يمكن للمرء، وهو يتابع في دائرة فلسفة التاريخ، النظريات المختلفة، في تفسير التاريخ، وبغض النظر عن صوابها، أو خطئها، كفلسفات ونظريات، أن يتبين، و دونما تكلّف، أو صعوبة، أن أي جانب خاطئ، أو مفردة سلبية، من هذه النظرية أو تلك، سبق وأن أدانه القرآن الكريم، وأن أي جانب صحيح، أو مفردة إيجابية، أو كشف ذي قيمة، سبق وأن أكّده القرآن!
وبمقدور المرء، أن يجد حشودًا من شواهد الإدانة، أو التأكيد القرآني، لهذا الجانب، أو ذاك، وهي تتدفق دونما تمحّل، أو استدعاء.
( 2 )
في نظرية توينبي، في التفسير الحضاري للتاريخ -على سبيل المثال- يبرر مبدأ التحدي، والاستجابة، ومسألة الحدّ الوسط، وكيف أن السهولة البالغة للبيئة لا تستثير تحديًا، ولا تنشئ بالتالي حضارة.. وفي المقابل فإن الصعوبة البالغة، تضع الاستجابة، في حالة استحالة، وتجهض أية إمكانية لنشوء الحضارة، بالتالي. وهكذا فإن الحد الوسط، الذي تتوازن فيه المصاعب، والتيسيرات، هو الذي يشكّل نواة الاستجابة، ويمنح الفرصة للتحقق الحضاري، عبر التاريخ.
ألا يذكرنا هذا، بالآية القرآنية الكريمة: (إنا كل شيء خلقناه بقدر )(القمر:49)، وبالآية الكريمة: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء، إنه بعباده خبير بصير )(الشورى:2)، وبغيرهما من الشواهد القرآنية، التي تؤكد المعنى نفسه؟ ألا يذكرنا بالآيات الخاصة بتذليل الأرض، ومنحها المواصفات، التي تمكن الإنسان، من ممارسة مهماته العمرانية في العالم؟ وكذلك بآيات التسخير، التي تجعل العلاقة بين الإنسان والكرة الأرضية، علاقة تمهيد مسبق، وظروف مواتية، وبالقدر المناسب، لتنمية الحياة، وللتحقق بالمزيد من الإنجازات، والتيسيرات؟ ألا يذكرنا بدعوة القرآن المؤكدة، في حشود المقاطع، والآيات، إلى ضرورة التنقيب في الأرض، لاستخراج الخامات، والنظر في السماء لإدراك سننها ونواميسها، فيما يمنح الإنسان - في الحالتين - فرصة للتحقق العلمي: النظري والتطبيقي، والذي يعد أساسًا لقيام الحضارات، وديمومتها؟ ألا يذكرنا بحملة القرآن المتواصلة ضد الترف، لأنه يمنح الحياة استرخاءً أكثر، ويحيطها بالتيسيرات المبتذلة، التي يضيع معها شد القدرات، واستفزاز التحديات، على كافة المستويات، الجسدية، والنفسية، والأخلاقية، ويسوق الحياة بالتالي، إلى التفكك والدمار، في مقابل غياب متزايد للفعل والإنجاز؟
( 3 )
في النظرية المذكورة، نجد كذلك، كيف أن معظم الجماعات، والعروق البشرية، وأعطيت الفرصة، لكي تنشئ حضاراتها الخاصة بها، بغض النظر عن مواقعها في الزمن والمكان، وعن أصولها البيضاء، أو السمراء، أو الصفراء..
ألا يذكرنا هذا بالآية القرآنية الكريمة، التي تقول: (كُلاً نُمدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورًا )(الإسراء:20)، وبالآية الكريمة: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء )(الإسراء:18)؟
طبعًا، فإن هاتين الآيتين، أو أي شاهد قرآني، يتضمنه بحث، أو مقال، ينطوي على أكثر من بُعد، ويمنح أكثر من مغزى، فلا يقتصر على المعنى، الذي ذهب إليه هذا المفسر، أو ذاك، ولا يقف عنده، اللهم إلا في أنماط معينة من الآيات المعنية - مثلاً - بالعقيدة أو التشريع.
إنما يرد الاستشهاد ها هنا، أو يلتقي مع تلك الدلالات القرآنية، التي تتوازى بدرجة أو أخرى، مع كشوف، ومعطيات، مفسري التاريخ، وفلاسفته.
( 4 )
وثمة مفردة أخرى، في نظرية توينبي، يمكن أن نشير إليها هنا، إنها سقوط العثمانيين، نتيجة (ضغط) التفوّق الغربي، وبسبب من عدم الالتفات إلى حقيقة أن الانتشار العسكري، وحده، لا يحمي الجماعة، إذ لا بد أن يدعمه، ويغذيه، نموّ علمي وتطبيقي، وبخاصة في تكنولوجيا السلاح.
إننا نتذكر - هنا - التعامل القرآني مع خامة الحديد، بشكل مباشر، في الآية الخاصة بالموضوع، في السورة، التي سميت بالاسم نفسه: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس وليعلمَ اللهُ من ينصره ورسلَه بالغيب إن الله قوي عزيز )(الحديد:25). وفي المقطع الخاص بذي القرنين والسدّ الذي أقامه، لحماية المستضعفين في الأرض:
(حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولاً * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدّاً * قال ما مكني فيه ربي خيرٌ فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا * آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قِطْراً * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا )(الكهف:93-97). أو بشكل غير مباشر في الآية الخاصة بالإعداد العسكري: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )(الأنفال:60)، وبالمقطع الخاص بتسخير الطاقات الكونية، لداود وسليمان، عليهما السلام في سورة سبأ.
ولقد وقفنا طويلاً عند هذه المسألة، في أكثر من كتاب، ولكننا هنا نشير إليها، مجرد إشارة، لغرض المقارنة، بين المعطيات القرآنية، وبعض جوانب التفسير الحضاري للتاريخ، حيث نجد تأكيدًا، في المستويين، على ضرورة التصنيع، واعتماد خامات الأرض، والنمو العلمي: الصرف والتطبيقي، إذا ما أريد تنفيذ إسناد جادّ، للانتشار في الأرض، وإلا فإنه الانحسار، والتفتت، والدمار.
( 5 )
في أواخر العصر الباليوليتي، حيث أصبح زحف الجليد جنوبًا، باتجاه المراعي الأفروسية، يمثل تحديًا للجماعات البشرية، شمالي الهند، كشفت دراسة توينبي عن تشكل ثلاثة مواقف، لتلك الجماعات. فإذ بقيت إحداها في مكانها، لم تتحرك، فإنها ظلت على تخلفها وبداوتها، حيث إنها رفضت الاستجابة للتحدي الجليدي، بشكل أو بآخر.. وجماعة أخرى، كانت استجابتها محدودة، حيث تراجعت قليلاً، باتجاه الجنوب، صوب المناطق الأكثر دفئًا، ولكنها بسبب هذا المدى المحدود للاستجابة، ظلت على رعويتها. أما الفئة الثالثة، فقد نزحت إلى مكان بعيد: إلى وادي النيل في مصر، حيث شمرت عن ساعد الجدّ، بسلسلة أخرى من الاستجابات الناجحة، لضغوط البيئة هناك، وصنعت - بالتالي - الحضارة المصرية المعروفة.
وإننا لنتذكرها هنا - على المستوى العقدي - الآية الكريمة، التي تحكي عن المستضعفين في الأرض: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيه ا..)(النساء:97). ها هنا، حيث يقدم القرآن الكريم إيضاحًا، وتحفيزًا في الوقت نفسه، للحركة صوب الأحسن، عن طريق "الهجرة" التي كانت في العديد من النماذج التاريخية، سبيلاً للخلاص، والتفوق، والإنجاز.. إيضاحًا عن أن الاستسلام للضغوط، يعني اختيار حالة الضعف، والتخلف، على المستويات كافة.. وتحفيزًا للحركة من أجل صياغة عالم أكثر تقدمًا، وعطاءًا، وعدلاً: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذي يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًّا واجعل لنا من لدنك نصيرًا )(النساء:75).
والآيات التي تتحدث عن (الهجرة)، من أجل تجاوز مواقع الظلم، والقهر، والتخلف، والانتقال إلى مرحلة أفضل، تحرر المؤمنين من الضغوط، وتبارك المهاجرين، كثيرة، متنوعة، ويكفي أن نتذكر أنموذجًا آخر منها، ينطوي على دلالة واضحة، فيما نحن بصدده: (ومن يهاجرْ في سبيل الله يجدْ في الأرض مُراغمًا كثيرًا وسعةً ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يُدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورًا رحيمًا )(النساء:100)..
ويبقى الفارق الحاسم، والمنعطف الخطير، بين الهجرة، التي يدعو إليها كتاب الله، وهجرات الجماعات البشرية الضاربة في الأرض، على غير هدى، أن أولاها تمارس حركتها، بهدي من الله، وتتوجه إليه وحده، في البدء والمصير.. ومن ثم تجيء النتائج (التاريخية)، بمستوى الجهد المبذول، في الحركة، والنية الإيمانية الصادقة، التي تدفعه وتشكله.
( 6 )
وتوينبي يتحدث، عن "التقليد"، ودوره في بناء الحضارات، فيشير إلى نمطين أساسين من التقليد، الذي تمارسه الأكثريات (البرولياتارية)، كما يسميها، أحدهما: تقدمي بتقليد الأكثرية للقلة، أو النخبة المبدعة، وثانيهما: رجعي، بتقليدها للآباء والأجداد.
في الحالة الأولى، يمارس التقليد نقلاً، ونشرًا للقيم الإيجابية، في مناحي الحياة العقلية، والاجتماعية، والنفسية كافة، فيمضي بالفعل الحضاري، صوب المزيد من النمو، ويحصنه ضد عوامل الانكماش، والانحسار، والتيبس، والفناء.. وفي الحالة الثانية، يمارس التقليد خطيئة الشد الأعمى إلى الماضي، وتقليد الآباء والأجداد، تقليدًا (وثنيًّا)، بغض النظر، عن مدى سلامة مواقف الآباء والأجداد، الأمر الذي يعرقل حركة النمو الحضاري، ويشل فاعليتها، ويميل بالمجتمع إلى السكون، والتراجع، بسبب من تشنّجه على معطيات خاطئة، مضى زمنها، وانقفاله على كل دعوة جديدة، متحرّرة من الأسر، قديرة على أن تقوده، خطوات إلى الأمام.
ولطالما حدثنا كتاب الله عن هذا التقليد (السيء). هذا الموقف الرجعي، الذي يقود الأكثريات، إلى الاختباء وراء شعارات الآباء والأجداد، ضد كل دعوة جديدة، يقودها نبي أو رسول: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا )(الأعراف:28)، (قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا )(يونس:78).. (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين )(الأنبياء:53)، (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون )(الشعراء:74)، (قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا )(لقمان:21)، (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون )(الزخرف:22)، (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون )(البقرة:170)، (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا ولا يهتدون )(المائدة:104)، (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون )(الزحرف:23-24).. وغير هذه الشواهد عشرات أخرى!
إن القرآن الكريم، وهو يدين هذه المواقف الرجعية الساكنة، التي كانت واحدة من أشد عوامل المجابهة، والعداء، ضد الرسالات السماوية، إنما يدعو في المقابل إلى اتخاذ موقف تقدمي، متحرر.. بمعنى: اختيار الحركة، صوب الأمام، والتحرر من سائر الضغوط، التي يمارسها الإلف، والعادة، من خلال التشبث، بتقاليد الآباء والأجداد، التي عفا عليها الزمن.
( 7 )
وما هي إلا شواهد وأمثلة محدودة للمقارنة.. وغير التفسير الحضاري لتوينبي، هناك مثالية هيغل، ومادية ماركس، وأنغلز، ودورية اشبنغلر.. إلى آخره. ويستطيع المرء، أن يجد في بعض كشوف هذه النظريات، مفردات إيجابية قد تلتقي مع المعطى القرآني، في هذا الجانب، أو ذاك، ولكن هذا لا يعني، سواء بالنسبة لتوينبي، أم الفلاسفة الآخرين، أن نظرياتهم تلتقي مع المنظور الإسلامي في المنطلقات الأساسية، والخطوط العريضة، والتوجهات الكبرى.. إنها هنا تتعارض ابتداءً.. وهو التعارض، الذي قد يمتد من الطول إلى الطول، حيث لا لقاء أساسًا، بين الإلهي، والوضعي، ولقد أشرنا على بعض هذه التعارضات، بقدر من التفصيل، في كتاب (التفسير الإسلامي للتاريخ). إنما نود التأكيد هنا، على أنه كلما حدث، وأن تم لقاء أو تشابه ما، بين مفردة من مفردات، تلك التفاسير، وبين المنظور الإسلامي، فإن ذلك يجيء تأكيدًا لمصداقية هذا المنظور، وقدرته على الكشف المبكر.. بما أنه صادر عن الله سبحانه، ذي العلم المطلق، والذي لا يخفى عليه شيء، في الأرض، ولا في السماء.
إن الخبرة البشرية، في أنشطتها الوضعية، ليست شرًّا كلها، وهي ليست نسيجًا من الأخطاء، التي يتخللها صواب، كما قد يخيل للبعض.. إنها محاولة للكشف، قد تصل وقد لا تصل.. وهي عندما تصل، تمنح العقل البشري في العالم، إضاءة جديدة، للمسيرة التاريخية، والتشكل الحضاري. فإذا حدث، وأن جاء هذا الكشف مطابقًا للمعطيات القرآنية، وحاول امرؤ ما، أن يؤشّر عليه، فليس معنى ذلك، إحالة تلك المعطيات الإلهية، على كشوف الوضعيين واستجداء الرضا والقبول، من أصحابها..
أبدًا.. فإن هذا لا يخطر على البال، لأنه نقيض البداهات الإيمانية ابتداءًا، وإنما محاولة التحدث، باللغة التي تقنع حشودًا من أتباع المذاهب الوضعية، وأفواجًا من المعجبين، بهذه النظرية، أو تلك، في تفسير التاريخ.. وهو كذلك الانسجام، والتوافق، مع منظور الآية الكريمة التي تقول: (بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله )(يونس:39)، والآية الكريمة التي تقول: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيد )(فصلت:53).
وإلا فإنه لبدهي بالنسبة للمسلم في الأقل، سبق القرآن في الزمن، على هذه النظريات، ومصدره الإلهي، ذو العلم المطلق، ولن تكون كل الموافقات، التي تجيء فيما بعد، صادرة عن الجهد الوضعي، بأكثر من تأشيرات، تبين للناس يومًا بعد آخر، وأكثر فأكثر، مصداقية هذا الدين.
( 8 )
أما أخطاء هذه النظريات الوضعية، وتناقضاتها، ومطباتها، فإننا نجد قبالتها، وبالسهولة، والتدفق نفسه، شواهد القرآن، التي تدين، وترفض، وتستبعد، والتي تقدم، أو هي قدمت، منذ قرون متطاولة، البدائل التي تتميز بثباتها، وصدقها، وديمومتها، ولقد وقفنا طويلاً، عند نماذج عديدة، من هذا التعارض في كتاب (التفسير الإسلامي للتاريخ).
وإنما نحب، أن نشير هنا، مجرد إشارة، قد تغني عن كل تفصيل، كيف أن نظريات التفسير الوضعي للتاريخ، كافة، وقد أقام بعضها دولاً، وكسب بعضها الآخر حشودًا من الاتباع والمعجبين، ما بين المفكر، والمتلقي، أخذت تتساقط، الواحدة تلو الأخرى، وينفض عنها السامر والجليس، ولن يكون آخرها انهيار وسقوط الماركسية، نظرية وتطبيقًا.. إنما هو قدر الله الذي يمضي أبدًا، لكي يبطل، ويمحو، كل ما لا ينسجم، ويتوافق، ويصدر عن علم الله: (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون )(الأنفال:8).
0 التعليقات:
إرسال تعليق