وظائف شركات البترول
الرئيسية » » 1435أحمر فوشيا !!اسلام

1435أحمر فوشيا !!اسلام

Written By Unknown on الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014 | 2:08 م

أحمر فوشيا !!





الكاتب : علاء الدين حمدي | القسم : اتجاهات فكرية



أول عهده بدنيا المعمل .. لفت انتباهه زجاجات مرصوصة على رف قديمة، سأل أصدقاءه .. جاءه رد دون مبالاة .. "صبغات ألوان كيميائية منتهية الصلاحية". أعجبه تعبير "منتهية الصلاحية" .. بالتأكيد سيمنحه فرصة التخلص منها بهدوء لإعادة ترتيب المعمل ! .. دقق النظر فى بطاقات التعريف المختلفة .. أسود لون الكآبة .. ما أكثرها! أزرق لون الفقر .. وهل للفقر لون ؟! ما علينا ، بزرميط يتلون حسب شعاع الضوء .. كمية ضخمة ! أخضر باهت يعكس حيرة رقصه بين الألوان .. تأمل بطاقته الكالحة .. تذكر عمنا أحمد رجب والرائع مصطفى حسين وشخصية "الكُحِّيت".. ذلك الرث المعدم فى بيته الصفيح وبركته الآسنة، وحديثه الممل عن أصوله العريقة قبل البهدلة، وفشّره الدائم عن مزاجه فى احتساء "الكورفازييه" بعد تناول "الفواجراه" و"الفراولة أورنو"، ابتسم وهمس للأخضر الذى فقد لونه .. "فوق بقى .. إنت لسه مصدق نفسك" ؟! ــ أكمل جولته .. توقف عند واحدة مرصوصة بعناية مبالغ فيها .. "أحمر فوشيا" ! لم ترق له ! .. سمع عنها من قبل لكنها المرة الأولى التى يجد نفسه مضطراً للتعامل معها مباشرة .. ما كل هذا التأمين والحرص؟ لم يجد إجابة شافية، فالمعمل يفتقد الخبراء الحقيقيين، انتهت صلاحيتهم كأغلب تلك الصبغات على الرف القديمة، ورغم ذلك سأل فأجابوا .. لاتهتم للدرجة، هي مجرد صبغة عادية !!! ــ لم يطمئن للإجابة، وَمَضَ داخله إحساس رهبة غريب ! راوده الشك فى كلام بروفيسورات الألوان، رجلنا عالمٌ كبير فى مجاله لكنه ليس خبيرا فى ألوان الصبغات الكيميائية ! ماذا يفعل ؟ سأل رجال العلاقات العامة بالمعمل الكبير، سألهم؛ ولم يلحظ أثار نعمة البروفيسورات واضحة على قمصانهم الغالية وربطاتهم الأنيقة تطوق الأعناق، أجابوه جميعا كشريط التسجيل: طبعاً عليك ببروفيسورات المعمل .. هم النخبة .. هم الكريمة .. هم قشطة الحليب كاملة الدسم !! ــ هناك، فى طرف مظلم من ناحية المعمل .. مدرس كهل متواضع يشرح لتلاميذه صفحة من درس الصبغات والألوان: "أحمر فوشيا Fuchsin basic" صبغة لها استخدامات طبية نافعة، لكنها شديدة الخطورة، جزيآتها أخف من الجاذبية .. إذا فُتِح غطاء الزجاجة دون حرص، تنتشر حتى إلى داخل الرئتين .. غبارها لا يُرى بالعين المجردة .. يظهر لونها الحقيقي مع غسل المكان أو الجسد بالماء أو الكحول ويستحيل التطهير الكامل، ويستحيل انتزاع أثرها من الصدور ! ــ يدخل رجلنا لإعادة ترتيب المعمل، كثيرون حوله أصواتهم نعيق، ملابسهم غريبة أشبه بمهرجي السيرك، إنهم بروفيسورات معمل الألوان .. "جُهّال الأروقة الكذبة " بنعيقهم العربيد المجنون .. هو نفسه ما صنع فأودى بمدير المعمل، ذاك السابق والأسبق، ما أخشاى على معملنا وعلى هذا القادم .. يهمس مدرسنا لتلاميذه. ــ يزدحم المعمل .. تتجاوز حدة النعيق قدرة الأذن البشرية على التحمل .. يبدأ رجلنا بزجاجة "أحمر فوشيا" .. تصفيق بروفيسورات الألوان يتوهج وقد "اجتاحتهم شهوةُ عربدةٍ فظَّة".. نعيقهم يعلو لا يُعلى عليه .. صَمَّ أُذُني الرجل إلا من "سفسفةٍ أو تهتهةٍ أو شقشقةٍ محمومة" .. تقترب يده من الزجاجة .. مدرسنا المتواضع، مذعوراً، لبروفيسور اللون الأخضر، ذاك الباهت، : سيدي .. أنت تعلم جيداً خطر ما سيحدث .. أرجوك .. تدخل .. يشيح البرفيسور بوجهه المكتنز المترف ! .. يصرخ المدرس فى رجلنا .. احترس سيدي .. إنهم يخدعونك .. لا تصدق لحن ولا لحم الكلمات المطعون تلوكهُ أشداقُ فارغةُ قذرة .. سيتلوث معملك بكامله إن حطمت زجاجتنا الحمراء الفوشيا .. فلتبق مجتمعةَ موضع بصرك .. فلو انتثرت تفقد نفعيتها .. المستحيل هو جمعها فى عبوتها من جديد .. ستصبح كل غبارة بقعة تلويث ضخمة وفق مزاجها دون ضوابط، لا رابط يجمعها .. وستنفق وقتك تتعامل مع كل منها بطريقة مختلفة ! يضيع صوت مدرسنا الكهل المتواضع بين نعيق ونقيق وقرعٍ لطبول اقتحمت معملنا فجأة تهيئة للغزوة، رجال العلاقات العامة يتولون تهيئة التلاميذ، يقودون نعيق الجوقة بعصا موسيقار متخضرم، أروع إبداعاته كانت خلف الراقصة الشمطاء داخل حانة وضيعة !! .. احترس .. أتوسل اليك .. لا تصدق بروفيسورات الألوان .. لا تمنحهم أذنيك .. العبء على كاهلك لوحدك سوف يكون، والعاقبة علينا وعلى المعمل، ما زال مدرسنا يتوسل، أنت ستذهب يوما ما وسيبقى المعمل، يصرخ .. احترس .. احترس ..... طراخ .. !! قُضِي الأمر .. انكسرت الزجاجة .. الغبار الخفي يسبح فى هواء المعمل .. يلتصق بالجدران .. يتسرب إلى الشقوق .. إلى الرئات .. .. يخترق نسيج الثياب .. الصبغة على الأرض تنتشر عشوائياً فى كل مكان بالغرفة .. تلتصق بالكعوب .. تنقلها الأقدام إلى كل الطرقات حول المعمل .. إلى البيوت .. إلى الصحراء .. إلى المزارع .. إلى الحدود، غبارها يتسرب إلى أوراق بروفيسور سيسافر غدا أو بعد الغد، يتسرب حتى إلى ملابس رجلنا دون أن يشعر ! ــ يعلو التصفيق من جديد .. ينتشي صاحبنا .. يخرج الجميع .. غبار "أحمر فوشيا" داخل صدورهم .. على جلودهم ولا يرونه .. تصطف بروفيسروات الألوان .. تتحاكك أقفيتهمُ .. "تتخافت أصواتهم فى همهمة أو ثأثأة أو فأفأة أو ما شابه من أصوات" .. صحن وشوكة يحملها كل منهم ينتظر نصيبه من كعكة موقعة الفوشيا، "قول واحد .. سنحتفل بعد الانتهاء من ترتيب المعمل" .. يقول رجلنا بحسم، على خلفية إحساس غريب داهمه تجاه بروفيسورات الألوان ! ــ يبدأ التطهير .. ومع أول نقطة كحول .. يفاجأ رجلنا بلون الأحمر فوشيا يظهر فى بقعة عنيفة تلطخ المكان الجميل، ينظر إلى بروفيسورات الألوان، لائماً ؟ ربما، متوعدا ؟ لعله أفاق، نكسو على رؤوسهم .. "لقد علمت ما هؤلاء ينطقون" .. جاءه صوت مدرسنا الكهل المتواضع !! يشعر بالورطة .. يستدعي خيالات صراخه .. لم يتبين وقتها ما قال .. يكتم غيظه فليس من الحكمة إظهاره .. تماسك يا رجل .. قلبي معك، يرتبك المعمل .. يستنزف الرجل قوته جميعاً للقضاء على التلوث، ما كان أغناك عن ذلك لولا توريطهم، يتمتم رجلنا، يطرد بروفيسورات الألوان ومسئولي العلاقات العامة ويقرر الاستعانة بتلاميذ المعمل، أو ذلك ما يتمناه مدرسنا الكهل المتواضع .. (المرتكن) هناك .. فى طرف مظلم من ناحية المعمل. من الخيال العلمى !! ضمير مستتر: أحلى ما فيها أنك تنعي هذا الجيلَ الآسن؛ جيل لا يصنع إلا أنْ ينتظر القادم، جيل قد أدركه الهِرَمُ على دككِ المقهى والمبغَى والسجن، جيل مملوء بالمهزومين الموتى قبل الموت. صلاح عبد الصبور علاء الدين حمدى شوَّالى aladdinhamdy@yahoo.com





المصدر





اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,



أحمر فوشيا !!,أحمر فوشيا !!,أحمر فوشيا !!,أحمر فوشيا !!

from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1sXNFZD

via موقع الاسلام
شارك هذاه المقالة :

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
شركائنا : قانون | وظائف ذهبية | softpedia download
copyright © 2013. موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) - بعض الحقوق محفوظة
القالب من تصميم Creating Website و تعريب وظائف ذهبية
بكل فخر نستعمل Blogger