و يوقظ اهله
الكاتب : د. ديمة طارق طهبوب | القسم : تربية ومجتمع
محلّقة هي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في اختيار العبارة و الوصف و الفعل، و العنوان أعلاه يصف سيرة الرسول في العشر الأواخر من رمضان حيث أثر عنه أنه كان عليه الصلاة و السلام يوقظ أهله و يشد المئرز أو يشمر،و العبارة جميلة كما الفعل فالإيقاظ و اليقظة ليست مجرد استيقاظ من النوم أو صحو بعد غفلة؛ إنه انتباه القلب و العقل الذي لا نوم بعده، ألم يقل صلى الله عليه و سلم إن عينيه تنامان و قلبه لا ينام ؟و قد فقه عنه الدرس الفاروق فكان لا يجد وقتا للنوم لا ليلا و لا نهارا حتى لا يضيع حق الله في الليل و لا حق الرعية في نهاره، و لكن لماذا ركز الرسول على اليقظة في رمضان؟ لأن رمضان بالنسبة للأوائل كان بوصلة السنة من تيقظ في أعظم الشهور و شد عزمه سيحصّل من الوقود ما يكفيه إلى رمضان القادم إن أدركه و لذا كان رمضان إلى رمضان زاد لما بينهما . لقد قال صلى الله عليه و سلم لخذيجة إن وقت النوم ولى، النوم الجسدي بما يمثله من كل أشكال الراحة الأخرى و انصاع لأمر ربه بالقيام فقام و ظل قائما إلى أن توفاه الله.ثم إن في الفعل إيحاء آخر؛ و هو إن العبادة في أصلها جماعية و وحدة الجماعة الأولى هي الأسرة و الخطاب موجه إلى ربها و كأنه يقول له لا تكن أنانيا، فتختلي بنفسك في معتكفك و تترك أسرتك، قوامتك تبدأ أن تقيهم و نفسك من النار و تذهب بهم إلى الله و الجنة، و إذا كان هذا الأمر في الصلاة و هي العمود و الأساس و نقطة البداية و الانطلاق؛ فالأمر ينسحب على كل ما دونها من دقائق و صغائر الحياة و عظيم أمورها، أيقظ أهلك أيها الرجل و رب البيت و الولي في كل شيء، إن تعلمت فعلم، و إن خرجت إلى أجر فأخرجهم معك، و إن عملت خيرا للإسلام فيدهم مع يدك. لقد علم الرسول نصف الدين و الأحكام للسيدة عائشة و روت أمهات المؤمنين كثيرا من أحاديثه ليحملن راية التبليغ بعده. الإشارة الثانية أن الأهل أو الأسرة بأشكالها المختلفة هي روح هذا الدين، و لذا يسعى الغرب لهدمها كآخر حصون الإيمان و التربية، و مفهوم الأهل هنا واسع من أول الاسرة (النووية) الصغيرة إلى العشيرة الأكبر إلى المجتمع إلى المسلمين أجمعين و كل من شملتهم رحمة و شفقة قلب المرء، و بهذا يكون فعل الإيقاظ ليس محبوسا بين جدران أربعة و إنما واسع بقدر أرض جُعلت للمسلمين مسجدا و طهورا، يصبح العالم كله أهلك و واجبك إيقاظ كل من تستطيع أن تصله. و أما الإشارة الأخرى للأهل فهي أن للأسر قدرا عظيما في هذا الدين حتى أن الأسرة هي وحدة التكوين، كذلك في الجنة بل إن اجتماع الأسرة المحبة في الجنة هي من أعظم أجر المؤمن .لقد استيقظ أهل كثر بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم فكان لبعض الأسر تاريخ خالد ما كانت لتحصله لولا اليقظة التي أحدثها هذا الدين في نفوسهم؛ فآل عمار كانوا من الموالي و لكنهم أصبحوا سادة السادة في نفوس الصالحين الأوائل و المتأخرين، و ظلوا مثلا يضرب لمن يريد التصبر على الأذى و ظل اسمهم يتردد "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة" و الخنساء كانت لتظل البكاءة التي ينساها بعضهم و يتذكرها آخرون لولا يقظة الإسلام التي حولتها إلى أيقونة تنسب إليها كل امرأة من المتأخرين تقف ذات موقفها من استشهاد أولادها.أما في المتأخرين فكانت عائلة الشهيد نزار ريان عائلة أيقظها رب الأسرة للجهاد و ما أغلقوا عيونهم سوى شهداء، أغلب العائلة ذهبوا، عائلة مع بعضهم على نفس المبدأ كما عاشوا عليه. و الأمثلة تتزايد في مدرسة غزة الربانية خصوصا هذه الأيام ."و يوقظ أهله" عبارة قصيرة لفعل عظيم يسع كل أعمال الخير لكل الناس و لا تنتهي صلاحيته بالحياة الدنيا و إنما الاستمرار الأجمل و الراحة الكبرى هناك و هناك فقط يوم يلتقي الأولون بالآخرين ،و يجتمعون أسرا بأجمل ما كان فيهم في الدنيا " و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم و ما ألتناهم من عملهم من شيء"د.ديمة طارق طهبوب
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
و يوقظ اهله,و يوقظ اهله,و يوقظ اهله,و يوقظ اهله
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1k3tHgK
via موقع الاسلام
الكاتب : د. ديمة طارق طهبوب | القسم : تربية ومجتمع
محلّقة هي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في اختيار العبارة و الوصف و الفعل، و العنوان أعلاه يصف سيرة الرسول في العشر الأواخر من رمضان حيث أثر عنه أنه كان عليه الصلاة و السلام يوقظ أهله و يشد المئرز أو يشمر،و العبارة جميلة كما الفعل فالإيقاظ و اليقظة ليست مجرد استيقاظ من النوم أو صحو بعد غفلة؛ إنه انتباه القلب و العقل الذي لا نوم بعده، ألم يقل صلى الله عليه و سلم إن عينيه تنامان و قلبه لا ينام ؟و قد فقه عنه الدرس الفاروق فكان لا يجد وقتا للنوم لا ليلا و لا نهارا حتى لا يضيع حق الله في الليل و لا حق الرعية في نهاره، و لكن لماذا ركز الرسول على اليقظة في رمضان؟ لأن رمضان بالنسبة للأوائل كان بوصلة السنة من تيقظ في أعظم الشهور و شد عزمه سيحصّل من الوقود ما يكفيه إلى رمضان القادم إن أدركه و لذا كان رمضان إلى رمضان زاد لما بينهما . لقد قال صلى الله عليه و سلم لخذيجة إن وقت النوم ولى، النوم الجسدي بما يمثله من كل أشكال الراحة الأخرى و انصاع لأمر ربه بالقيام فقام و ظل قائما إلى أن توفاه الله.ثم إن في الفعل إيحاء آخر؛ و هو إن العبادة في أصلها جماعية و وحدة الجماعة الأولى هي الأسرة و الخطاب موجه إلى ربها و كأنه يقول له لا تكن أنانيا، فتختلي بنفسك في معتكفك و تترك أسرتك، قوامتك تبدأ أن تقيهم و نفسك من النار و تذهب بهم إلى الله و الجنة، و إذا كان هذا الأمر في الصلاة و هي العمود و الأساس و نقطة البداية و الانطلاق؛ فالأمر ينسحب على كل ما دونها من دقائق و صغائر الحياة و عظيم أمورها، أيقظ أهلك أيها الرجل و رب البيت و الولي في كل شيء، إن تعلمت فعلم، و إن خرجت إلى أجر فأخرجهم معك، و إن عملت خيرا للإسلام فيدهم مع يدك. لقد علم الرسول نصف الدين و الأحكام للسيدة عائشة و روت أمهات المؤمنين كثيرا من أحاديثه ليحملن راية التبليغ بعده. الإشارة الثانية أن الأهل أو الأسرة بأشكالها المختلفة هي روح هذا الدين، و لذا يسعى الغرب لهدمها كآخر حصون الإيمان و التربية، و مفهوم الأهل هنا واسع من أول الاسرة (النووية) الصغيرة إلى العشيرة الأكبر إلى المجتمع إلى المسلمين أجمعين و كل من شملتهم رحمة و شفقة قلب المرء، و بهذا يكون فعل الإيقاظ ليس محبوسا بين جدران أربعة و إنما واسع بقدر أرض جُعلت للمسلمين مسجدا و طهورا، يصبح العالم كله أهلك و واجبك إيقاظ كل من تستطيع أن تصله. و أما الإشارة الأخرى للأهل فهي أن للأسر قدرا عظيما في هذا الدين حتى أن الأسرة هي وحدة التكوين، كذلك في الجنة بل إن اجتماع الأسرة المحبة في الجنة هي من أعظم أجر المؤمن .لقد استيقظ أهل كثر بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم فكان لبعض الأسر تاريخ خالد ما كانت لتحصله لولا اليقظة التي أحدثها هذا الدين في نفوسهم؛ فآل عمار كانوا من الموالي و لكنهم أصبحوا سادة السادة في نفوس الصالحين الأوائل و المتأخرين، و ظلوا مثلا يضرب لمن يريد التصبر على الأذى و ظل اسمهم يتردد "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة" و الخنساء كانت لتظل البكاءة التي ينساها بعضهم و يتذكرها آخرون لولا يقظة الإسلام التي حولتها إلى أيقونة تنسب إليها كل امرأة من المتأخرين تقف ذات موقفها من استشهاد أولادها.أما في المتأخرين فكانت عائلة الشهيد نزار ريان عائلة أيقظها رب الأسرة للجهاد و ما أغلقوا عيونهم سوى شهداء، أغلب العائلة ذهبوا، عائلة مع بعضهم على نفس المبدأ كما عاشوا عليه. و الأمثلة تتزايد في مدرسة غزة الربانية خصوصا هذه الأيام ."و يوقظ أهله" عبارة قصيرة لفعل عظيم يسع كل أعمال الخير لكل الناس و لا تنتهي صلاحيته بالحياة الدنيا و إنما الاستمرار الأجمل و الراحة الكبرى هناك و هناك فقط يوم يلتقي الأولون بالآخرين ،و يجتمعون أسرا بأجمل ما كان فيهم في الدنيا " و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم و ما ألتناهم من عملهم من شيء"د.ديمة طارق طهبوب
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
و يوقظ اهله,و يوقظ اهله,و يوقظ اهله,و يوقظ اهله
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1k3tHgK
via موقع الاسلام
0 التعليقات:
إرسال تعليق