وظائف شركات البترول
الرئيسية » » علاج حكة الجسم

علاج حكة الجسم

Written By Unknown on الثلاثاء، 5 مارس 2013 | 11:45 م


علاج حكة الجسم

علاج حكة الجسم
        جاء في الصحيحين ـ من حديث قتادة، عن أنس بن مالك ـ قال : "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام ـ رضي الله تعالى عنهما : في لبس الحرير ؛ لحكة كانت بهما"(1). وفي رواية : "أن عبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام ـ رضي الله تعالى عنهما ـ شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة لهما: فرخص لهما في قمص الحرير. ورأيته عليهما".
هذا الحديث يتعلق به أمران : أحدهما فقهي، والآخر طبي.
فأما الفقهي، فالذي استقرت عليه سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إباحة الحرير للنساء مطلقا، وتحريمه على الرجال إلا لحاجة أو مصلحة راجحة. فالحاجة إما من شدة البرد: ولا يجد غيره، أو لا يجد سترة سواه. ومنها : إلباسه للحرب والمرض، والحكة وكثرة القمل. كما دل عليه حديث أنس الصحيح.
والجواز أصح الروايتين عن الإمام أحمد، وأصح قولي الشافعي. أذ لأصل عدم التخصيص. والرخصة إذا ثبتت في حق بعض الأمة لمعنى، تعدت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى. إذ الحكم يعم بعموم سببه.
ومن منع منه قال : أحاديث التحريم عامة، وأحاديث الرخصة يحتمل اختصاصها بعبد الرحمن بن عوف والزبير، ويحتمل تعديها إلى غيرهما. وإذا احتمل الأمران : كان الأخذ بالعموم أولى. ولهذا قال بعض الرواة في هذا الحديث : "فلا أدري :أبلغت الرخصة من بعدهما؛ أم لا ؟ ".
والصحيح : عموم الرخصة؛ فإنه عرف خطاب الشرع في ذلك، ما لم يصرح بالتخصيص وعدم إلحاق غير من رخص له أولا به. كقوله لأبي بردة : "تجزيك ولن تجزي عن أحد بعدك" . وكقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم ـ في نكاح من وهبت نفسها له : {خالصة لك من دون المؤمنين}. وتحريم الحرير إنما كان سدا للذريعة؛ ولهذا أبيح للنساء، وللحاجة والمصلحة الراجحة. [وهذه قاعدة] * ما حرم لسد الذرائع : فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة. كما حرم النظر : سدا لذريعة الفعل؛ وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة. وكما حرم التنفل بالصلاة في أوقات النهي : سدا لذريعة المشابهة الصورية بعباد الشمس؛ وأبيحت للمصلحة الراجحة. وكما حرم ربا الفضل : سدا لذريعة ربا النسيئة؛ وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة : من العرايا(2) . وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم : من لباس الحرير؛ في كتاب "التحبير، لما يحل ويحرم من لباس الحرير".
وأما الأمر الطبي، فهو : أن الحرير من الأدوية المتخذة من الحيوان؛ ولذلك يعد في الأدوية الحيوانية. لأن مخرجه من الحيوان. وهو كثير المنافع، جليل الموقع. ومن خاصيته؛ تقوية القلب وتفريحه، والنفع من كثير من أمراضه، ومن غلبة المرة السوداء والأدواء الحادثة عنها. وهو مقو للبصر : إذا اكتحل به. والخام منه ـ وهو المستعمل في صناعة الطب ـ حار يابس في الدرجة الأولى. وقيل : حار رطب فيها. وقيل : معتدل [ في صناعة الطب]. وإذا اتخذ منه ملبوس : كان معتدل الحرارة في مزاجه، مسخنا للبدن. وربما برد البدن بتسمينه إياه.
قال الرازي : "الإبريسم (3) أسخن من الكتان، وأبرد من القطن، يربي اللحم. وكل لباس خشن فإنه يهزل ويصلب البشرة، وبالعكس".
قلت : والملابس ثلاثة أقسام : قسم يسخن البدن ويدفنه، وقسم يدفنه ولا يسخنه، وقسم لا يسخنه ولا يدفئه. وليس هناك ما يسخنه ولا يدفئه؛ إذ ما يسخنه فهو أولى بتدفئته. فملابس الأوبار والأصواف تسخن وتدفئ، وملابس الكتان والحرير والقطن تدفئ ولا تسخن. فثياب الكتان باردة يابسة، وثياب الصوف حارة يابسة، وثياب القطن معتدلة الحرارة، وثياب الحرير ألين من القطن وأقل حرارة منه. قال صاحب المنهاج : "ولبسه لا يسخن كالقطن بل هو معتدل". وكل لباس أملس صقيل : فإنه أقل إسخانا للبدن، وأقل عونا في تحلل ما يتحلل منه، وأحرى أن يلبس في الصيف وفي البلاد الحارة(4).
ولما كانت ثياب الحرير، كذلك وليس فيها شئ من اليبس والخشونة الكائنتين في غيرها ـ : صارت نافعة من الحكة. إذ الحكة لا تكون إلا عن حرارة ويبس وخشونة فلذلك رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، للزبير وعبد الرحمن، في لباس الحرير : لمداواة الحكة، وثياب الحرير أبعد عن تولد القمل فيها : إذا كان مزاجها مخالفا لمزاج ما يتولد منه القمل.
وأما القسم الذي لا يدفئ ولا يسخن : فالمتخذ من الحديد والرصاص والخشب والتراب ونحوها.
فإن قيل : فإذا كان لباس الحرير أعدل اللباس وأوفقه للبدن؛ فلماذا حرمته الشريعة الكاملة الفاضلة، التي أباحت الطيبات، وحرمت الخبائث؟
قيل : هذا السؤال : يجيب عنه كل طائفة ـ من طوائف المسلمين ـ بجواب.
فمنكرو الحكم والتعليل : لما رفعت قاعدة التعليل من أصلها، لم تحتج إلى جواب هذا السؤال.
ومثبتو التعليل والحكم ـ وهم الأكثرون ـ منهم من يجيب عن هذا : بأن الشريعة حرمته : لتصبر النفوس عنه، وتتركه لله؛ فتثاب على ذلك. لا سيما ولها عوض عنه بغيره.
ومنهم من يجيب عنه : بأنه خلق في الأصل للنساء كالحلية بالذهب؛ فحرم على الرجال لما فيه : من مفسدة تشبه الرجال بالنساء. ومنهم من قال: حرم لما يورثه : من الفخر والخيلاء والعجب.
ومنهم من قال : حرم لما يورثه للبدن لملاسته : من الأنوثية والتخنث ، وضد الشهامة والرجولية. فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث. ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه في الأكثر، إلا وعلى شمائله : من التخنث والتأنث والرخاوة ما لا يخفى حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم فحولية ورجولية، فلابد أن ينقصه لبس الحرير منها وإن لم يذهبها . ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا : فليسلم للشارع الحكيم. ولهذا كان أصح القولين : أنه يحرم على الولي أن يلبسه الصبي، لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث.
وقد روى النسائي ـ من حديث أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : "إن الله أحل لإناث أمتي الحرير والذهب، وحرمه علىذكورها"؛ وفي لفظ "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم".
وفي صحيح البخاري : عن حذيفة، قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن لبس الحرير والديباج، وأن يجلس عليه. وقال : هو لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة".


-----------------------------------
المراجع والهوامش
-----------

ـ
1ـ من المعروف أن الملابس الصوفية تتعارض مع وجود الحكة بالمرضى، وخاصة أن الملابس الصوفية قد تؤدي إلى حساسية في الجلد ولذلك ينصح الأطباء بتجنب الملابس الصوفية في مثل هذه الحالات.
2ـ جمع "عرية" ـ بزنة قضية" وهي : النخلة يعطيها صاحبها لفقير، لينتفع بثمرتها إلى سنة؛ فتدفعه الحاجة إلى أن يأخذ بثمرتها تمرا قبل أن تحزر ثمرتها. فلا يضر الفضل حينئذ . اهـ ق.
3ـ الإبريسم ـ بفتح السن وضمها ـ: الحرير . أو هو معرب !! اهـ ق.
4ـ يجب أن تتناسب أنواع الملابس مع الأجواء التي يعيش فيها الإنسان؛ ففي الأجواء الباردة نختار الملابس الصوفية الداكنة اللون حتى يحتفظ الجسم بحرارته وتقيه غائلة الجو البارد. أما في الأجواء الحارة فيجب أن تكون الملابس خفيفة ومن اللون الأبيض حتى تعكس أشعة الشمس وتقلل حينئذ من حرارة الجسم.

الطب النبوى لأبن القيم
شارك هذاه المقالة :
 
شركائنا : قانون | وظائف ذهبية | softpedia download
copyright © 2013. موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) - بعض الحقوق محفوظة
القالب من تصميم Creating Website و تعريب وظائف ذهبية
بكل فخر نستعمل Blogger