عباس يقدم وعد بلفور جديد!
الكاتب : غزة/ صالح النعامي | القسم : أصداء سياسية

من أسف، يأبي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلا أن يخيب أمل كل من يحاول البحث عن أي قاسم لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني عبر أنماط مختلفة من السلوك، التي تقلص المساحات المشتركة التي يمكن أن تقف عليها الفصائل الفلسطينية مجتمعة. إن هناك مخاوف حقيقية أن يسهم المسار التفاوضي الذي يسلكه عباس حالياً في تصفية القضية الفلسطينية، عبر قبوله صيغ حلول تنسف الحقوق الوطنية. إن أخطر ما كشف النقاب عنه في هذا الجانب هو التصريح الذي أدلى به القيادي في حركة "فتح" نبيل عمرو، والذي أعلن فيه أن عباس يتجه للتعاطي "إيجابياً" مع المطلب الأمريكي الإسرائيلي بالاعتراف بيهودية الدولة. وعند البحث والاستقصاء عن الصيغة التي يعكف عليها الأمريكيون وبعض العرب حالياً والهادفة إلى تأمين "مخرج" يسمح لعباس بالنزول عن السلم والتراجع عن موقفه الرافض للاعتراف بيهودية "إسرائيل"، تبين أن "المخرج" المقترح يتمثل في أن تقوم جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بالاعتراف بيهودية "إسرائيل"، ونظراً لأن منظمة التحرير عضو في الجامعة العربية، فأنها تصبح ضمناً ملتزمة بقرارات الجامعة، وضمنها الاعتراف بيهودية "إسرائيل". بكلمات بسيطة، إن كانت هناك تداعيات خطيرة لاعتراف الفلسطينيين بيهودية "إسرائيل"، فإن عباس مستعد لتوسيع دائرة الاعتراف بهذه الصيغة لتشمل ليس فقط العالم العربي، بل العالم بأسره، لمجرد أن هذا يمثل "مخرجاً" يغطي على التنازل الكبير.تجريم النضال الوطنيالذي يثير المرارة والحنق، حقيقة أن الاعتراف بيهودية "إسرائيل" يعني تجريم النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال،الذي امتد على مدى عقود طويلة، وسقط خلاله عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وعانى من أجله مئات الآلاف من الفلسطينيين قسوة قيد السجان الصهيوني. فكما يقول نتنياهو وكل مركبات النخبة السياسية والثقافية والإعلامية في تل أبيب، فأن الاعتراف بيهودية "إسرائيل" يعني أولاً وقبل كل شئ أن الأرض التي أعلنت عليها إسرائيل (فلسطين)، هي الوطن القومي لليهود، وأنه لا حق لشعب آخر على هذه الأرض. وعلى هذا الأساس، ليس من المستبعد أن يطالب الكيان الصهيوني في حال اعترف الفلسطينيون بيهودية "إسرائيل" ممثلي الشعب الفلسطيني بتقديم تعويضات على ما "لحق" باليهود من "أذى" خلال النضال، على اعتبار أن الفلسطينيين "شنوا عدواناً" على اليهود "أصحاب الحق الأصليين" لأنهم طالبوا بأرض تعود لـ "شعب آخر". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:ماذا سيقول عباس لذوي الشهداء والأسرى والجرحى ولأبناء شعبه، الذين يعتقدون أن نضالهم الوطني ضد الاحتلال محق ومشروع. من أسف، في حال تبين أن ما نقله نبيل عمرو دقيق (لا يوجد سبب يدفع للاعتقاد بغير ذلك) فأن عباس يوجه طعنة نجلاء للنضال الوطني الفلسطيني، ويصيبه في مقتل.أرض المستوطنينمن أسف، إن نظرة متفحصة تدلل على أن كل مركبات خطة "كيري" تنسجم مع الاعتراف بيهودية "إسرائيل"، أي التعامل مع فلسطين باعتبارها "الوطن القومي للشعب اليهودي"، كما يحلو لنتنياهو القول. إن أوضح دليل على ذلك، كان بلا شك التصريحات التي أدلى بها كيري نفسه لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الأربعاء الماضي، عندما قال إنه لا يوجد سبب يدفع لتفكيك المستوطنات وإخلاء أي مستوطن يهودي من بيته!!!. ومن الواضح أن هذه التصريحات تأتي انسجاماً مع الاعتراف بيهودية "إسرائيل"، وكأن كيري يريد القول: "كيف يمكن التفكير بمطالبة اليهود بمغادرة الضفة الغربية التي تمثل جزءاً من أرضهم القومية". من الصعب جداً التفكير بأن كيري يطرح مثل هذه الأفكار، دون أن يكون عباس على معرفة بها، ومن غير المستبعد أن يكون يقبل بمثل هذه المواقف، سيما وأن قنوات التلفزة والصحف الإسرائيلية سربت أنباء حول موافقة عباس على ذلك. إن ما قاله كيري وما ينسبه نبيل عمرو لعباس يدلل –ويا للأسف- على مصداقية كل التسريبات الإعلامية "الإسرائيلية" التي تحدثت عن "اختراقات" في المفاوضات السرية بين الجانبين، ومن الواضح أن "الاختراقات" كانت تتحقق عبر التنازلات التي كان يقدمها عباس وفريقه التفاوضي. لقد فاجأت الوزيرة الصهيونية تسفي ليفني، رئيس الطاقم التفاوضي الصهيوني عندما أبلغت زملاءها في الحكومة بأن عباس "سيفاجأ" وسيعترف بيهودية "إسرائيل".تفريط في كل القضاياما يؤلم أن عباس لا يقدم تنازلات في قضية لكي يصر على موقفه في القضايا الأخرى، بل يقدم تنازلات في كل القضايا، بشكل يفضي إلى تصفية القضية الوطنية. فعلى سبيل المثال، هو لا يتنازل بالاعتراف بيهودية "إسرائيل" ويتشدد في قضية القدس. فعلى سبيل المثال، ضمت خطة "كيري" بنداً ينص على أن "عاصمتي الدولتين اليهودية والفلسطينية ستكونان في القدس"، دون أن يتم تحديد عاصمة كل منهما. وقد تبين أن الغموض في هذه القضية يأتي لخدمة الموقف "الإسرائيلي" من القدس، حيث أن هذا التعريف الفضفاض وعدم تحديد حدود القدس يعني أن "عاصمة الدولة الفلسطينية" يمكن أن تعلن في أي من البلدات الفلسطينية المحيطة بالقدس، مثل أبو ديس أو شعفاط أو العيزرية. فبما أن المطلوب هو تقديم "تخريجات" لفظية للتغطية على التنازلات الهائلة، فأن هذه الطريقة تصلح للتعاطي مع كل القضايا من أجل لف انجازات الصهاينة في المفاوضات بالغموض.إن الذي يثير الإحباط حقيقة أن عباس يتنازل دون أن يواجه معارضة فلسطينية داخلية. فحركة حماس المشغولة بتبعات الحكم في ظل الحصار الخانق الذي يشتد يوماً بعد يوم غير قادرة على ممارسة ضغط حقيقي على عباس. في حين أن سقف معارضة قوى اليسار محدود، حيث أن عباس يلقي لهذه الفصائل بالفتات، ويعرف كيف يقطعه من أجل الترويض. علاوة على أن فصائل فلسطينية أخرى تربط سلوكها الداخلي بمصالح قوى خارجية. ومع ذلك، فأن المسار التفاوضي سيفشل، بسبب ترف التطرف الذي يعاني منه قادة حزب الليكود الحاكم، الذين يعارضون حتى "التخريجات" ويطالبون بتنازل واضح وصريح.
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1fDTR4R
via موقع الاسلام
الكاتب : غزة/ صالح النعامي | القسم : أصداء سياسية
من أسف، يأبي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلا أن يخيب أمل كل من يحاول البحث عن أي قاسم لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني عبر أنماط مختلفة من السلوك، التي تقلص المساحات المشتركة التي يمكن أن تقف عليها الفصائل الفلسطينية مجتمعة. إن هناك مخاوف حقيقية أن يسهم المسار التفاوضي الذي يسلكه عباس حالياً في تصفية القضية الفلسطينية، عبر قبوله صيغ حلول تنسف الحقوق الوطنية. إن أخطر ما كشف النقاب عنه في هذا الجانب هو التصريح الذي أدلى به القيادي في حركة "فتح" نبيل عمرو، والذي أعلن فيه أن عباس يتجه للتعاطي "إيجابياً" مع المطلب الأمريكي الإسرائيلي بالاعتراف بيهودية الدولة. وعند البحث والاستقصاء عن الصيغة التي يعكف عليها الأمريكيون وبعض العرب حالياً والهادفة إلى تأمين "مخرج" يسمح لعباس بالنزول عن السلم والتراجع عن موقفه الرافض للاعتراف بيهودية "إسرائيل"، تبين أن "المخرج" المقترح يتمثل في أن تقوم جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بالاعتراف بيهودية "إسرائيل"، ونظراً لأن منظمة التحرير عضو في الجامعة العربية، فأنها تصبح ضمناً ملتزمة بقرارات الجامعة، وضمنها الاعتراف بيهودية "إسرائيل". بكلمات بسيطة، إن كانت هناك تداعيات خطيرة لاعتراف الفلسطينيين بيهودية "إسرائيل"، فإن عباس مستعد لتوسيع دائرة الاعتراف بهذه الصيغة لتشمل ليس فقط العالم العربي، بل العالم بأسره، لمجرد أن هذا يمثل "مخرجاً" يغطي على التنازل الكبير.تجريم النضال الوطنيالذي يثير المرارة والحنق، حقيقة أن الاعتراف بيهودية "إسرائيل" يعني تجريم النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال،الذي امتد على مدى عقود طويلة، وسقط خلاله عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وعانى من أجله مئات الآلاف من الفلسطينيين قسوة قيد السجان الصهيوني. فكما يقول نتنياهو وكل مركبات النخبة السياسية والثقافية والإعلامية في تل أبيب، فأن الاعتراف بيهودية "إسرائيل" يعني أولاً وقبل كل شئ أن الأرض التي أعلنت عليها إسرائيل (فلسطين)، هي الوطن القومي لليهود، وأنه لا حق لشعب آخر على هذه الأرض. وعلى هذا الأساس، ليس من المستبعد أن يطالب الكيان الصهيوني في حال اعترف الفلسطينيون بيهودية "إسرائيل" ممثلي الشعب الفلسطيني بتقديم تعويضات على ما "لحق" باليهود من "أذى" خلال النضال، على اعتبار أن الفلسطينيين "شنوا عدواناً" على اليهود "أصحاب الحق الأصليين" لأنهم طالبوا بأرض تعود لـ "شعب آخر". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:ماذا سيقول عباس لذوي الشهداء والأسرى والجرحى ولأبناء شعبه، الذين يعتقدون أن نضالهم الوطني ضد الاحتلال محق ومشروع. من أسف، في حال تبين أن ما نقله نبيل عمرو دقيق (لا يوجد سبب يدفع للاعتقاد بغير ذلك) فأن عباس يوجه طعنة نجلاء للنضال الوطني الفلسطيني، ويصيبه في مقتل.أرض المستوطنينمن أسف، إن نظرة متفحصة تدلل على أن كل مركبات خطة "كيري" تنسجم مع الاعتراف بيهودية "إسرائيل"، أي التعامل مع فلسطين باعتبارها "الوطن القومي للشعب اليهودي"، كما يحلو لنتنياهو القول. إن أوضح دليل على ذلك، كان بلا شك التصريحات التي أدلى بها كيري نفسه لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الأربعاء الماضي، عندما قال إنه لا يوجد سبب يدفع لتفكيك المستوطنات وإخلاء أي مستوطن يهودي من بيته!!!. ومن الواضح أن هذه التصريحات تأتي انسجاماً مع الاعتراف بيهودية "إسرائيل"، وكأن كيري يريد القول: "كيف يمكن التفكير بمطالبة اليهود بمغادرة الضفة الغربية التي تمثل جزءاً من أرضهم القومية". من الصعب جداً التفكير بأن كيري يطرح مثل هذه الأفكار، دون أن يكون عباس على معرفة بها، ومن غير المستبعد أن يكون يقبل بمثل هذه المواقف، سيما وأن قنوات التلفزة والصحف الإسرائيلية سربت أنباء حول موافقة عباس على ذلك. إن ما قاله كيري وما ينسبه نبيل عمرو لعباس يدلل –ويا للأسف- على مصداقية كل التسريبات الإعلامية "الإسرائيلية" التي تحدثت عن "اختراقات" في المفاوضات السرية بين الجانبين، ومن الواضح أن "الاختراقات" كانت تتحقق عبر التنازلات التي كان يقدمها عباس وفريقه التفاوضي. لقد فاجأت الوزيرة الصهيونية تسفي ليفني، رئيس الطاقم التفاوضي الصهيوني عندما أبلغت زملاءها في الحكومة بأن عباس "سيفاجأ" وسيعترف بيهودية "إسرائيل".تفريط في كل القضاياما يؤلم أن عباس لا يقدم تنازلات في قضية لكي يصر على موقفه في القضايا الأخرى، بل يقدم تنازلات في كل القضايا، بشكل يفضي إلى تصفية القضية الوطنية. فعلى سبيل المثال، هو لا يتنازل بالاعتراف بيهودية "إسرائيل" ويتشدد في قضية القدس. فعلى سبيل المثال، ضمت خطة "كيري" بنداً ينص على أن "عاصمتي الدولتين اليهودية والفلسطينية ستكونان في القدس"، دون أن يتم تحديد عاصمة كل منهما. وقد تبين أن الغموض في هذه القضية يأتي لخدمة الموقف "الإسرائيلي" من القدس، حيث أن هذا التعريف الفضفاض وعدم تحديد حدود القدس يعني أن "عاصمة الدولة الفلسطينية" يمكن أن تعلن في أي من البلدات الفلسطينية المحيطة بالقدس، مثل أبو ديس أو شعفاط أو العيزرية. فبما أن المطلوب هو تقديم "تخريجات" لفظية للتغطية على التنازلات الهائلة، فأن هذه الطريقة تصلح للتعاطي مع كل القضايا من أجل لف انجازات الصهاينة في المفاوضات بالغموض.إن الذي يثير الإحباط حقيقة أن عباس يتنازل دون أن يواجه معارضة فلسطينية داخلية. فحركة حماس المشغولة بتبعات الحكم في ظل الحصار الخانق الذي يشتد يوماً بعد يوم غير قادرة على ممارسة ضغط حقيقي على عباس. في حين أن سقف معارضة قوى اليسار محدود، حيث أن عباس يلقي لهذه الفصائل بالفتات، ويعرف كيف يقطعه من أجل الترويض. علاوة على أن فصائل فلسطينية أخرى تربط سلوكها الداخلي بمصالح قوى خارجية. ومع ذلك، فأن المسار التفاوضي سيفشل، بسبب ترف التطرف الذي يعاني منه قادة حزب الليكود الحاكم، الذين يعارضون حتى "التخريجات" ويطالبون بتنازل واضح وصريح.
المصدر
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!,عباس يقدم وعد بلفور جديد!
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1fDTR4R
via موقع الاسلام

0 التعليقات:
إرسال تعليق