(جـ) وكذلك أخبارالرحالة المسلمين مثل: ابن بطوطة ، وابن جبير، وغيرهما.
(حـ) وقد سيرت أعظم وأقوى الرحلات السياحية في صدر الإسلام لغرض طلب العلم ونشره ، حتى ألف الخطيب البغدادي كتابه المشهور " الرحلة في طلب الحديث " ، وقد جمع فيه من رحل من أجل حديث واحد فقط !
فالسياحة في الإسلام إذا : لاتعني العزلة عن الناس والاعتكاف في المساجد أو مفارقة المجتمع وسكن الكهوف والجبال والبراري والتفرغ للعبادة، وترك العلم والجمعة والجماعة، بل إن السياحة هي السعي في الأرض طلباً للرزق والعلم واكتساب المعارف والخبرات.
وعلى هذا : فالإسلام لايحرم السياحة ، بل يدعو إليها ، ويشجع عليها ، كما فهم ذلك السلف الصالح مما ذكرنا نماذج منهم .
نعم في الإسلام سياحة : ولكنها سياحة التأثير لا التأثر والاعتزاز لا الابتزاز والفضيلة لا الرذيلة والثبات لا الانفلات.
أشكال وأنواع السياحة
وهي كثيرة .. نذكر منها ما يلي:
1 ـ السياحة التأملية : وتكون بالتأمل والمشاهدة•
2 ـ السياحة الجغرافية : من أجل اكتشاف الكون حول الإنسان للاستفادة والانتفاع
3 ـ السياحة الترفيهية : وتكون للترويح عن النفس من إرهاق العمل مثلا.
4 ـ السياحة الثقافية : وتكون لمشاهدة المعالم التاريخية الحضارية•
5 ـ السياحة الفكرية الإيمانية : وتكون للأماكن المقدسة والبقاع الطاهرة•
6 ـ السياحة العلاجية : وتكون من أجل الاستشفاء•
7 – السياحة الدعوية .. التي يقوم فيها الداعية بنشر هدي الإسلام والتعريف به .
أهداف السياحة في الإسلام
وهي عديدة .. ومنها ما يلي :
1 – السير في أرض الله تعالى للتأمل والعظة واستخلاص الدروس والعبر .
حيث إن من مفهوم السياحة في الإسلام : السفر لتأمل بديع خلق الله تعالى ، والتمتع بجمال هذا الكون العظيم ؛ ليكون ذلك باعثا للنفس البشرية على قوة الإيمان بوحدانية الله ، وليكون عونا لها أيضا على أداء واجبات الحياة ، فإن ترويح النفس ضروري لأخذها بالجد بعد ذلك.
يقول سبحانه وتعالى : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) العنكبوت/20 .
2 - اكتساب الفوائد التي ذكرها الإمام الشافعي في قوله :
"إن في الأسفار خمس فوائد .هي : تفريج هم ، واكتساب معيشة ، وعلم ، وآداب ، وصحبة ماجد.
وفي شعره السابق .
3 - وأجمل الأهداف وأجلها : تأدية الرسـالة التي شرُفت بها هذه الأمـة ..ألا وهي الدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [النحل: 125].
حيث يأتي السائح بمحض إرادته إلى ديار الإسلام ليزور آثارها، ويتعرف على تاريخها، وبالطبع يعايش في زيارته أهل الإسلام، ويرى بأم عينه عاداتهم وتقاليدهم، ويلمس بنفسه واقعهم .
وهي فرصة ذهبية لنعرض الإسلام على حقيقته النضرة، وهيئته السمحة .
كما يجب على أصحاب المحلات السياحية أن يعرضوا في محلاتهم كتبا باللغات الحية عن التعريف بالإسلام وإعجازه العلمي، كالكتب التي يعرضونها عن تاريخ الأمم البائدة.
ولقد استمعت إلى المرحوم الداعية العظيم الشيخ أحمد ديدات خلال زيارته لمصر، قوله بحق : " لو أن كل مصري عرف سائحا – واحدا كل عام - بالإسلام ودعاه إلى الاهتداء بنوره : لدخل أغلب سكان الدنيا في دين الله الحق خلال سنوات قليلة ؛ لأنهم يبحثون عنه بفطرتهم.
4 - تفريج الهم : فإن الله أجرى العادة أن الملازم لمكان واحد ، أو طعام واحد، يسأم منه، لا سيما إذا كان الإنسان عنده هم كثير، فإذا انتقل عن تلك الحالة أو تشاغل بغيرها انجلى عنه الهم بالتدريج.
- والذي ينصح به الأطباء النفسيون لمن به هم أو غم أن يسافر .
- وقد قيل : لا يُصلح النفوس إذا كانت مدبرةً، إلا التنقل من حال إلى حال.
5 - ومما لا يدع مجالاً للشك : أن السياحة صناعة مهمة لها تأثير اقتصادي ودور مهم في زيادة فرص العمل ومصدر رزق مهم ، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [الملك:15]
واكتساب المعيشة: لا يكون إلا بالتحرك ، واتخاذ الوسائل المشروعة .
- والله عز وجل أمر مريم بهز النخلة، ولو شاء الله أن ينزل عليها الرطب لفعل : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ) [مريم : 25].
6 - 7 : حصول العلم والآداب: فلقد كان السلف يرحلون في طلب العلم، فتجد الواحد منهم يسافر من أجل حديث واحد يطلبه .
- فهذا ابن مسعود – رضي الله عنه – يقول: ( ولو أعلم مكان واحدٍ أعلم منى بكتاب الله، تناله المطايا لأتيته )[ رواه مسلم ].
- وها هو جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – يرحل مسيرة شهر، إلى عبد الله بن أُنيس في حديث واحد (رواه البخاري ).
- وقد قال صلى الله عليه وسلم :" ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة" ( رواه مسلم )
وقال الشعبي – رحمه الله -: " لو سافر رجل من الشام إلى اليمن ، في كلمةٍ تدله على هدى ، أو ترده عن ردى ، ما كان سفره ضائعاً "
8 - : صحبة الأمجاد: إن صحبة الأمجاد والأخيار ترفع المنقوص ، وترقيه إلى رتبه أهل الخصوص ، وتدخله في زمرتهم ، وتنسجه في لحميتهم .
ولله در القائل :
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ففيه دليلٌ عنه بالطبع تهتدي
ولا بدع في وفق الطباع إذا اقتدت فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
9 - : زيارة الأحباب من الأقارب والأرحام والأصحاب .
ففي الحديث : أن رجلاً زار أخاً في قريةٍ أخرى ، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكاً ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية ،قال هل لك من نعمة تربها عليه ؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ( رواه مسلم ).
10 - أن المسافر يرى من عجائب الأمصار ، ومن بدائع الأقطار ، ومحاسن الآثار ، ما يزيده علماً بقدرة الله تعالى ، وشكرا على نعمه.
وعلى هذا : يضع الإسلام الضوابط والشروط ، ويحدد الأهداف التي لابد وأن تراعى في هذه الأنواع كلها .
وبيانها بإيجاز في النقاط التالية :
ضوابط السياحة في الإسلام وشروطها
أولا : ضوابط عامة .
1 - صدق النية وإخلاص العمل لله -عز وجل .
وذلك حينما نجعل هذه السياحة – في بلادنا أو في الخارج - وسيلة للدعوة إلى الله فنقدم للناس صورة مشرقة لديننا، وبلادنا، فنوضح لهم الحقيقة، ونفضح أمامه أكاذيب الإعلام الغربي الذي يشوه صورة الإسلام والمسلمين.
2 – أن تكون هناك : خطط موضوعة ، وأهداف محددة ، وإرشادات معلومة ، لكل رحلة سياحية – فردية أو جماعية - في الداخل أو في الخارج .
على أن تكون هذه الخطط والأهداف والإرشادات : مأخوذة من تعاليم الإسلام .
3 - عمل دورات تدريسية في الإسلام وكيفية الدعوة إليه باللغات الأجنبية ، للمرشدين السياحيين ؛ ليقوموا بالتعريف بديننا العظيم ، كما يعرفون بتراثنا ، سواء بسواء.
4 - هناك الكثير من دول العالم العربي والإسلامي حباها المولى عز وجل طبيعة خلاَّبة وكنوزاً إسلامية كثيرة ومناخاً مستقرا ًطوال العام.
وحيث إن الإسلام يدعو إلى تشجيع السياحة المشروعة : فإن الأمر يستدعي من الرجال المخلصين في هذه الدول من المهتمين بشؤون السياحة السعي الجاد إلى إقامة صناعة سياحية كرافد من روافد الدخل
القومي الذي يسهم في تنمية موارد تلك الدول مما يعود على شعوبها بالخير الوفير.
ثانيا : ضوابط مع السائح في بلادنا .
1 - عدم التعاون معه على فعل المنكر كتقديم الخمور ونحو ذلك• وذلك يقتضي : تنقية النشاط السياحي مما علق به من محرمات ،
والابتعاد التام به عن إشاعة الفاحشة وإثارة الغرائز والشهوات، ومنع ما حرمه الله من خمر وميسر واختلاط .
2 - التعامل – في ذات الوقت - مع السائحين بصورة الإسلام المشرقة لينقلوها إلى غيرهم عند عودتهم إلى بلادهم•
3 - أن يكون هناك – كما ذكرنا سابقا - دعاة يجيدون اللغات المختلفة وبخاصة الدينية كمرشدين : لتعريف السائحين بحقيقة الإسلام ، وإظهار الوجه الحقيقي له كدين تسامح وسلام وعدالة ، وتحريره من الشبهات المنسوبة إليه ظلماً•
4 – العمل على : حماية السائح الأجنبي وتوافر أمنه واستقراره خلال مدة زيارته لبلادنا .
وهذا المبدأ : دعا إليه الإسلام •
وذلك في قوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) التوبة:6•
وفي الحديث الشريف: الذي رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن أم هانئ بنت أبي طالب أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:" إن ابن أمي - علي - يريد أن يقتل رجلاً أجرته - ابن هبيرة- فقال صلى الله عليه وسلم : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"•
وإذا كان الزائر من بلد معاد : يمنع منعا باتا من دخول بلادنا .
5 - وعلى السائح الأجنبي : الالتزام التام بأحكام الإسلام واحترام القيم والعادات والتقاليد الإسلامية في البلد محل الزيارة .
فلا يدخل أماكن العبادة المحرمة عليه شرعاً .
وأن يلتزم بالاحتشام في الملبس والتصرفات .
ولا يدعو إلى منكر، أو القيام بأي عمل ضد الإسلام والمسلمين.
6 - على شرطة السياحة : التعاون مع الجهات المعنية بشؤون السياحة ، لتقديم جميع الإرشادات اللازمة للسائح في هذا المجال ومتابعة تنفيذها ، والترحيل الفوري للمخالف .
وذلك : حتى يتحقق الأمل من إقامة سياحة إسلامية•
ثالثا : ضوابط للسائح المسلم في البلاد الأجنبية .
1- التخلق بأخلاق الإسلام والتزام مبادئه والسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وسنته - كما هو شأن المسلم دائما - ليكون عنوانا جيدا للإسلام وأهله .
2- عدم السياحة في أماكن الفتن والفسق والبدع ؛ حتى لا يتعرض المسلم للفتنة في نفسه ودينه .
3 – أن لا يخرج بسياحته – أو خلالها – عن أهداف السياحة المشروعة في الإسلام .
خاتـمـــــــــــــــــــــــــــــــــة
وفي ختام بحثنا - هذا - نقولها بكل صراحة ووضوح إن السياحة في عصرنا الذي نعيشه أصبحت تعني في المفهوم العالمي المعاصر – كما يقول بعض الباحثين ، وهو المشاهد كذلك - : " الانفتاح المطلق بلا قواعد مرعية، ولا ضوابط شرعية " .. !!.
فلا دين يردع ، ولا وازع يمنع ، يفعل الإنسان ما يشاء ، ويصنع ما يريد ، فالهوى إمامه ، والشهوة قائده ، والجهل سائقه ، والغفلة مركبه ، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب العاجلة مخمور.. وهذه – كذلك – هي السياحة في عصر العولمة..!!
***
فهل يرضى مسلم أن تكون السياحة – أوأن تظل في بعض بلادنا – على هذا الحال ..؟؟
خاصة : وأن الإسلام جاء ليغير كثيراً من المفاهيم المشوهة التي تحملها عقول البشر القاصرة ، ويربطها بمعالي الأمور ومكارم القيم والأخلاق ..!!
***
وهل نأمل في أن نرى هذا التغيير الإسلامي المنشود ...؟؟!!
أدعو الله تعالى : أن نرى ذلك قريبا ، على أيدي المخلصين من أبناء هذه الأمة الغيورين .
والله أعلم
0 التعليقات:
إرسال تعليق