إسرائيل تقتل وتذبح علماء الذرة المصريين
دخلت مصر مجالات الأبحاث الذرية فى وائل الستينات عندما قامت بإنشاء مفاعلها الذرى فى منطقة انشاص بمحافظة الشرقية ، حتى تواكب الأبحاث الذرية من الاستخدامات السلمية .
وتخصص جيل من العلماء المصريين فى الابحاث الذرية ، وصحيح أن العمل فى مفاعل انشاص قد توقف بعد اتفاقية السلام (الاستسلام ) التى عقدها الرئيس السادات مع إسرائيل فى كامب ديفيد ، ألا أن مصر لم تهمل التوسع فى توجيه الكثير من علمائها للاستمرار فى دراسة ابحاث استخدامات الذرة فى الإغراض السلمية بالذات .
وتشير الإحصاءات ..يوجد مايقرب من 1000 عالم مصري فى هيئة الطاقة الذرية وما يقرب من 300 عالم فى هيئة المحطات النووية ..وعدد كبير من هؤلاء العلماء المصريين يعملون فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويرأسهم العالم المصري ( محمد البر ادعى ) كما يعمل عدد كبير منهم فى أجهزة التفتيش التابعة للوكالة الدولية .
وهنا سوف نسجل بدم الشرفاء الشهداء علماء الذرة المصريين واغتيالهم على يد العدو الصهيوني..
(سميرة موسى ) أول شهيدة مصرية من بين علماء الذرة الذين ذهبوا ضحية عمليات الإرهاب الاسرائيلى ضد مصر ، وقد كانت فى بعثة دراسية لاستكمال أبحاثها فى إحدى الجامعات الأمريكية وتحديدا فى 15 أغسطس عام 1952 ..وهو اليوم المشئوم كانت تقود سيارتها فى طريقها لزيارة احد المفاعلات النووية فى ضواحي مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا ، وكان بصحبتها مرشد من أصل هندى قيل أن ادارة المفاعل كلفتة بإرشادها إلى مكان المفاعل ، وبينما كانت تمر بسيارتها فى طريق جبلى ظهرت أمامها فجأة سيارة نقل كانت مختفية عند احد منحنيات الطريق لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقى بها فى وادي عميق من ارتفاع 400 قدم ، وكانت المفاجأة عندما كشفت التحقيقات أن ادارة المفاعل الذي كانت العالمة المصرية فى الطريق لزيارتة لم تكلف أحدا بإرشادها إلى المفاعل ، واعترفت الصحف الأمريكية بان الحادث كان مدبرا ، ولكنها لم تقل كلمة واحدة عن الفاعل الاسرائيلى .
(أحمد الجمال ) كان باحث دكتوراة قتل فى ظروف غامضة فى لندن قبل أيام من مناقشة رسالته لنيل درجة الدكتوراه فى الابحاث الذرية ، إحدى صور عمليات الإرهاب الصهيوني الذي تقوم به أجهزة الموساد الاسرائيلى لاغتيال العلماء المصريين الذين نبغوا فى دراساتهم فى مختلف الابحاث المتعلقة بالذرة .
( سمير نجيب )فى عام 1967 ذهب هذا العالم ضحية لمؤامرات الموساد الاسرائيلى ، وكان واحدا من ابرز علماء جيل الشباب بين العلماء العرب الذين تخصصوا فى الابحاث الذرية وواصل العالم المصرى ابحاثة الدراسية ليحوز اعجاب الكثيرين من العلماء الامريكيين مما اثار قلق الاسرائيليين والعناصر الامريكية الموالية لاسرائيل ن واخذت تنهال عليه العروض المادية لتطوير ابحاثة فى الولايات المتحدة وعدم العودة الى مصر ، ولكن العالم المصرى شعر ان بلده ووطنه فى حاجة اليه ، وبخاصة بعد هزيمة يونيو 1967 ن وكان ان رفض كل العروض ن وقام بحجز مقعد فى الطائرة متوجهة الى القاهرة فى يوم 13 اغسطس 1967 ، وفى الليلة التى كانت محددة لعودته الى القاهرة وبينما كان يقود سيارتة فى احد شوارع ديترويت . فوجئ بسيارة نقل ضخمة تتعقب سيارته ، فحاول ان يتفاداها ولكن سيارة النقل واصلت تعقبه وفجاة اندفعت وهى تزيد فى سرعتها لتصدم سيارة العالم المصرى التى تحطمت ليلقى مصرعة بداخلها على الفور .. ومن الغريب ان الحادث قيد ضد مجهول ، بينما يشهد العالم كله أن اجهزة الموساد الاسرائيلى كانت وراءة .
وقائمة الاغتيالات مستمرة نوجز منها ايضا :
(نبيل القلينى ) لقد اختفى هذا العالم ، ولم يعرف حتى الان ..اين ذهب ؟ طبعا كلنا عارفين الاجابة ...!!!!!
(نبيل فليفل ) اغتالته الموساد الاسرائيلى عام 1984 .
(سعيد سيد بدير ) ابن الفنان سيد بدير ، اغتيل عام 1989 فى شارع طيبة بالاسكندرية المصرية .
(يحيى المشد ) اغتيل فى غرفته بفندق الميريديان فى باريس عام 1980 ، حيث اطلق رصاصتين على راسة ، ثم ذبحوة من الوريد للوريد لفصل راسة عن جسدة .
(أحمد محمد أحمد الجمال ) أغتيل يوم 13 اغسطس عام 1996 وكان يلقبة البوفيسور استين رونكين وهو عالم شهير فى جامعات العالم ب (اينشتين الجديد )
والسؤال الان ..من هى القوى الخفية وراء ارتكاب هذه الجرائم البشعة ؟ اليكم الاجابة انها اجهزة الموساد التى تطارد علماءنا المصريين الذين تخصصوا فى الابحاث الذرية ..انها تعمل على اغتيالهم الواحد بعد الاخر حتى تبقى اسرائيل وحدها صاحبة اليد الطولى فى الابحاث الذرية فى المنطة ..ولكن ..هل تنجح اسرائيل فى خططها ؟ بعون الله اقول ك قد يسقط عالم او اثنين او 10 علماء من نجباء مصر المعطاءة ولكن مصر دائما ولادة ن وعندما يقتل عالم يظهر مكانة عشرات العلماء . انها الحقيقة التى لاتستطيع اجهزة الموساد الارهابية ان تتفهمها حتى الان .
مطولش عليكو لان بابا قاعد جنبى وبيقولى يابنى هتودى نفسك فى داهية ، وتاخدنى فى الرجلين . معلش اصلة حزب وطنى . اية ابويا ياجماعة اعمل اية ؟
آليات الاختراق الإسرائيلي وتبعاته
هب أن هناك جارا بغيضا ملاصقا لك، غفوت ذات ليلة ظلماء لتصحو على وجوده على غير إرادتك، وأدت مطامعه وعدوانيته اللانهائية إلى نشوب صراع متعدد الأبعاد وقتال بغير منتهى، وأمكن لعدوك هذا –عبر هذا الصراع وعبر استغلال غيبتك ومكامن ضعفك- قهرك واحتلال أجزاء عريضة من مناطق سيادتك.. ماذا سيكون حينها رد فعلك الشخصي وموقف كل عشيرتك؟
البديهي أنك سترفض بإباء هذا الواقع، وستلجأ إلى كل الحيل والطرائق لاسترداد كل ما أخذ، وقبل كل ذلك ستبقى متيقظا تجاه ذلك العدو، وستعمل جاهدا على ترجيح كفة الميزان المختل. هذا هو المنطقي والبديهي في مثل هذه الحالة، لكننا نتفق أن ردة الفعل ستكون مختلفة تماما إذا ما اعترتك غيبوبة مفاجئة أو غفوة ممتدة، وإذا ما أخذت أوجه التشرذم مع بقية أفراد عشيرتك وقبيلتك تتسع وتتسع، دون أن تبدو هناك بارقة أمل في الاتحاد أو توحيد القوى.
للأسف هذا هو الحادث وهذا ما ينطبق حرفيا على وضعية الصراع العربي الإسرائيلي، الممتد الآن لأكثر من 60 عاما، وعلى موقفنا التخاذلي من العدو الصهيوني المتضخم باطّراد والساعي بكل السبل الممكنة لفرض السيطرة ومحاولة تغيير خارطة المنطقة.
أما الأنكى والأخطر من هذا، فهو سماحنا لذلك العدو باختراقنا من كل الجوانب، وباستباحة محيطنا البشري والبري والبحري والجوي بكل أدوات التجسس والتلصص المتاحة بشكل آني ودائم، وهذا إلى حد يصعب تصوره، وينبئ في الوقت ذاته باستمرار التفوق الإسرائيلي الإستراتيجي إلى ما لا نهاية!
ولعل هذا الأمر تحديدا يستدعي منا ومن كل ذي بصيرة كل الانتباه، لأن انكشافنا بهذه الطريقة، والسماح للعدو بالتلصص والتنصت علينا ليلا ونهارا، يمثل لنا -بلا شك- تهديدا إستراتيجيا خطيرا، ويحد في ذات الوقت من قدرتنا على الرد والردع. وهذا وإن كان غير خافٍ على الجهات العسكرية والأمنية المعنية، فإن كثير منه ما زال خافيا على العامة فينا، لذا وجب هنا التوعية به وبجميع جوانبه، يحدونا في ذلك أمل كبير بأن يتم اتخاذ كل ما يلزم لدرء مكامن ذلك الخطر الكاشف النافذ.
اعرف عدوك
تقوم العقيدة العسكرية الإسرائيلية على عدة مبادئ ومفاهيم راسخة وأساسية، من أهمها ضمان تفوق الجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية والإسلامية مجتمعة، والأخذ بسياسة المبادأة لتجنب أي هجوم مباغت، ونقل المعركة إلى أرض الخصم، وعدم القتال على أكثر من جبهة واحدة في ذات الوقت، والتوسع في الاحتلال والسيطرة، والسعي بكل السبل الممكنة لحرمان الآخر من تحقيق التفوق الإستراتيجي والعسكري، مع العمل في نفس الوقت على إضعافه وتبديد موارده، حتى لو تطلب الأمر استهداف كوادره والقيام باغتيالات منظمة أو غيرها من الأعمال الدنيئة والعدائية.
العقيدة العسكرية الإسرائيلية تقوم على عدة مبادئ ومفاهيم راسخة وأساسية، من أهمها ضمان تفوق الجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية والإسلامية مجتمعة، والأخذ بسياسة المبادأة لتجنب أي هجوم مباغت
وبطبيعة الحال لا تعد هذه المبادئ من الثوابت المقدسة، بل يمكن الحياد عنها بقدر أو بآخر، تبعاً للمستجدات والتطورات الحادثة. وفي كل الأحوال فإن تحقيق معظم هذه المبادئ يعتمد في الأساس وفي المقام الأول على جمع المعلومات الاستخباراتية واختراق كافة جبهات الخصم المنافس، بطريقة آنية وبكل السبل والوسائل المتاحة.
ويعمل الجيش الإسرائيلي وبقية الأجهزة الأمنية والمخابراتية المعنية (الموساد وأمان والشاباك) على تحقيق ذلك، وجمع المعلومات والبيانات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة بطريقة منظمة، مستعينا في هذا بوسائل وآليات تجسس عديدة ومتنوعة.
فعن طريق الجو يمكن لإسرائيل وعبر الجيل التاسع من القمر الاستطلاعي "أوفق" (Ofek) التجسس وجمع معلومات استخباراتية عن كل شبر في البلاد العربية والإسلامية، بقوة توضيح مكانية كبيرة تصل إلى 70 سم، مما يعني أن بإمكان الصور الملتقطة بهذا القمر، التعرف على الأشياء والمعدات الصغيرة الحجم والمحمولة بواسطة الأشخاص. كما يوجد أيضا القمر "تكسار" (TechSAR) الذي يتميز بقدرته على التقاط صور وجمع معلومات في الظروف الجوية الصعبة. هذا إلى جانب أقمار التجسس الأخرى المتاحة والمصنعة في إسرائيل، مثل القمر "إيروس" (Eros C)، فضلا عن قرب إطلاق الجيل العاشر من "أوفق" والذي يشاع أنه سيتيح للكيان الصهيوني التجسس على كل تحركات الأفراد بدول الشرق الأوسط!
اللافت أن الجيش الإسرائيلي لم يكتف بهذا، بل يسعى حاليا لتطبيق ما يعرف بمفهوم "قمر صناعي لكل قائد عسكري"، وهذا عبر تزويد كل قائد عسكري فيه بقمر صناعي صغير يعمل على إمداده بالمعلومات الاستطلاعية، ورصد أي شيء يتعلق بمهامه القتالية وخاصة أثناء العمليات الحربية.
الطائرات بدون طيار تعتبر أيضا من التقنيات الحديثة الآخذة أهميتها وفاعليتها في الازدياد، والتي باتت تعتمد عليها إسرائيل بشكل كبير في أعمالها العدائية والتجسسية، وبخاصة في حيز الأراضي الفلسطينية، نظرا لقدرتها على القيام بمهام الاستطلاع الجوي ومراقبة الحدود وعمليات التهريب بشكل دوري وغير مكلف نسبيا، ونظرا أيضا لقدرتها على استهداف الأشخاص وتنفيذ المهام الهجومية المحدودة، بدقة عالية.
"ما أكثر البصاصين والعساسيين، وما أكثر ضعاف النفوس ممن يمكن إغواؤهم أو الضغط عليهم بالمال أو الجنس، لجمع المعلومات أو نشر الشائعات والعمل لصالح إسرائيل
" بحريا تستطيع إسرائيل اختراق المياه الإقليمية لأي دولة عربية مشاطئة لها في أي وقت، وهذا من واقع ما تمتلكه من غواصات حديثة تتسم بقدرة عالية على المناورة والتنصت المائي وكشف وتعقب الأهداف البحرية الراسية والمارة. ويبلغ إجمالي ما تمتلكه الدولة العبرية حاليا نحو ست غواصات، معظمها من طراز "دولفين" القادر على إطلاق صواريخ "كروز" وحمل رؤوس نووية، وأحد أكثر الغواصات التي تعمل بالديزل تقدما على مستوى العالم.
مفهوم الحرب الإلكترونية أصبح أيضا من المبادئ والمفاهيم الرائجة بقوة في العقيدة القتالية الإسرائيلية، نظرا لقدرة فيروسات الحواسيب ووسائل القرصنة الإلكترونية على اختراق المواقع الحساسة وشبكات الهواتف والاتصالات، والوصول إلى المعلومات بطريقة خفية، ولقدرتها أيضا على التخريب وإلحاق أكبر الخسائر الاقتصادية والعسكرية بالخصم، دون تكبد خسائر بشرية أو تكلفة مادية تذكر.
وعملا بهذا المبدأ، فقد تم استحداث قيادة جديدة للحرب الإلكترونية داخل وحدة التنصت المعروفة باسم "الوحدة 8200" التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، كما تتناثر معلومات عن تجييش إسرائيل لمجموعات قرصنة وحماية إلكترونية نظامية، ومنها ما يعرف باسم "مقاتلي السيبر" ومجموعة "آي.دي.أف" بغرض تنفيذ الهجمات الإلكترونية، والحيلولة دون تنفيذ الهجمات المضادة أو اختراق المواقع الحساسة والحيوية، سواء العسكرية أو المدنية.
أما على البر، فما أكثر البصاصين والعساسيين، وما أكثر ضعاف النفوس ممن يمكن إغواؤهم أو الضغط عليهم بالمال أو الجنس أو خلافهما، لجمع المعلومات أو نشر الشائعات والعمل لصالح إسرائيل.
ولعل الكشف مؤخرا عن أكثر من شبكة تجسس في كل من مصر والأردن ولبنان، إضافة إلى حوادث الاغتيال المنهجي لقادة المقاومة الفلسطينية والعلماء الإيرانيين، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا بمعاونة أرضية، يدل على استمرار اعتماد أجهزة المخابرات الإسرائيلية على هذه الوسيلة التقليدية، من أجل جمع المعلومات وتحقيق أهدافها الدنيئة.
تبعات الغفوة
لا توجد غفلة بلا ثمن، ولا يمكن أن تكون سماؤك وكل حدودك مخترقة ومستباحة على النحو النافذ والطاعن المذكور سابقا، من غير وقوع أضرار أو خسائر كثيرة منظورة وغير منظورة. ونحسب أن هذا ما ينطبق حاليا على وضعية العالم العربي في مواجهة محاولات الاختراق الإسرائيلية الواضحة والمستمرة، وما أكثر المؤشرات والأمثلة الدالة على ذلك!
يمثل نجاح إسرائيل في اختراق شبكات الاتصالات والهواتف المحمولة في لبنان، وتخريب البرنامج النووي الإيراني بفيروس ستاكسنت الإلكتروني، شكلا جديدا من أشكال الاختراق النافذ للجسد العربي الإسلامي الواهن
" الصراع في دارفور وجنوب السودان وما أدى إليه ذلك من اقتتال في الشمال وانقسام في الجنوب، يعود في جزء منه إلى الدور الإسرائيلي، وهذا باعتراف رئيس "أمان" عاموس يادلين نفسه، حينما أقر غير مرة بتشجيع وتسليح إسرائيل للحركات الانفصالية في السودان.
كذلك يمثل نجاح سلاح الجو الإسرائيلي في ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، وموقع المفاعل السوري عام 2007، دليلا على أن إسرائيل تعي ما تفعل، وأن أقمار التجسس والطائرات بدون طيار لا تحوم حولنا من أجل التنزه أو استعراض القوة.
كما يمثل نجاح الموساد في الوصول إلى العمق الإيراني، وقيامه بأكثر من عملية اغتيال لعلماء ذرة إيرانيين، وهو ذات النهج الذي تمت به تصفية علماء الذرة المصريين -أمثال مشرفة والمشد وسميرة موسى- وعدد آخر من العلماء العرب، مدى عزم الدولة العبرية على سلب كل مفاتيح القوة من كل دول المواجهة.
إلى جانب ذلك، يمثل نجاح إسرائيل في اختراق شبكات الاتصالات والهواتف المحمولة في لبنان، وتنصتها على عدد من المسؤولين، ممن يعدون من أصحاب القرار في الحكومة اللبنانية، فضلا عن محاولة تخريب البرنامج النووي الإيراني بفيروس "ستاكسنت" الإلكتروني، وتعطيل العمل بمصافي النفط والمنشآت الصناعية في إيران بفيروس "فليم"، شكلا جديدا من أشكال الاختراق النافذ للجسد العربي الإسلامي الواهن.
هذه عينة من الأضرار المثبتة التي لا يمكن إنكار وقوعها أو إرجاعها إلى غير الدولة العبرية، لكن الأضرار الخافية وغير المعلنة يمكن أن تكون أكثر وأبلغ أثرا بمئات المرات من هذه العينة، لاسيما إذا كانت طويلة الأمد أو يجري التخطيط لها على نار هادئة.
وفي هذا الإطار، لا يمكن أبدا تجاهل أن إحدى المهام الأساسية لجهاز الموساد، تتضمن "تقييم الموقف السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول العربية بشكل مستمر، واقتراح التوصيات والخطوات الواجب اتباعها في ضوء المتغيرات الحادثة"، كما لا يمكن تجاهل وجود قسم بالموساد مختص بالحرب النفسية واستغلال المعلومات المتاحة، في نشر الشائعات المغرضة وإثارة البلبلة والقلاقل الداخلية بدول الطوق والمواجهة.
حرب العقل للعقل
على غير ما يفعله العرب، يفكر قادة الكيان الصهيوني دائما بمنطق كيف ستبدو الحرب المقبلة؟ وما هي الجاهزية الحالية لخصمنا؟ وكيف يمكن لنا أن نحقق ونحافظ دائما على عنصري المبادأة والمفاجأة؟
أسباب التفوق والمسألة برمتها إذن، ترجع في الأصل إلى طبيعة التفكير المنهجي ومنطق إدارة الأمور، أكثر مما ترجع إلى عامل التقدم العلمي وتوافر الإمكانيات والتقنيات العسكرية.
من هنا يمكن القول إن إصلاح كفة الميزان المختل والحفاظ على مبدأ التكافؤ في الصراع العربي الإسرائيلي الدائر، يستلزم منا -بداية وقبل أي شيء- تصحيح بوصلة تفكيرنا، وإعادة توجيه الخطط الإستراتيجية الحالية، بالتركيز على المجالات التي لا تتطلب إمكانيات تقنية كبيرة.
إذا لم نكن قادرين على مناطحة إسرائيل تقنيا ومقارعة، فليس أقل من محاولة مقارعتها في المجالات الأخرى التي تعتمد على قوة العقل ومقدار الكفاءة البشرية
إن المنطق يقول إنه إذا لم نكن قادرين على مناطحة إسرائيل تقنيا ومقارعة تفوقها في المجالات التي تقوم على التقدم التقني والعسكري، فليس أقل من محاولة مقارعتها في المجالات الأخرى التي تعتمد على قوة العقل ومقدار الكفاءة البشرية. ومن ذلك على سبيل المثال، مجال الحرب الإلكترونية التي تعد من حروب المستقبل، والتي لا يحتاج التفوق فيها إلا إلى أدمغة بشرية متمكنة ومؤهلة.
كما يستلزم الأمر درء النواقص الحالية بأسرع ما يمكن، والأخذ ببقية أسباب القوة، خاصة في المجالات التي قد تمثل فارقا في حال تحول الصراع إلى حرب إقليمية. وفي هذا الإطار، يحتار المرء حقيقة في أسباب غفلتنا عن أمور كثيرة، ومن ذلك مثلا خلو فضاء المنطقة -المتخم بأقمار التجسس الإسرائيلية والأميركية- من قمر عربي صناعي واحد يكشف إسرائيل ويعريها كما تفعل أقمارها بنا، وهذا رغم أن الأمر ليس بالعسير ماديا أو تقنيا.
أما الأهم من ذلك كله فهو استذكار دروس الماضي، ومن ذلك مثلا أن كلمة السر في تفوق العرب على إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، لم تكن سوى اليقظة والتوحد ودقة التخطيط واستخدام جميع الأسلحة المتاحة بدهاء وحنكة، وأهمها في ذلك الوقت سلاح النفط. فهل نستذكر هذا ونتحد ونتوحد، على الأقل لحماية سماواتنا وحدودنا المستباحة؟!
ماذا يعني الاعتراف الاسرائيلي باغتيال العالم الايراني، دريوش رضائي الذي اغتيل منذ العام الماضي بالقرب من دار حضانة ابنته في احد شوارع طهران؟ ألا يخشى الكيان الصهيوني من عقوبة دولية لارتكاب جريمة الاغتيال مع سبق الاصرار والترصد ثم الاعتراف والتباهي بها؟ ثم أليس من الممكن ان يدفع هذا الاعتراف السلطات الايرانية لاتخاذ تدبيرات أشد لحماية علمائها ومواطنيها من جرائم الاغتيال الاسرائيلية؟
وربما السؤال الذي لا يقل أهمية عن ذلك: هل ستنحصر الاغتيالات بالعلماء الإيرانيين ام ستمتد الى القادة السياسيين والنشطاء الفلسطينيين خصوصا مع التوجه لإعلان دولة فلسطينية مستقلة؟ ثمة حقائق يجدر ذكرها قبل الشروع بالإجابة على التساؤلات السابقة. اولها ان جريمة الاغتيال المذكورة التي حدثت في وضح النهار وباعتراف رسمي من الجهة التي قامت بها ليست الاولى ولن تكون الأخيرة، بل ربما يشجع عدم الرد الايراني بالمثل والصمت الدولي جهاز 'الموساد' الإسرائيلي على توسيع دائرة الاغتيالات. فهناك مسلسل من استهداف العلماء العرب والمسلمين خصوصا في مصر منذ اكثر من نصف قرن. ثانيها: ان الاغتيال ممنوع دوليا لانه ينضوي تحت عنوان 'القتل خارج القانون' وهو ممارسة محرمة وفق القانون الدولي. فبالإضافة لرفض اغلب الدول الغربية (في ما عدا الولايات المتحدة) عقوبة الإعدام، فهناك مبدأ ثابت يمنع تنفيذ أعمال القتل خارج القانون، اي خارج الاطر القضائية والمحاكمات العادلة، وتناضل المنظمات الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ضد القتل خارج القانون. ثالثها: ان 'اسرائيل' تشعر بان من حقها توسيع دائرة عمل أجهزة استخباراتها الى خارج حدود فلسطين المحتلة، وتعتبر كل ما تراه 'تهديدا' لأمنها هدفا مشروعا للقتل او التفجير. ولذلك لم تتوقف جرائم الاغتيال منذ أربعين عاما، وقد تصاعدت في العقدين الاخيرين مخترقة حدود الدول الأخرى، من تونس الى دبي. وفي عالم تهيمن عليه قوى التضليل والهيمنة الغربية، لم يعد لقيم العدالة والمساواة في المعاملة وإقامة حكم القانون، وتطبيق الشرائع الدولية، دور في توجيه سياسات دول 'العالم الحر' التي ما فتئت، حتى هذه اللحظة، تصر على دعم الاحتلال والاستبداد والديكتاتورية. رابعها: ان استهداف إيران ليس محصورا بحدودها الجغرافية، بل انه استهداف للأمتين العربية والإسلامية، خصوصا في المجال العلمي والتكنولوجي. فمن أهم أسباب التخلف ضعفهما في هذين المجالين، وتوجه بعض دولهما لتبذير اموال الأمة لاقتناء معدات تكنولوجية متطورة من الغرب بأسعار باهظة، ومنها صفقات السلاح العملاقة التي تعتبر هدرا غير مبرر لتلك الاموال.
لقد اصبح المشروع النووي الإيراني الهم الأكبر للدول الغربية، بتحريض مباشر ومتواصل من الكيان الإسرائيلي. فهذا المشروع مستهدف لأمور عديدة: أولها انه يساهم في تطوير المهارات العلمية والتكنولوجية الإيرانية، وثانيها ان امتلاك التكنولوجيا النووية يوسع مجال التطور العلمي والتصنيعي خصوصا في المجال العسكري، وثالثها انه يخل بالتفوق الذي فرضه الغرب في الجوانب العسكرية والعلمية في المنطقة لصالح الكيان الإسرائيلي، ورابعها انه سوف يوفر لإيران دورا إقليمياً في المستقبل من خلال نقل إمكاناتها للدول العربية والإسلامية المجاورة.
ولذلك اصبح مستهدفا بشكل مباشر ومكشوف وبدون مجاملة او دبلوماسية. هذا في الوقت الذي يتم التغاضي عن كافة اختراقات الكيان الإسرائيلي للمواثيق الدولية، فينتج السلاح النووي ويرفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا يسمح لمفتشيها بزيارة منشآته النووية خصوصا مفاعل ديمونة بصحراء النقب. الضغوط الغربية على إيران توسعت كثيرا، وهي تهدف لحصار الجمهورية الإسلامية على كافة الصعدان.
فبالإضافة للتجسس المتواصل عليها سواء بتسريب العملاء الى العمق الإيراني، ام بالتجسس من خلال الأقمار الصناعية المسلطة على كافة مناطق إيران، ام عبر وسائل 'السايبر'، هناك الاستهداف على صعدان شتى منها ما يلي: اولا الحصار الاقتصادي الشامل الذي بلغ في الوقت الحالي ذروته، بمنع التعامل المصرفي مع ايران. وتعاني طهران من هذا الحصار كثيرا، فهي لا تستطيع استلام العائدات النفطية بالطرق المصرفية المعتادة، بل تضطر في اغلب الأحيان لأسلوب التبادل التجاري بدلا من الاستلام النقدي. ثانيا: الضغوط الدبلوماسية، واستهداف الأشخاص المرتبطين بالمشروع النووي والتكنولوجي والعلمي بحرمانهم من حرية السفر أو التعامل المالي او العلمي. وقبل شهور اصدر البرلمان الأوربي قائمة بـ 32مسئولا إيرانيا يمنع التعامل معهم.
ثالثا: تفتيش السفن الإيرانية او المتوجهة الى إيران في أعالي البحار، كما حدث للسفينة التي كانت متوجهة من فنلندا الى الجزائر في يوليو 2009، التي قيل انها تحمل صواريخ روسية الى إيران. وما أكثر السفن التي تم تفتيشها من قبل الأساطيل الإسرائيلية بدعوى انها تنقل أسلحة إيرانية لحزب الله وحماس.
رابعا: منع الطلبة الإيرانيين من الدراسة في الجامعات الغربية خصوصا في التخصصات ذات الطابع النووي أو التكنولوجي المتطور، وقد توسع ذلك المنع ليشمل الطلاب من بلدان عربية وإسلامية شتى خشية من انتقال التكنولوجيا والقدرات العلمية الى بلدان المسلمين. خامسا: السعي المتواصل لتقسيم إيران بإثارة الفتن العرقية والمذهبية، سواء ببث أفكار التفتيت والتمزق أم بأعمال العنف كالتفجيرات التي حدثت في إقليم خوزستان وزاهدان والتي قتل فيها الكثير من الإيرانيين، من بينهم مسئولون بالحرس الثوري. سادسا: الإثارة المتواصلة للفتنة الطائفية بهدف اقامة الحواجز النفسية والدينية بين دول المسلمين وشعوبهم. ومنذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، بدأ المشروع الطائفي يتخذ أبعاداً خطيرة غذتها الحرب العراقية - الإيرانية، وما يزال لهبها يتصاعد كوسيلة لاحتواء الحالة الثورية العربية. سابعا: توجيه المال النفطي العربي لتمويل مشروعات إعلامية تكرس حالة العداء مع إيران، وتعيد تدوير المصطلحات التي كانت على حافة الانقراض كالصفوية والمجوسية والشيعية، كل ذلك لمنع تبلور فكرة الوحدة الإسلامية واستعادة الهوية الدينية لهذه الشعوب.
بدأ استهداف العلماء الإيرانيين منذ ان اتضح ان الجمهورية الإسلامية مصممة على الاستمرار في اقتناء التكنولوجيا النووية وتطويرها باستقلال عن الغرب. وفي العامين الماضيين قتل أربعة من علمائها، فضلا عن الذين اختطفوا عندما كانوا خارج البلاد. فقد سبق اغتيال البروفيسور رضائي اغتيال الدكتور مسعود علي محمدي في 12يناير2010 وهو عالم الفيزياء الرياضية المتخصص في الجسيمات، وقد اغتيل بانفجار عندما كان خارجا من منزله للذهاب الى جامعة طهران. وفي 29نوفمبر2010 اغتيل العالم النووي مجيد شهرياري، بقنبلة ألصقت بسيارته، ويعتقد انه كان يعمل في المشروع النووي جنبا إلى جنب مع العالم الاخر فريدون عباسي.واتهمت السلطات الإيرانية جهاز الموساد بعملية اغتياله. أما فريدون عباسي، فقد نجا من محاولة اغتيال دبرت له في أحد شوارع طهران، وعين بعد ذلك رئيسا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. ويمكن القول ان العام2007 كان بداية مشروع الاغتيالات الإسرائيلية للعلماء الإيرانيين.
فقد اغتيل أردشير حسن بور عالم الفيزياء النووية، بعد ان دس السم في طعامه، وكان يعد من أبرز علماء إيران في التصنيع العسكري وكان يدير مركز الدراسات الكهرومغناطيسية النووية الذي أسس عام2005 وبرغم فرض السلطات الإيرانية إجراءات امنية مشددة على علمائها النوويين في أعقاب اغتيال العالم مجيد شهرياري، فقد تواصلت عمليات الاغتيال وآخرها اغتيال دريوش رضائي. فما الذي حدث؟ كيف استطاع اعداء إيران الوصول بهذه السهولة لشخصية مرموقة يفترض انها تحظى بحماية خاصة؟ الأمر المؤكد ان هذه الأعمال لن تؤثر كثيرا على سير المشروع، ولكنها مؤشر لخلل أمني واستخباراتي غير قليل. كما انها سوف تشجع الصهاينة على ارتكاب المزيد من الجرائم خصوصا مع استمرار الدعم السياسي والمعنوي الغربي، وبالتحديد من الولايات المتحدة الأمريكية. الإسرائيليون يعلمون ان هذه الاغتيالات لن توقف المشروع، ولكنها تأمل ان تؤدي لإحداث شروخ صغيرة أو كبيرة في المؤسسة السياسية الإيرانية، ولذلك فعلى إيران الاستعداد لخوض حرب استخباراتية شرسة مع أعدائها، وعدم الاكتفاء بموقف الدفاع السلبي.
الأمر الذي يستدعي الاهتمام سياسات التوسع والهيمنة التي تنطوي عليها الإستراتيجية الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، ولذلك ففي الوقت الذي يستهدف فيه علماء إيران، لا توفر آلة القتل الإسرائيلية علماء المسلمين الآخرين. فعلى مدى الأعوام الثمانية التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، قتل أكثر من 500من العلماء العراقيين بالاغتيال والتفجير. فبرغم ان العراق ليس مهتما في الوقت الحاضر بمشاريعه العلمية والتكنولوجية، الا أن الإسرائيليين يخططون للمستقبل فيستهدفون العلماء قبل ان يتمكنوا من بدء مشاريع متطورة تؤثر على ميزان القوى في الشرق الاوسط. ولم يوفر الإسرائيليون علماء مصر والعراق ولبنان سابقا. وقد عدد الكاتب علي بدوان بعض العلماء العرب الذين تمت تصفيتهم بأيدي الصهاينة وذكر منهم: المصري الدكتور يحيى أمين المشد، الدكتورة والعالمة المصرية في أبحاث الذرة الدكتورة سميرة موسى، وعالم الذرة المصري سمير نجيب، والدكتور في الفيزياء النووية نبيل القليني، والدكتور الفلسطيني في الفيزياء النووية نبيل احمد فليفل، والدكتور العلامة علي مصطفى مشرفة الذي تتلمذ على ألبرت اينشتين وكان أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية وأطلق عليه اينشتين العرب، والدكتور جمال حمدان، والدكتورة سلوى حبيب، والدكتور سعيد سيد بدير، والعالم اللبناني رمال حسن رمال الذي كان يعتبر أحد أهم علماء العصر في مجال فيزياء المواد، واللبناني الدكتور حسن كامل صباح (أديسون العرب)، والدكتورة السعودية سامية عبد الرحيم ميمني. في ضوء هذه الحقائق حان الوقت لموقف عربي اسلامي موحد ازاء هذه الجرائم التي ترتكب من قبل الصهاينة بدون رادع دولي او وازع من الضمير. واذا كان الايرانيون يستهدفون اليوم بشكل مباشر ضمن مشاريع استهداف منابع القوة لدى الأمة، فان كافة علماء العرب والمسلمين مستهدفون كذلك بالطرق والأساليب نفسها.
المشكلة ان الضغوط الغربية على الدول العربية تمنعها من متابعة الجرائم حتى تصل الى نهايات واضحة.
ولذلك أصبحت قضية اغتيال الفلسطيني محمود المبحوح في طي النسيان، بعد ان مارست واشنطن ضغوطا على مسئولي دولة الإمارات للتوقف عن مطاردة قتلة المبحوح. وفي كل مرة ترتكب 'اسرائيل' جريمة اغتيال او قتل يتم التغاضي عن الجريمة وتودع في ملفات النسيان. وهذا ما حدث مع جريمة اغتيال جهاد الوزير (أبو جهاد) في تونس في ابريل 1988، وصلاح خلف (أبو أياد) في 14يناير1991وفي 22مارس1990 اغتيل العالم الكندي، جيرالد بول الذي اشتهر بتصميم 'المدفع العملاق' للرئيس العراقي السابق، صدام حسين. واستهدفه الإسرائيليون بالقتل خارج شقته في بروكسل. وفي 12فبراير 2008 اغتيل المناضل اللبناني، عماد مغنية (الحاج رضوان) بتفجير سيارته بالقرب من شقته بكفر سوسة في دمشق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق