نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني
الكاتب : إبراهيم محمد صديق | القسم : نقد ومراجعات

تعرضنا في الجزء الأول إلى ظاهرة نقد السّلفية وبينّا ما السلّفية ؟ وما أبرزُ الأخطاء التي يقع فيها بعض أتباع السلفية والتي لها دور كبيرٌ في إشعالِ نار الخطابات النقدية؛ وسنتكلم في هذا الجزء عن الخطابات النقدية؛ أهي مصيبة فيما تقول أم أن فيها عدم موضوعية؟ لماذا الإجحاف؟! الخطاباتُ النقدية ضدّ السلفية خطاباتٌ مأزومةٌ غير موضوعية وتتجاوز غالبًا موضوعَ المشكلة إلى مواضع أُخَر، وفي تلك الخطابات نرى من الإجحاف مالا يرتضيه أصحاب تلك الخطابات إذا قرأوها باتزانٍ، وأصحاب النقد يرتكبون العديد من الأخطاء وليست أية أخطاء؛ بل هي أخطاءٌ منهجية في كيفية النقد، وسنسلط الضوء في هذا المقال على بعض ما اتصفت به تلك الخطابات النقدية لنرى أين أخطأت ؟ فمن الأخطاء: أولا/ التهجّم على المنهج السلفي بسببِ أخطاءِ أتباع المنهج، وعدم التّفريق بين الأخطاء الشّخصية والتي هي عن اجتهاداتٍ شخصية وبين المنهج، وهذا أكبر خطأٍ يرتكبه نقّاد المنهج السلفي، فعند أيِّ خطأ يرتكبُه أحد أتـباع المنهج تتحوّل الملتقيات الثقافية ومواقع التواصل إلى ساحاتٍ مشتعلة بالردود على السّلفية والتهكّم بها، وهذا خطأٌ منهجي لا يرتكبه عاقل؛ فأيُّ منهجٍ في الدنيا لايتحمّل الأخطاء الفرديّة التي يقعُ فيها أتباعُها وذلك أنَّهم في ذلك الخطأِ لايُمثِّلون المنهج ولايتبعونه، فالمنهج قِـيمٌ ومُثلٌ وتعاليمٌ ينبغي التمسّك بها، والخروج عنها ليس من تعاليم المنهج فلا يتحمله. وهذا الخطأ في الحقيقة يبيّن لنا مقدار الحقد الذي يملكُه بعضهم تجاه المنهج السلفي فيظل يبحث عن أي خطأٍ ليلصقه بالمنهج وإن كان في ذلك قد جانبَ المنهج السّليم في النقد. وينبغي أن نعلم جيّدًا أن السّلفية منهجٌ لاجماعة؛ فليس ثمَّ ممثل رسمي لها ولاناطقٌ رسمي من أتباعها يكون كلامه هو الفَيصل في فَهم المنهج، وكون الشخص يتكلَّمُ باسم السّلفية وينتسب إليها لايعني أنّه يمثّل السلفية؛ فهو يمثلها فيما يصيب ويوافق فيه المنهج، أما أخطاؤه فيتحمّلها شخصيّا فالمنهج لايتحمل أخطاء الأشخاص بل خطأ شخص لايتحمله الآخر فكيف يُحمّلون المنهج بأكمله أخطاء فردية؟! ومن هنا يجب أن نفهم أن الصورة المكوّنة لدى الكثيرين عن السّلفية هي خاطئة في الأساس، فليست السلفيةُ جماعة محددة إذا أخطأ بعض أفرادها أخطأت السلفية وإذا أصاب أفرادها أصابت هي أيضا, وهذا المفهوم ضروريٌّ جدًّا بل هو يحلُّ أغلب المشكلات الفكريّة عند نقّاد المنهج السلفي وهو الموضوع الأهم الذي يخفى على الكثيرين فيحكمون على المنهج بناء على تصرفات أفراد. ثانيا / التعدّي على الذوات؛ وهذه سمةٌ يتسم بها ضعاف النفوس وتُبين أن بعضهم همّه النّيل من المنهج بالنيل من أتباعه، فتراهُ حينما يناقشُ خطأ وقع فيه بعضُ أتباع السلفية يتجاوزُ الخطأَ إلى التهكّم بالذوات، والطامّة الكبرى حينما يُعمّمُ ذلك فيقول (كلّ أصحاب اللحى وكل أصحاب الثّياب القصيرة هكذا) وهذا الإنسان لايفتقدُ المنهج في النقد فحسب؛ بل يفتقر إلى الأخلاق العامة في التعامل مع الناس، وفي الحقيقة يجب أن نسلّط الضوء بشكل أكبر على هذه الظّاهرة -أو أشبه بالظاهرة- في وقتنا الحالي وهي أن الملتزم يحرمُ عليه أشياء كثيرة هي في الدين مباحات، فلا يمتلك سيارة جيدة ولابيتًا فاخرا إلا ويتكلّم فيه الناس، وينبغي أن يعلم هؤلاء أن الرهبانية لاتوجد في ديننا وربما نرجع إلى هذه الظاهرة بموضوعٍ مستقل. ثالثا / التعميم؛ فالخطاب النقدي يعيش حالة فوضوية في التعميم فخطأٌ واحد كافٍ لشتم المنهج وجميع من ينتهجُ هذا المنهج وكافٍ ليغطي على جميع حسنات ذلك الشخص؛ فإذا أصدر عالمٌ مثلا فتوى فيها تشديد ليس من الدين تجد بعضهم يعمّم هذا على الجميع فيقول ( كل العلماء متشدوون ) فلغة التعميم غير مستساغة وغير صائبة، بل حينما يبحثُ الإنسان برويّةٍ واتزان يجد أن نسبة من يرتكبُ الأخطاء من مجموعِ العلماء والدعاة هي نسبة ضئيلة، فالمخطئ واحدٌ أو اثنان، وغالبًا في الفتاوى الشاذّة والمتشددة ينفردُ عالمٌ واحد أو عالمان ولكن بعض الخطابات النقدية تعمّم حتى تجعل هذا الرأي هو رأي الجميع فتُشنِّع عليهم كلهم. رابعا / الطعنُ بما لايوجب ذلك؛ فليس كل ماينتقده الناسُ هو في الحقيقة خطأ، بل تجد أن الناس قد يتفق أغلبهم على ذمّ أمرٍ ما، وكلهم مخطئون، وعلى الأقل يكون ذلك الأمر من الأمور التي تقبل وجهات النظر، وهذا كثير في الخطابات النقدية للسلفية وعلمائها؛ من ذلك مثلا قولُهم إن العلماء علماء سلطة فلا ينصحون السلطة الحاكمة ولايُنكرون على أخطائها أو يَقولون إنَّ العلماء مُنصرفون عن همومِ النّاس ومشكلاتهم الاجتماعية ولا يسعون في عمل إصلاحاتٍ تمسُّ الوضع العام وغيرها من التهم التي فيها إجحاف وترمى جزافا، فعدمُ علمنا بالإنكار والمساعي الإصلاحية لا يعني عدم وجودِ هذه الجهود، والنّصيحة والإنكاُر في الأساس تكون سرًّا؛ فهذا اتهامٌ دون علمٍ وبينة، ولْـتشاهد الشيخ محمد مختار الشنقيطي وهو يُبين حقيقة إنكارِ العلماء، والخطاباتِ المرسلة إلى السلطة في أي منكر يرونه والمقطع موجود على اليوتيوب، وحتى إن صحّ عن بعضهم أنه لاينكر فليس ثمّ أمرٌ يدعو إلى الطعن فيه، فالإنكار درجاتٌ وربما هو غير مستطيع، القصد أن هذه الأمور ليست هي مدعاة إلى الطعن، وأعلى درجاتها أن ينصح الإنسان سرًّا وحتى لو يُطالبُ علنًا يجب أن لايكون ذلك طعنا في الشخص. وأخيرا: فإن النقد أساس البناء والنقد الموجّه إذا كان للسلفيين فيجب أن يقبلوه ويفرحوا به، وهذا مما يزيد البناء قوة؛ لكن لايوجه اللوم على السلفية كمنهجٍ إلا أن تخالف المنهج في أصوله فهذا باب آخر وموضوع غير موضوعنا هذا، ويجب أن يعرف المنتقد أن النقد هدفه البناء لا الهدم، وأنه منهجٌ له حدوده وأخلاقياته ولا يجوز للناقد أن يتجاوزها. أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1pSZDpx
via موقع الاسلام
الكاتب : إبراهيم محمد صديق | القسم : نقد ومراجعات
تعرضنا في الجزء الأول إلى ظاهرة نقد السّلفية وبينّا ما السلّفية ؟ وما أبرزُ الأخطاء التي يقع فيها بعض أتباع السلفية والتي لها دور كبيرٌ في إشعالِ نار الخطابات النقدية؛ وسنتكلم في هذا الجزء عن الخطابات النقدية؛ أهي مصيبة فيما تقول أم أن فيها عدم موضوعية؟ لماذا الإجحاف؟! الخطاباتُ النقدية ضدّ السلفية خطاباتٌ مأزومةٌ غير موضوعية وتتجاوز غالبًا موضوعَ المشكلة إلى مواضع أُخَر، وفي تلك الخطابات نرى من الإجحاف مالا يرتضيه أصحاب تلك الخطابات إذا قرأوها باتزانٍ، وأصحاب النقد يرتكبون العديد من الأخطاء وليست أية أخطاء؛ بل هي أخطاءٌ منهجية في كيفية النقد، وسنسلط الضوء في هذا المقال على بعض ما اتصفت به تلك الخطابات النقدية لنرى أين أخطأت ؟ فمن الأخطاء: أولا/ التهجّم على المنهج السلفي بسببِ أخطاءِ أتباع المنهج، وعدم التّفريق بين الأخطاء الشّخصية والتي هي عن اجتهاداتٍ شخصية وبين المنهج، وهذا أكبر خطأٍ يرتكبه نقّاد المنهج السلفي، فعند أيِّ خطأ يرتكبُه أحد أتـباع المنهج تتحوّل الملتقيات الثقافية ومواقع التواصل إلى ساحاتٍ مشتعلة بالردود على السّلفية والتهكّم بها، وهذا خطأٌ منهجي لا يرتكبه عاقل؛ فأيُّ منهجٍ في الدنيا لايتحمّل الأخطاء الفرديّة التي يقعُ فيها أتباعُها وذلك أنَّهم في ذلك الخطأِ لايُمثِّلون المنهج ولايتبعونه، فالمنهج قِـيمٌ ومُثلٌ وتعاليمٌ ينبغي التمسّك بها، والخروج عنها ليس من تعاليم المنهج فلا يتحمله. وهذا الخطأ في الحقيقة يبيّن لنا مقدار الحقد الذي يملكُه بعضهم تجاه المنهج السلفي فيظل يبحث عن أي خطأٍ ليلصقه بالمنهج وإن كان في ذلك قد جانبَ المنهج السّليم في النقد. وينبغي أن نعلم جيّدًا أن السّلفية منهجٌ لاجماعة؛ فليس ثمَّ ممثل رسمي لها ولاناطقٌ رسمي من أتباعها يكون كلامه هو الفَيصل في فَهم المنهج، وكون الشخص يتكلَّمُ باسم السّلفية وينتسب إليها لايعني أنّه يمثّل السلفية؛ فهو يمثلها فيما يصيب ويوافق فيه المنهج، أما أخطاؤه فيتحمّلها شخصيّا فالمنهج لايتحمل أخطاء الأشخاص بل خطأ شخص لايتحمله الآخر فكيف يُحمّلون المنهج بأكمله أخطاء فردية؟! ومن هنا يجب أن نفهم أن الصورة المكوّنة لدى الكثيرين عن السّلفية هي خاطئة في الأساس، فليست السلفيةُ جماعة محددة إذا أخطأ بعض أفرادها أخطأت السلفية وإذا أصاب أفرادها أصابت هي أيضا, وهذا المفهوم ضروريٌّ جدًّا بل هو يحلُّ أغلب المشكلات الفكريّة عند نقّاد المنهج السلفي وهو الموضوع الأهم الذي يخفى على الكثيرين فيحكمون على المنهج بناء على تصرفات أفراد. ثانيا / التعدّي على الذوات؛ وهذه سمةٌ يتسم بها ضعاف النفوس وتُبين أن بعضهم همّه النّيل من المنهج بالنيل من أتباعه، فتراهُ حينما يناقشُ خطأ وقع فيه بعضُ أتباع السلفية يتجاوزُ الخطأَ إلى التهكّم بالذوات، والطامّة الكبرى حينما يُعمّمُ ذلك فيقول (كلّ أصحاب اللحى وكل أصحاب الثّياب القصيرة هكذا) وهذا الإنسان لايفتقدُ المنهج في النقد فحسب؛ بل يفتقر إلى الأخلاق العامة في التعامل مع الناس، وفي الحقيقة يجب أن نسلّط الضوء بشكل أكبر على هذه الظّاهرة -أو أشبه بالظاهرة- في وقتنا الحالي وهي أن الملتزم يحرمُ عليه أشياء كثيرة هي في الدين مباحات، فلا يمتلك سيارة جيدة ولابيتًا فاخرا إلا ويتكلّم فيه الناس، وينبغي أن يعلم هؤلاء أن الرهبانية لاتوجد في ديننا وربما نرجع إلى هذه الظاهرة بموضوعٍ مستقل. ثالثا / التعميم؛ فالخطاب النقدي يعيش حالة فوضوية في التعميم فخطأٌ واحد كافٍ لشتم المنهج وجميع من ينتهجُ هذا المنهج وكافٍ ليغطي على جميع حسنات ذلك الشخص؛ فإذا أصدر عالمٌ مثلا فتوى فيها تشديد ليس من الدين تجد بعضهم يعمّم هذا على الجميع فيقول ( كل العلماء متشدوون ) فلغة التعميم غير مستساغة وغير صائبة، بل حينما يبحثُ الإنسان برويّةٍ واتزان يجد أن نسبة من يرتكبُ الأخطاء من مجموعِ العلماء والدعاة هي نسبة ضئيلة، فالمخطئ واحدٌ أو اثنان، وغالبًا في الفتاوى الشاذّة والمتشددة ينفردُ عالمٌ واحد أو عالمان ولكن بعض الخطابات النقدية تعمّم حتى تجعل هذا الرأي هو رأي الجميع فتُشنِّع عليهم كلهم. رابعا / الطعنُ بما لايوجب ذلك؛ فليس كل ماينتقده الناسُ هو في الحقيقة خطأ، بل تجد أن الناس قد يتفق أغلبهم على ذمّ أمرٍ ما، وكلهم مخطئون، وعلى الأقل يكون ذلك الأمر من الأمور التي تقبل وجهات النظر، وهذا كثير في الخطابات النقدية للسلفية وعلمائها؛ من ذلك مثلا قولُهم إن العلماء علماء سلطة فلا ينصحون السلطة الحاكمة ولايُنكرون على أخطائها أو يَقولون إنَّ العلماء مُنصرفون عن همومِ النّاس ومشكلاتهم الاجتماعية ولا يسعون في عمل إصلاحاتٍ تمسُّ الوضع العام وغيرها من التهم التي فيها إجحاف وترمى جزافا، فعدمُ علمنا بالإنكار والمساعي الإصلاحية لا يعني عدم وجودِ هذه الجهود، والنّصيحة والإنكاُر في الأساس تكون سرًّا؛ فهذا اتهامٌ دون علمٍ وبينة، ولْـتشاهد الشيخ محمد مختار الشنقيطي وهو يُبين حقيقة إنكارِ العلماء، والخطاباتِ المرسلة إلى السلطة في أي منكر يرونه والمقطع موجود على اليوتيوب، وحتى إن صحّ عن بعضهم أنه لاينكر فليس ثمّ أمرٌ يدعو إلى الطعن فيه، فالإنكار درجاتٌ وربما هو غير مستطيع، القصد أن هذه الأمور ليست هي مدعاة إلى الطعن، وأعلى درجاتها أن ينصح الإنسان سرًّا وحتى لو يُطالبُ علنًا يجب أن لايكون ذلك طعنا في الشخص. وأخيرا: فإن النقد أساس البناء والنقد الموجّه إذا كان للسلفيين فيجب أن يقبلوه ويفرحوا به، وهذا مما يزيد البناء قوة؛ لكن لايوجه اللوم على السلفية كمنهجٍ إلا أن تخالف المنهج في أصوله فهذا باب آخر وموضوع غير موضوعنا هذا، ويجب أن يعرف المنتقد أن النقد هدفه البناء لا الهدم، وأنه منهجٌ له حدوده وأخلاقياته ولا يجوز للناقد أن يتجاوزها. أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني,نقد السلفية .. من المخطئ؟! الجزء الثاني
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1pSZDpx
via موقع الاسلام

0 التعليقات:
إرسال تعليق