وظائف شركات البترول
الرئيسية » » علاج الرمد

علاج الرمد

Written By Unknown on الثلاثاء، 5 مارس 2013 | 11:53 م


علاج الرمد


علاج الرمد
        وقد تقدم : أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى صهيبا من التمر ، وأنكر عليه أكله : وهو أرمد وحمى عليا من الرطب لما أصابه الرمد.
وذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي : " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه : لم يأتها حتى تبرأ عينها"
الرمد : ورم حار يعرض في الطبقة الملتحمة من العين ؛ وهو بياضها الظاهر، وسببه انصباب أحد الأخلاط الأربعة ، أو ريح حارة تكثر كميتها في الرأس والبدن، فينبعث منها قسط إلى جوهر العين ؛ أو ضربة تصيب العين ، فترسل الطبيعة إليها من الدم والروك مقدارا كثيرا ، تروم بذلك شفاءها مما عرض لها ، ولأجل ذلك يورم العضو المضروب، والقياس يوجب ضده .
واعلم أنه كما يرتفع من الأرض إلى الجو بخاران : أحدهما حار يابس ، والآخر رطب ؛ فينعقدان سحابا متراكما ، ويمنعان أبصارنا من إدراك السماء ـ : فكذلك يرتفع من قعر المعدة إلى منتهاها مثل ذلك ، فيمنعان النظر ، ويتولد عنهما علل شتى ، فإن قويت الطبيعة على ذلك ، ودفعته إلى الخياشيم : أحدث الزكام ؛ وإن دفعته إلى اللهاة والمنخرين : أحدث اخناق ؛ وإن دفعته إلى الجنب أحدث الشوصة وإن دفعته إلى الصدر؛ أحدث النزلة ؛ وإن انحدر إلى القلب ؛ أحدث الخبطة ؛ وإن دفعته إلى العين : أحدث رمدا؛ وإن انحدر إلى الجوف: أحدث السيلان ؛ وإن دفعته إلى منازل الدماغ : أحدث النسيان ؛ وإن ترطبت أوعية الدماغ منه ، وامتلأت به عروقه : أحدث النوم الشديد. ولذلك كان النوم رطبا، والسهر يابسا ، وإن طلب البخار النفوذ من الرأس ، فلم يقدر عليه : أعقبه الصداع والسهر ، وإن مال البخار إلى أحد شقي الرأس : أعقبه الشقيقة ، وإن ملك قمة الرأس ووسط الهامة : أعقبه داء البيضة ، وإن برد منه حجاب الدماغ أو سخن أو ترطب، وهاجت منه أرياح : أحدث العطاس، وإن أهاج الرطوبة البلغمية فيه ، حتى غلب الحار الغريزي : أحدث الإغماء والسكتات ، وإن أهاج المرة السوداء، حتى أظلم هواء الدماغ : أحدث الوسواس ، وإن فاض ذلك إلى مجاري العصب : أحدث الصرع الطبيعي ، وإن ترطبت مجامع عصب الرأس ، وفاض ذلك في مجاريه : أعقبه الفالج ، وإن كان البخار من مرة صفراء ملتهبة محمية للدماغ : أحدث البرسام ؛ فإن شرك الصدر في ذلك : كان سرساما ، فأفهم هذا الفصل .
والمقصود : أن أخلاط البدن والرأس تكون متحركة هائجة في حال الرمد ؛ والجماع مما يزيد حركتها وثورانها : فإنه حركة كلية للبدن والروح والطبيعة ، فأما البدن فيسخن بالحركة لا محالة؛ والنفس تشتد حركتها : طلبا للذة واستكمالها؛ والروح تتحرك تبعا لحركة النفس والبدن ، فإن أول تعلق الروح من البدن بالقلب، ومنه ينشأ الروح وينبث في الأعضاء، وأما حركة الطبيعة: فلأن ترسل ما يجب إرساله من المنى ، على المقدار الذي يجب إرساله ، وبالجملة : فالجماع حركة كلية عامة ، يتحرك فيها البدن وقواه وطبيعته وأخلاطه ، والروح والنفس ، فكل حركة فهي مثيرة للأخلاط مرققة لها ، توجب دفعها وسيلانها إلى الأعضاء الضعيفة . والعين في حال رمدها أضعف ما يكون ؛ فأضر ما عليها حركة الجماع ، قال أبقراط في كتاب الفصول : " وقد يدل ركوب السفن أن الحركة تثور الأبدان" ، هذا مع أن في الرمد منافع كثيرة منها : ما يستدعيه من الحمية والاستفراغ، وتنقية الرأس والبدن من فضلاتهما وعفوناتهما ، والكف عما يؤذي النفس والبدن : من الغضب والهم والحزن ، والحركات العنيفة، والأعمال الشاقة ، وفي أثر سلفي : "لا تكرهوا الرمد ؛ فإنه يقطع عروق العمى" .
ومن أسباب علاجه : ملازمة السكون والراحة ، وترك مس العين والاشتغال بها، فإن أضداد ذلك يوجب انصباب المواد إليها، وقد قال بعض السلف : "مثل أصحاب محمد ؛ مثل العين ؛ ودواء العين ترك مسها" .
وقد روى في حديث مرفوع ـ الله أعلم به ـ : "علاج الرمد : تقطير الماء البارد في العين"(1) وهو من أكبر الأدوية للرمد الحار: فإن الماء دواء بارد يستعان به على طفء حرارة الرمد، إذا كان حارا ، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، لامرأته زينب ـ وقد اشتكت عينها ـ : "لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان خيرا لك وأجدر أن تشفي : تنضحين في عينك الماء، ثم تقولين : أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي ؛ لا شفاء إلا شفاؤك ؛ شفاء لا يغادر سقما" (2).
وهذا مما تقدم مرارا : أنه خاص ببعض البلاد، وبعض أوجاع العين ، فلا تجعل كلام النبوة الجزئي الخاص كليا عاما، ولا الكلي العام جزئيا خاصا ؛ فيقع من الخطأ وخلاف الصواب ، ما يقع. والله أعلم .
--------------------------------
الهوامش والمراجع
---------------

غسيل العين المصابة بالرمد بالماء يعمل على إزالة الإفرازات الالتهابية الصديدية ويسرع بشفاء المرضى على شرط أن يكون الماء مغليا حتى يكون معقما
أخرجه أبو داود وابن ماجه ، والحاكم في صحيحه . اهـ ق .* * *

الطب النبوى لأبن القيم

شارك هذاه المقالة :

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
شركائنا : قانون | وظائف ذهبية | softpedia download
copyright © 2013. موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) - بعض الحقوق محفوظة
القالب من تصميم Creating Website و تعريب وظائف ذهبية
بكل فخر نستعمل Blogger