باب فيمن أتى بهيمة
4464 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قال قلت له ما شأن البهيمة قال ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل قال أبو داود ليس هذا بالقوي
الحاشية رقم: 1
أي جامعها .
( من أتى بهيمة فاقتلوه ) : أي الآتي ( واقتلوها ) : أي البهيمة ( معه ) : أي مع [ ص: 122 ] الآتي . قال في اللمعات : ذهب الأئمة الأربع إلى أن من أتى بهيمة يعزر ولا يقتل والحديث محمول على الزجر والتشديد انتهى ( قال ) : أي عكرمة ( قلت له ) : أي لابن عباس ( ما شأن البهيمة ) : أي أنها لا عقل لها ولا تكليف عليها فما بالها تقتل ( قال ) : أي ابن عباس ( ما أراه ) : بضم الهمزة بصيغة المجهول أي ما أظن النبي صلى الله عليه وسلم ( وقد عمل بها ) : أي بتلك البهيمة ( ذلك العمل ) : أي القبيح الشنيع . والجملة حالية . وقال السندي نقلا عن السيوطي : قيل حكمة قتلها خوف أن تأتي بصورة قبيحة يشبه بعضها الآدمي وبعضها البهيمة . وأكثر الفقهاء كما حكاه الخطابي على عدم العمل بهذا الحديث فلا يقتل البهيمة ومن وقع عليها ، وإنما عليه التعزير ترجيحا لما رواه الترمذي عن ابن عباس قال من أتى بهيمة فلا حد عليه قال الترمذي : هذا أصح من الحديث الأول ، والعمل على هذا عند أهل العلم انتهى .
وقال الحافظ في التلخيص : حديث من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به رواه أحمد وأبو داود واللفظ له والترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي من حديث عكرمة عن ابن عباس واستنكره النسائي ، ورواه ابن ماجه والحاكم من حديث أبي هريرة وإسناده أضعف من الأول بكثير .
وقال ابن الطلاع في أحكامه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم في اللواط ولا أنه حكم فيه وثبت عنه أنه قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به رواه عنه ابن عباس وأبو هريرة وفي حديث أبي هريرة أحصنا أم لم يحصنا كذا قال . وحديث أبي هريرة لا يصح ، وقد أخرجه البزار من طريق عاصم بن عمر العمري عن سهيل عن أبيه عنه ، وعاصم متروك ، وقد رواه ابن ماجه من طريقه بلفظ " فارجموه الأعلى والأسفل " وحديث ابن عباس مختلف في ثبوته .
وأما حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أتى بهيمة فاقتلوه الحديث ففي إسناد هذا الحديث كلام رواه أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو وغيره عن عكرمة عن ابن عباس . وعند البيهقي بلفظ : ملعون من وقع على بهيمة وقال اقتلوه واقتلوها لئلا يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا .
قال أبو داود : وفي رواية عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس ليس على الذي يأتي [ ص: 123 ] البهيمة حد فهذا يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو . وقال الترمذي حديث عاصم أصح ولما رواه الشافعي في كتاب اختلاف علي وعبد الله من جهة عمرو بن أبي عمرو قال إن صح قلت به .
ومال البيهقي إلى تصحيحه لما عضد طريق عمرو بن أبي عمرو عنده من رواية عباد بن منصور عن عكرمة ، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة . ويقال إن أحاديث عباد بن منصور عن عكرمة إنما سمعها من إبراهيم ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة فكان يدلسها بإسقاط رجلين ، وإبراهيم ضعيف عندهم وإن كان الشافعي يقوي أمره انتهى ( قال أبو داود ليس هذا بالقوي ) : ليست هذه العبارة في أكثر النسخ .
قال المنذري : وأخرجه النسائي ، وقال البخاري عمرو صدوق ولكنه روى عن عكرمة مناكير .
وقال أيضا ويروي عمرو عن عكرمة في قصة البهيمة فلا أدري سمع أم لا . وأخرج هذا الحديث ابن ماجه في سننه من حديث إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وقع على ذات محرم فاقتلوه ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وإبراهيم بن إسماعيل هذا هو أبو حبيبة الأنصاري مولاهم المدني كنيته أبو إسماعيل . قال الإمام أحمد ثقة : وقال البخاري منكر الحديث وضعفه غير واحد من الحفاظ .
مسألة: التحليل الموضوعي
4465 حدثنا أحمد بن يونس أن شريكا وأبا الأحوص وأبا بكر بن عياش حدثوهم عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال ليس على الذي يأتي البهيمة حد قال أبو داود وكذا قال عطاء و قال الحكم أرى أن يجلد ولا يبلغ به الحد و قال الحسن هو بمنزلة الزاني قال أبو داود حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو
الحاشية رقم: 1
( حدثوهم ) : أي أحمد بن يونس وغيره ( عن عاصم ) : هو ابن أبي النجود ( عن أبي رزين ) : هو مسعود بن مالك الأسدي ( ليس على الذي يأتي البهيمة حد ) : قال [ ص: 124 ] الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم ( وكذا ) : أي مثل قول ابن عباس ( قال عطاء ) : تابعي جليل مشهور ( وقال الحكم ) : ابن عتيبة الكوفي أحد الأئمة الفقهاء ( وقال الحسن ) : هو البصري ( هو بمنزلة الزاني ) : أي فإن كان محصنا يرجم وإن لم يكن محصنا يجلد . وذكر الإمام الخطابي الاختلاف في هذا الفعل ثم قال وأكثر الفقهاء على أنه يعزر ، وكذلك قال عطاء والنخعي ، وبه قال مالك والثوري وأحمد وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله انتهى مختصرا .
واستدل الإمام أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن على أن اللواط زنا وفيه الحد بأن الله تعالى سماه في القرآن فاحشة فقال أتأتون الفاحشة وفي حديث مسلم عن أبي سعيد الخدري جاء رجل يقال له ماعز فقال يا رسول الله إني أصبت فاحشة فطهرني الحديث قال أهل اللغة : الفاحشة الزنا ذكره في الصحاح وغيره . وقال إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث في قوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم : أجمع المفسرون أنه الزنا انتهى .
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن الوليد عن يزيد بن قيس أن عليا رجم لوطيا .
وأخرج البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال : أتي ابن الزبير بسبعة في لواطة أربعة منهم قد أحصنوا وثلاثة لم يحصنوا فأمر بالأربعة فرضخوا بالحجارة وأمر بالثلاثة فضربوا الحد وابن عباس وابن عمر في المسجد ذكره الزيلعي ( قال أبو داود حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو ) : المقصود أنه يظهر من حديث عاصم الذي هو موقوف على ابن عباس ضعف حديث عمرو بن أبي عمرو المرفوع لأنه لو كان صحيحا لم يقل ابن عباس خلافه البتة .
قال الخطابي : يريد أن ابن عباس لو كان عنده في هذا الباب حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لما خالفه انتهى .
[ ص: 125 ] قال المنذري : وأخرجه النسائي وهذا هو حديث عاصم الذي أشار إليه أبو داود في الباب الذي قبله . وعاصم هو ابن أبي النجود وأبو رزين هو مسعود بن مالك الأسدي مولاهم الكوفي انتهى كلام المنذري .
0 التعليقات:
إرسال تعليق