قال نوح عليه السلام لقومه: إن أجري إلا على الله، وأمرت أن أكون من المسلمين وقال إبراهيم عليه السلام: يا قوم إني برئ مما تشركون إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب، يا بني، إن الله اصطفى لكم الدين، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون فأجاب أبناء يعقوب: قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً، ونحن له مسلمون .
ودعا له موسى عليه السلام إلى الإسلام: وقال موسى يا قوم، إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا .
وأجاب الحواريون عيسى عليه السلام: نحن أنصار الله آمنا بالله، وأشهد بأنا مسلمون .
وجمع القرآن دين الأنبياء جميعاً في هذه الآية: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين، ولا تتفرقوا فيه .
وطالب القرآن الكريم بالإيمان برسالات الأنبياء السابقين والإقرار بأصولها الأولى التي أنزلها الله على أنبيائه، وأصبح شعار المسلمين: لا نفرق بين أحد من رسله أي أن المؤمنين يقولون ذلك ويعلنون أنهم يصدِّقون إجمالاً بجميع الرسائل وبكتبهم وبمبادئهم، ويقرون أن ما جاءوا به كان من عند الله، وأنهم دعوا إلى الله، وإلى طاعته، ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود الذين أقروا بموسى، وكذبوا عيسى، والنصارى الذين أقروا بموسى وعيسى، وكذبوا بمحمد وجحدوا نبوته، ومن أشبههم من الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله، وأقروا ببعضهم.
فالإسلام بهذا المعنى العام لا يختلف عن الأديان الأخرى، وإنما يكوِّن معها وحدة منسجمة لا تعارض بينها ولا تضارب.
وأما الإسلام الخاص الذي هو علم على الدين الأخير الذي ختمت به رسالات السماء، واشتمل عليه القرآن وسنة النبي عليه السلام، فيحتاج في تحديد علاقته بالديانات السماوية الأخرى وهي اليهودية والنصرانية إلى تفصيل وإيضاح، يتلاءم مع مفهوم هاتين الديانتين في عهدهما الأصلي الأول، وفي الصورة الأخيرة القائمة الآن بين أتباعهما.
أما في العهد الأول لليهودية والنصرانية؛ أي قبل التحريف والتبديل فلا نجد بينهما وبين الإسلام اختلافاً في الجوهر والأصول والمبادئ العامة، التي تنادي بتوحيد الإله، والإيمان باليوم الآخر، وتطالب بالتزام الأوامر الإلهية، والقواعد الأخلاقية، والامتناع عن الفواحش والقبائح، ومكافحة المنكرات كالكفر والقتل والزنى وإيذاء الناس، والحرص على توفير الخير والسعادة لبني الإنسان.
وفي هذا المحور يعتبر القرآن مصدقاً لما بين يديه من الكتب السماوية، وإعلاناً صارخاً يدعو إلى العجب والتشهير بأتباع الديانات الأخرى التي لا تسارع إلى الانضمام في لواء القرآن، لولا حب العناد والإصرار على الكفر.
فالله وحده هو مصدر الكتب المنزلة، كالتوراة والزبور والإنجيل والقرآن، واتحاد المصدر ووحدة الجهة المشرِّعة مدعاة للاعتراف بالإسلام كما حدده القرآن، قال الله تعالى منوهاً بذلك: الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزَّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس، وأنزل الفرقان .
وتتوالى تأييدات القرآن لهذا المعنى، كما في قوله سبحانه: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق، مصدقاً لما بين يديه من الكتاب، ومهيمناً عليه أي أن القرآن الكتاب الكامل الذي أكمل الله به الدين ينطق بتصديق كون الكتب الإلهية السابقة كالتوراة والإنجيل من عند الله، وأن الرسل الذين جاءوا بها لم يفتروها من عند أنفسهم، فتلك الكتب في صورتها الأولى ووضعها الحقيقي الصحيح الذي جاء به من عند الله مؤيدة وموثقة ومعترف بها في القرآن.
والخلاصة: أن علاقة الإسلام الحالي منذ نزول القرآن بالديانات السماوية في صورتها الأولى هي علاقة تصديق وتأكيد كلي كامل.
وأما الصورة الحالية لليهودية والنصرانية، فلا يقرها الإسلام، وإنما يعارضها معارضة تامة، لما وقع فيها من تحريف وتغيير وتبديل بسبب التأويلات الفاسدة أو رعاية لمصالح رؤساء الدين والكهنة القائمين عليها. وموقف الإسلام منها موقف المصحح للأخطاء والنافي للتحريف، والمزيل للزوائد، بل والناسخ لكل دين سابق، سواء أكان صحيحاً أم مبدلاً: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير والمقصود بالآية عند بعض المفسرين هي الرسالة.
ويصرح القرآن في آيات أخرى بأنه رقيب وشهيد ومهيمن على الكتب السابقة بما بيَّنه من حقيقة حالها، وشأن متبعيها وتحريف كثير منها أو تأويله، فهو يحكم عليها، لأن جاء بعدها، ويبين انتهاء مهمتها بمجيئه، حتى ولو بقيت سليمة عن التغيير والتبديل، قال الله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام أي لا دين مرضي عند الله تعالى سوى الإسلام، وهو كما قال قتادة: «شهادة أن لا إله إلا الله تعالى، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى، وهو دين الله تعالى الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه لا يقبل غيره، ولا يجزي إلا به».
وهذا يدل على أن القرآن هو الصورة الأخيرة لدين الله، وهو المرجع الأخير في هذا الشأن، والمصدر النهائي في منهج الحياة وشرائع الناس ونظم حياتهم، بلا تعديل بعد ذلك ولا تبديل، قال الله عز وجل: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين .
ويتحدى القرآن وجود تلك التحريفات والزوائد التي وضعها الأحبار والرهبان في تلك الكتب الأصلية: قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين .
وفي الجملة: إن علاقة الإسلام بالأديان الأخرى في وضعها الحاضر علاقة تصديق للصحيح الباقي منها، وتصحيح لما طرأ عليها من البدع والإضافات والزيادات الموضوعة المشوهة لأصل الديانة، والمنافية لأصول الأديان العامة التي حافظ عليها القرآن، واعترف بها الناس قاطبة وأقرها العقل، ولكن في جوهرها لا في شكلها المحرف.
مهمة الإسلام في عهد القرآن
وتبقى مهمة الإسلام بالإضافة إلى تقريره التزام أصول الدين الكبرى المشتركة بين جميع الأديان، هي مهمة إكمال الدين الإلهي، وإنضاج له بما يتلاءم مع مقتضى ختم النبوات، ويتناسب مع تطور الأمم ودرجة الترقي والمدنية التي وصلت إليها، ورقي العقل البشري وتقدم العلم، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم لتحديد موضع خاتم النبيين ورسول الإسلام من الأنبياء والرسل السابقين في قوله سبحانه: قل ما كنت بدعا من الرسل أي ما أنا بأول رسول. وفي قوله تعالى أيضاً حكاية عن لسان إبراهيم عليه السلام: ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، إنك أنت العزيز الحكيم فكان النبي دعوة أبيه إبراهيم، وبشارة أخيه عيسى عليه السلام: وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد . ولقد كان المسيح يعبر عن المبشر به محمد بلفظ "فارقليط"، وهو تفسير لفظ "بيركلنلوس" اليونانية، ومعناها الذي له حمد كثير، وهو موجود في الأناجيل الحالية. وعبارة إنجيل برنابا في ذلك هي: «وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء، كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله».
وقد ثبت في السنة النبوية الصحيحة أحاديث تصور هذه المعاني أدق تصوير، كقوله حينما سئل عن نفسه، أو بدء أمره، فأجاب: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام» قال ابن كثير: وهذا إسناده جيد. وروي له شواهد من وجوه أخر، أخرج الإمام أحمد فيما يرويه بسنده عن العرباض بن سارية قال: «قال رسول الله : إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات الأنبياء يرين».
وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل من بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ـ ركن ـ فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللينة، وأنا خاتم النبيين» وهذا من أوضح الأدلة على تكامل الرسالات السماوية في روحها ومعناها، وإن اختلفت صورها وأشكالها بحسب مقتضيات التطور وحاجة البشر.
وبما أن النبوات ختمت بالإسلام الذي هيمن على جميع الرسالات الدينية السابقة، فإن جميع الناس يهوداً أو نصارى أو وثنيين مطالبون بالاستجابة للدعوة الإلهية الأخيرة التي حدد القرآن مهام رسولها في قوله عز وجل: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحل لهم الطيبات، ويُحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين أمنوا به وعزَّروه ونصروه، واتَّبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً أي إن وظائف النبي خمسة: شهادته لله بالوحدانية، وأنه لا إله غيره، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة، وتبشيره بالجنة لمن أطاع أوامر الله، وإنذاره من النار لمن عصى، ودعوة الخلق إلى عبادة ربهم بأمر الله، والسراج المنير فيما جاء من الحق، وظهور أمره كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند.
ويقرر القرآن في أجلى بيان اكتمال الأديان بالإسلام ورضا لله به ديناً حكماً فصلاً بين الناس: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً وبهذا كان من حق النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول بوحي من الله: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار».
مبدأ وحدة الدين الإلهي أو (الأصول المشتركة بين الأديان)
يستحيل في العقل والعادة اختلاف الأديان في أصولها الأساسية التي تتفرع عنها المبادئ والشرائع والأحكام بحسب الزمان والمكان لصدورها عن مصدر واحد وجهة واحدة. ووحدة المصدر تقتضي وحدة المنهج، ووحدة الاتجاه، ووحدة النظام والرسالة ووحدة الهدف.
وهذا ما كان محققاً في دعوة جميع الأنبياء والرسل من عهد آدم ونوح وإبراهيم إلى خاتم النبيين محمد ومن بينهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم دعوا إلى دين واحد لا تختلف أصوله، ولا تتعدد أغراضه، كشجرة واحدة جذرها وروحها توحيد الله سبحانه، وجذعها عبادته وحده دون سواه، وأغصانها أنظمته وشرائعه المحققة لسعادة البشرية، وأثمارها وأزهارها قد تتعدد أشكالها وألوانها وطعومها بحسب الأمزجة المختلفة المتغيرة والمصالح المتجددة.
وقد أرشد إلى ذلك القرآن المجيد الذي حدد أصول الدين المشتركة بين جميع الرسل، وطالب محمداً بالدعوة إليه، وحدد نواحي الاختلاف الواقعة في الشرائع، وبيَّن سبب تفرق أتباع الأديان، وتوارث الخلاف في العقائد، وهو ما تضمنته الآيات القرآنية التالية:
1. شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب حددت هذه الآية الكريمة مهام أولي العزم الخمسة وجميع الرسل والأنبياء، وأبانت الأصول المشتركة بينهم، وحذرت من التفرق والاختلاف على المنهج الإلهي القديم، وإن اختلفت شرائعهم ومناهجهم بمقتضى الحكمة والمصلحة والأحوال في الزمان والمكان بدليل قوله عز وجل: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً .
والأصول التي أوصى الله بها جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمرهم بالائتلاف والاجتماع عليها، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف فيها هي ما يأتي:
في العقيدة: إقامة دين الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته والإيمان برسله وكتبه وبيوم الجزاء.
وفي العبادة: الإخلاص في أداء الواجبات الدينية من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والصوم، والحج، والتقرب إلى الله بصالح الأعمال.
وفي الأخلاق والمعاملات: تزكية النفس والتأليف بين الناس، والصدق والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وتحريم الكفر، والقتل والزنى، وإيذاء الناس، والاعتداء على الحيوان كيفما كان، واقتحام الدناءات، والإخلال بالمروءات، فهذا كله شرع ديناً واحداً، وملة متحدة أجمع عليها جميع الأنبياء، وإن كثرت أعدادهم. وهو معنى قوله تعالى: أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه أي اجعلوه قائماً، يعني دائماً مستمراً محفوظاً مستقراً، من غير اختلاف فيه، ولا اضطراب عليه، فمن وفى بذلك أصاب الفطرة والسنة السليمة، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه.
قال النبي : «نحن معشر الأنبياء أولاد عَلاّت، ديننا واحد» أي أن القدر المشترك بينهم هو عبادة الله وحده لا شريك له. وقد أمر النبي بالدعوة إلى الاتفاق على الملة الحنيفية والثبات عليها والدعوة إليها، وألا يتبع أهواءهم الباطلة، وذلك قوله سبحانه: فلذلك فادع واستقم كما أمرت .
2. آية العهد والميثاق مع الأنبياء: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم، وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً تخبر هذه الآية عن أولي العزم الخمسة من الرسل وبقية الأنبياء أنه أخذ عليهم العهد والميثاق في إقامة دين الله تعالى، وتنفيذ مطالبه، وإبلاغ رسالته، والتعاون والتناصر والاتفاق فيما بينهم من أجل نصرة قضيتهم، كما قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لَما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟ قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين .
3. قولوا آمنا بالله، وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم، ونحن له مسلمون هذا أمر وإرشاد للمؤمنين إلى الإيمان بما أنزل الله إليهم في رسالة رسوله محمد الذي أمر باتباع ملة إبراهيم في الآية السابقة، ورسالة الأنبياء المتقدمين في الدعوة إلى دين موحد ذي أصول ثابتة لا تتبدل، لذا كان الإيمان بهم جميعاً دون تفريق من أصول الدين، على نقيض أولئك الذين قال الله فيهم: إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض، ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً، أولئك هم الكافرون حقاً
4. آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرِّق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، فشأن المؤمنين الإيمان بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره، ولا رب سواه، والتصديق بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم، فهم في الرسالة والتشريع سواء، تقدمت البعثة أم تأخرت. وفي هذا مزية للمؤمنين من أمة الإسلام على غيرهم من أهل الكتاب الذين آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، كأنهم لم يعقلوا معنى الرسالة في نفسها، إذ لو عقلوها لما فرقوا بين من أوتوها.
5. آية المحاورة الوجدانية أو الضميرية مع اليهود والنصارى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون تقرر هذه الآية طريقاً وسطاً عدلاً لا يرجح فيه طرف على آخر بين المسلمين والنصارى الذين يعتقدون بألوهية المسيح عليه السلام، واليهود الذين كانوا موحدين، إلا أنهم لانصياعهم لرؤساء الدين تجدد الشرك فيهم، فعبدوا الأرواح والأحجار، أو معبودات الأمم المجاورة، أو العجل والكبش والحمل، وقدس بعضهم عزيراً (عزرا): إنه ابن الله، وهم الآن إما مشبهة أو موحدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق