وظائف شركات البترول
الرئيسية » » واقع المسلمين في العلوم والتكنولوجيا

واقع المسلمين في العلوم والتكنولوجيا

Written By Unknown on الاثنين، 22 أبريل 2013 | 11:21 م


في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر التكنولوجيا وعصر التقدم والذي وصل فيه التقدم أن جعل الإنسان يعتقد أنه بإمكانه أن يصنع نفسه عبر الاستنساخ وغيرها من وسائل استخدام الجينات الأخرى، في هذا العصر يدعون بأن الدين يقف دائما ضد العلم، وأن الكنيسة في أوروبا حينما انفلتت عن العلم واستطاعت أوروبا أن تنطلق وتتقدم، فما هي نظرة الإسلام للعلوم والتكنولوجيا؟


القرضاوي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ومن اتبع هداه وبعد، فإذا كان هناك في أوروبا مشكلة بين الدين والعلم، وهي معروفة تاريخيا، انتفخ بها بطون الكتب، حيث عرف الصراع بين الدين والعلم في أوروبا وقامت على أساس ذلك محاكم التفتيش الشهيرة التي حاكمت العلماء أحياء وأمواتا، فأحرقت جثثهم بعد موتهم، نحن لم يكن عندنا مثل هذا الصراع، فالدين عندنا علم والعلم عندنا دين، الدين عندنا علم لأنه يقوم على أساس من العقل، علماؤنا يقولون العقل أساس النقل، بمعنى أن المعجزة هي التي تثبت النبوة،ما الدليل على أن سيدنا محمد رسول الله كيف نثبت هذا، بالعقل، فعندما نتحدث مع من لا يؤمن بالله ورسوله وليس لديه معرفة بالإسلام لا أعرض آيات من القرآن بل لابد أن أثبت له هذا بالعقل، بل العقائد الإسلامية عندنا لا تثبت إلا بالعقل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فليس عندنا مشكلة بين العقل والنقل أو الفكر والعقيدة أو بين الشريعة والحكمة أو بين الدين والعلم، الدين عندنا علم ويقوم على أساس العقل، والعلم عندنا دين لأنه يفترض أن يطلب الإنسان كل علم ينفع في دينه ودنياه، بعضه يعتبره العلماء فرض عين، فأنا أرى مثلا أنه في عصرنا لابد للإنسان أن يتعلم ما يمحي به أميته، وهناك فروض كفاية مثل أن يوجد في المسلمين عدد من علماء الطبيعة وعلماء الكيمياء والجيولوجيا والطب والهندسة وغير ذلك حتى يغطي حاجة المسلمين ولا يعتمدوا على غيرهم، يعتبر هذا من فروض الكفاية، التي تجب على مجموع الأمة وليس فرض بعينه وهذا يحدده أولو الأمر وحاجات الأمة، الإمام الغزالي عاب على أهل قريته، حيث وجد فيهم 50 يشتغلون بالفقه ولا يوجد إلا طبيب واحد من أهل الذمة، فنحن نعتبر هذه العلوم من فروض الكفاية التي يجب على الأمة في مجموعها أن تسد ثغراتها وأن تلبي حاجاتها ومن أجل هذا لم نجد في تاريخنا هذا الصراع المعروف في أوروبا. العلم عندنا يشمل علوم الدين وعلوم الدنيا، أما مصطلح العلماء والعلم عند الغربيون يقوم على الملاحظة والتجربة فلا يعتبرون علوم الدين والعلوم المشابهة علم، هذه العلوم مثل الطب والهندسة والفيزياء، كان علماؤها يدرسون الدين أولا ثم ينتهون إلى العلم، هناك بعض علمائنا المشهورين في علوم الدين مشهورين أيضا في علوم الدنيا مثل الفخر الرازي صاحب كتب المحصل في الدين وصاحب التفسير الكبير، كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في علوم الدين، نجد كذلك ابن رشد هو أكبر شارح لأرسطو في الفلسفة القديمة، وهو أيضا صاحب كتاب الكليات في الطب وقد ترجم للاتينية، وانتفع به الأوروبيين عدة قرون وهو في نفس الوقت القاضي ابن رشد صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في علم الفقه المقارن من أحسن الكتب، ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية وهو من فقهاء الشافعية، وهكذا ما كان عندنا مشكلة في العلم والدين، العلم عندنا قام في رحاب الدين، والجامعات نشأت تحت سقوف الجوامع، وما عرف تاريخنا هذا النزاع بين العلم والدين الذي كان في أوروبا.




المقدم:
هل هذا يضع علماء الجيولوجيا والطب وغيره في صف واحد مع علماء الدين من حيث المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، للارتقاء ووضع الأمة كذلك هل هم في مكانة واحدة؟

القرضاوي:
إذا أدى كل منهم ما هو واجب عليه بإخلاص وأمانة وصدق، فقد يكون عالم الدنيا أفضل من علماء الدين، فنحن نجد الآن من علماء الرياضيات وغيرهم من يسد الثغرات التي تحتاج إليها الأمة الإسلامية، نحن الآن أصبحنا في مؤخرة الأمم كنا في مأخذ الزمام من القافلة وسادة العالم لعدة قرون، وكانت جامعاتنا هي موئل الطلاب وكتبنا هي أشهر المراجع وعلماؤنا أشهر علماء العالم، ثم تأخرنا. لو جاء من علماء الطبيعة والرياضيات من شد أزر هذه الأمة وسد الثغرات، وارتقى بالأمة حتى تأخذ مكانها تحت الشمس، من يفعل هذا مخلصاً ربما كان أفضل من كثير من علماء الدين. المسألة ترجع للإخلاص والنية والصدق (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، لذا أعجب من الطلاب المتفوقين الذين يتركون كلياتهم للاشتغال بالشريعة بعد تفوقهم فلماذا يترك وهذا والشريعة فيها آلاف مؤلفة. فإن استطاع الإنسان أن يخدم دينه من هذا الطريق فإن مقامه عند الله عظيم من غير شك.

إلى أعلى

المقدم:
ما دمت فضيلتك أشرت لتقدم المسلمين في العصور الوسطى، فما الأسباب التي أدت لتخلف المسلمين في الوقت الحالي وتقدم غيرهم في العلوم والتكنولوجيا؟

القرضاوي:
هذا له أسباب معروفة، كنا نحن القادة للحضارة في العالم لعدة قرون ثم نمنا واستيقظ غيرنا، تخلفنا وبدأ غيرنا ينهض، أخذوا منا مناهج العلم التجريبي، وهذا باعترافهم أنفسهم، (برفولت) في كتاب الإنسانية و(بستافلوبور) في كتاب حضارة العرب، (وجورج سارتون) في كتاب تاريخ العلم، (درابر) في كتابه النزاع بين العلم والدين، كلهم أقروا أن مناهج العلم التجريبي ليس صانعها (روجر بيكون) ولا (فرانسيس بيكون)، بل أصلها من العرب المسلمين. فهم اقتبسوا من هذه الأشياء وانتفعوا بها ونحن نائمين ولازلنا للآن متخلفين وهم يسمونها البلاد النامية، وهي تسمية مهذبة للبلاد المتخلفة، ولعلهم سمونا النامية لنتوهم أننا ننمو ولكن في الحقيقة لا ننمو بالدرجة الكافية، حيث عندما نأتي لركوب القطار يصنعون هم الطائرة، نأتي لنركب الطائر، يصنعون الصواريخ وسفن الفضاء، وما نركبه من سيارات وطائرات من صنعهم، فطلبنا لمرسيدس 600 أو 700 أو 1000 بمواصفات خاصة وندفع فيها الملايين، لم نصنع فيها شيء ولكن ندفع لهم في مقابل صنعها. ما سبب تخلفنا؟ له عدة أسباب منها بإيجاز: نظامنا التعليمي حيث هو في حاجة إلى مراجعة، في الحقيقة أمير قطر حفظه الله قال في حفل الجامعة لتخريج هذه الدفعة، قال أننا في حاجة إلى تخريج الإنسان المفكر المبدع وليس الذي يصم ويحفظ، أمريكا حاولت تغيير نظامها التعليمي وقالت أنه تدهور، فنحن في حاجة لتغيير أنظمتنا التعليمية وتغيير فلسفتها هذا من ناحية، من ناحية أخرى الإنسان لكي يبدع لابد أن يعيش في جو حر، جو الاستبداد والطغيان يقتل الإبداع عند الإنسان، والذين هاجروا وجدوا جواً حراً لم يجدوه في الدول العربية فنجدهم قد أبدعوا، الأدب العربي فيه قصة لطيفة عن عنترة العبسي، فهو لونه أسود فأهمل وعومل كما يعامل العبيد، وظل يرعى الجمال والغنم ودرب نفسه على استعمال السهام والسلاح وغيره ولعب الرياضة حتى صار فارساً ولكن لا يعلم عنه أحد، ثم هوجمت قبيلته وكادت تسبى النساء، وهو يتفرج وقال له أبوه كر، فقال له لا أبت العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلابة والصر، فقال له كر فأنت حر، فامتطى جواده وأخذ رماحه وسيفه، وبدأ يهاجم المغيرين حتى ردها على أعقابها وأصبح من ساعتها فارس القبيلة، فما الذي حدث؟ (كر فأنت حر) أعطي حريته فلابد من جو الحرية. كذلك لكي ننتج لابد أن ندخل عصر التكنولوجيا المتطورة متجمعين لا متفرقين. فالآن لكي تنتج إنتاجاً منافساً في مجال الإنتاج العريض وتنافس غيرك لابد من عمل شيء كبير وعمل ضخم، فالدول الصناعية الكبرى تشترك في صناعة طائرة، فكيف تستطيع دولة وحدها أن تقتحم، لابد من العرب والمسلمين مع بعضهم البعض يكونوا كتلة.
العالم الإسلامي يملك المقومات المادية والاستراتيجية والحضارية والبشرية وعندنا عشرات الآلاف من العقول المهاجرة من العقول العربية والإسلامية التي لا نستفيد منها، فنحن نحتاج لحسن تنظيم.
هناك أيضاً لابد أن نربط هذا بالإيمان والأخلاق، البعض يسأل ما علاقة الإيمان والأخلاق بهذا، هذا تخلف، كان هناك عصر الصناعة الأول الذي كانت فيه الآلة توفر الجهد البدني على الإنسان، الآن نحن في عصر الصناعة الثاني وربما دخلنا الثالث الذي توفر فيه الآلة الجهد الذهني للإنسان، عصر الكمبيوتر وعصر الإلكترونيات، فنحن محتارين نسمي هذا العصر عصر الثورة الإلكترونية أم البيولوجية والجينات أم التكنولوجيا أم الفضائية أم المعلوماتية، هم سبقونا بمراحل، كيف نستطيع أن نتدارك ما فات؟ هذا يحتاج لقوة روحية هائلة، والقوة الروحية نكتسبها من الإيمان والإسلام، نستطيع أن نجعل الفرد يعمل وينتج أضعاف ما يؤتي غيره والقرآن ذكر لنا مثل في هذا في الجانب العسكري والجهادي (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين).



إلى أعلى

المقدم:
في العصر الحديث ظهرت الكثير من العلوم ومن بينها علم الذرة، واستخدمت القنبلة النووية في اليابان واستخدمت أسلحة نووية في أماكن كثيرة منها ما تعرض فيه الأكراد في حلبشة من الأسلحة الكيماوية، وقد ثبت أن هذه الأسلحة الكيماوية أو النووية لها ضرر بالغ على البشرية، في الوقت الذي تمتلك هذه الأسلحة كثير من دول العالم، غير أن دول المسلمين لم تمتلك مثل هذه الأسلحة، بل ووقعوا على اتفاقات تحول دون امتلاكهم لمثل هذه الأسلحة، فهل يحق للمسلمين في هذا العصر أن يسعوا لامتلاك هذا السلاح؟

القرضاوي:
من حق المسلمين باعتبارهم مجموعة بشرية متميزة لها عقائدها وقيمتها ورسالتها الخاصة أن يملكوا هذا السلاح، لا ليضربوا أحد، ولكن ليدافعوا به عن أنفسهم. هناك ما يسمى السلم المسلح أي تمتلك أنت وخصمك السلاح، بما يضمن إقامة كل منكما وبالتالي ضمان السلام بينكما، وهذا ما حدث أيام العملاقين الكبيرين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، كل منهما يملك أسلحة نووية، فلا يستطيع أحدهما أن يضرب لأنه يعلم أن الآخر يملك مثل هذا السلاح. نحن المسلمين مجموعة بشرية متميزة نكاد نكون خمس العالم أو أكثر يجب أن نمتلك مثل هذه الأسلحة، اليهود ملكوها والنصارى والشيوعيون والبوذيون والهندوس ملكوها، لماذا لا يملكها المسلمون، نحن لن نضرب بها أحد لكن لنصون أنفسنا ونتساوى مع غيرنا، لماذا تكون إسرائيل هي التي تملك هذه الترسانة النووية ومن حولها من المسلمين والعرب لا يملكون، وإذا حاولوا تقوم عليهم الدنيا ولا تقعد، كما حاول العراق قديماً، وباكستان وإيران الآن. نحن باعتبارنا أمة متميزة من حقنا أن نملك هذه الأسلحة وهي لغرض قال فيه تعالى: (ترهبون به عدو الله وعدوكم). (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

المقدم:
هل هذا يدخل في نطاق أن يصبح فرض عين على المسلمين امتلاك السلاح النووي؟

القرضاوي:
فرض كفاية على الأمة، أن تملك أسلحة تدافع بها عن نفسها.

إلى أعلى

المقدم:
فاكس من مشاهدة من ألمانيا تقول فيه زوجي يعمل في مجال صناعة الأسلحة والصواريخ، وهذه قد تكون من الأسلحة المدمرة فهل هو مذنب في ذلك؟ وتقول أيضا عندما ذهب زوجي لإحدى الدول العربية وعرض عليهم خبرته في مجال الأسلحة والصواريخ والطائرات سخروا منه فاتجه إلى الغرب، وهو يعمل الآن هنا في ألمانيا. ورغم عمله يود العمل في إحدى الدول العربية، كما تشير في رسالتها على لسان زوجها أن 80% من علماء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وفي مجال تصنيع الأسلحة من العرب أو المسلمين.

القرضاوي:
لا يعرف من يضرب بها، لكثير من الأحيان قد يشتريها (الأسلحة) العرب أو المسلمين، وإن كان يعلم أنها ستوجه ضد المسلمين لا يعمل بها وأنصحه أن يذهب إلى أندونيسيا حيث فيها نهضة في صناعة الأسلحة والطائرات قام بها الدكتور بحر الدين حبيبي وزير الطيران والصناعة وكان يعمل في ألمانيا مثل الأخ، لذلك تتوجه القوى المكايدة إلى أندونيسيا محاولة إجهاض هذه النهضة، فالمسلم الذي يعلم أنه يعمل في مجال يعرف أنه يضر المسلمين ينبغي أن ينسحب منه، إذا كان عنده يقين أو ترجيح، وإذا كان لا يعلم فالأصل الإباحة.



إلى أعلى

مشاهد من بريطانيا:
أتفق مع الدكتور في موضوع التطور في أوروبا، ولكن أعتقد أنه في الفترة التي فيها المسلمون يحترمون العلم ويقدرون العلماء هي التي تطوروا فيها، ولكن في الفترة التي بدأ فيها الخلاف بين العلماء وبدأت بين الخليفة المأمون وابن حنبل وتطورت بين الخليفة والغزالي وابن رشد بدأ الانفصال بين العلم وبين الدين، وبالتالي انحدار الحضارة العربية، كذلك في قضية التعليم، أنا مع الدكتور لكن العالم أو المدرس الذي يعلم في المدرسة نحن لا نقدره من الناحية المادية والمعنوية مثل اليابان فالمدرس هناك رقم 2 بعد الإمبراطورية أو العائلة الحاكمة، الناحية التالية ما هو دور علماء الدين في حث الناس في السلطة على تطبيق هذه المقولات فإذا رفضوا احترام العلماء وتوحيد قوى العرب المسلمين وظلوا هؤلاء قانعين بما هو قائم فهل يجوز لنا أن نثور أم ماذا؟

القرضاوي:
لم يحدث في تاريخنا صراع بين الدين والعلم أبدا، الغزالي لا يمثل صراع بين الدين والعلم ولكن صراع بين الدين والفلسفة، والفلسفة في هذه الحالة الجانب الإلهي كما سماه أستاذنا الدكتور محمد البهي، المسلمين لما أخذوا من اليونان فلسفتهم، فلسفتهم لم تكن منفصلة عن العلم فاختلط هذا، لكن ما وقف الغزالي ضده لم يكن ضد العلوم الطبيعية أو الرياضيات بل على العكس، لكن الوقوف ضد الجانب الإلهي أي ضد التفكير الديني الميتافيزيقي فهذا أمر آخر، أما العلم القائم على المشاهدة والتجربة والقوانين وربط الأسباب بالمسببات واكتشاف السنن لم يقف أمامه المسلمون في أي وقت من الأوقات التي يسمونها العصور الوسطى-وأنا لي تحفظ على هذه التسمية- فهي عصورنا الذهبية. احترام العلماء ننادي به جميعاً، وهذا ما قلته من توفير الحقوق والحرية للتفكير وأنا أعرف أحد الزعماء في الدول العربية بعث مندوبيه في فترة من الفترات لجلب الشباب النوابغ في أمريكا وأوروبا وقال لهم تعالوا سنصنع لكم مدينة علمية، وبعد ذلك بمجرد نزولهم إلى المطار شعروا أنهم سجناء حرب، وأول ما أتيحت لهم الفرصة تركوا البلد ولم يرجعوا إليها. وكما قلت النظام التعليمي بكل عناصره، تعطي حق الطالب والمعلم فهذا ما نريده

إلى أعلى

مشاهد من بريطانيا:
فاقد الشيء لا يعطيه، فنحن أمام ظاهرة محاربة الإسلام، لكي يقوم التقدم يجب أن يقوم على الإسلام ليس على العلمانيين واليهود وغيرهم، فنحن نريد مشروع حضاري إسلامي يجيب عن تساؤلات المستقبل وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشكلات الحاضر التي منها اختيار الحاكم والديكتاتورية وإرجاع الحقوق للمسلمين، وهذا يحتاج إلى إيجاد قاعدة صلبة. كذلك نحن أمام ظاهرة عجيبة فنحن أمام أعداء من الداخل.

القرضاوي:
نحن في حاجة لمشروع متكامل، لا ندعو لجزئية من الجزئيات، نحتاج مشروع إسلامي متكامل في جميع الجوانب يرقى بأمتنا وبحضارتنا من النواحي الروحية والعقلية المادية والأدبية، الفردية والاجتماعية، السياسية والدينية..، أنا لا أركز على ناحية وأترك ناحية أخرى. فمن قال أن العلم عند العلمانيين؟ العلم عند الجميع، والعلم لا يرتبط بناس أو بدين أو وطن، العلم خذه من أي وعاء خرج، النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من الأسرى المشركين في غزوة بدر، وطلب من من لا يملك الفدية بالمال، أن يعلم 10 من أبناء المسلمين الكتابة، وكان زيد بن ثابت من من تعلم على أيدي المشركين، فنحن نأخذ منهم العلم ولا نأخذ الشرك. المهم كيف نستفيد من هذا العلم، ولا يمكن أن تنهض أمتنا بمشروعها إذا ظلت في دائرة التخلف والمتخلفين.

إلى أعلى

المقدم:
شبكة الإنترنت لعلها من الأشياء التي تعطي دلالة على التقدم التكنولوجي مع ظهورها كيف يستطيع المسلمون الاستفادة من هذا الأمر، ولنسمع أولا لمحادثة أحد خبراء الإنترنت المهندس محمد تكريتي.


مهندس محمد: هل يمكن أن تعطينا موجز سريع عن ما هي شبكة الإنترنت؟

المهندس محمد تكريتي:
الإنترنت بتعريف مبسط هي شبكة معلومات عالمية تربط بين عدد كبير من أجهزة الكمبيوتر في شيء أنحاء العالم، ويستطيع من خلالها عشرات الملايين من الناس أن يتبادلوا المعلومات، بطريقة سهلة وسريعة ومنخفضة التكاليف نسبياً، الإنترنت تحتوي على كم هائل من المعلومات المتنوعة في شتى مجالات الحياة، وهذه المعلومات لها صور متنوعة، منها معلومات على شكل نصوص أو صور أو رسوم أو تسهيلات صوتية أو فيديو..الخ.

المقدم:
ما هي طبيعة هذه المعلومات؟

تكريتي:
هذه المعلومات تتناول شتى نواحي الحياة، تغطى كل ما يمكن أن تتخيل من جوانب الحياة، بعضها يتعلق بالتجارة والاقتصاد، هناك ما يتعلق بالإعلام والدعاية والأخبار، كذلك لها استخدامات علمية وأكاديمية، ولها استخدامات ترفيهية.

المقدم:
هل هناك جهات محددة تفرض سيطرتها على شبكة الإنترنت، أم أنها الآن خرجت عن نطاق السيطرة؟

تكريتي:
الحقيقة ليست هناك جهة معينة تستطيع أن تسيطر على الإنترنت وهذه من إيجابيات وسلبيات الإنترنت. من إيجابياتها أنك تستطيع أن تضع ما تشاء من معلومات دون أن تنتظر إذن أحد، ومن سلبياتها بما أن لا يوجد هناك رقيب أو سلطة على الإنترنت فبإمكان أي أحد صاحب أهداف تخريبية أن يضع ما يشاء.

المقدم:
لا يستطيع أحد أن يلغي شيئاً من هذه العلوم التي يتم بثها؟

تكريتي:
يمكن ولكن في القليل النادر جداً وفي حالات خاصة، لكن على الأغلب أي إنسان يستطيع أن يضع ما يشاء على الإنترنت دون أن يأخذ إذنا من أحد.


في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر التكنولوجيا وعصر التقدم والذي وصل فيه التقدم أن جعل الإنسان يعتقد أنه بإمكانه أن يصنع نفسه عبر الاستنساخ وغيرها من وسائل استخدام الجينات الأخرى، في هذا العصر يدعون بأن الدين يقف دائما ضد العلم، وأن الكنيسة في أوروبا حينما انفلتت عن العلم واستطاعت أوروبا أن تنطلق وتتقدم، فما هي نظرة الإسلام للعلوم والتكنولوجيا؟


القرضاوي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ومن اتبع هداه وبعد، فإذا كان هناك في أوروبا مشكلة بين الدين والعلم، وهي معروفة تاريخيا، انتفخ بها بطون الكتب، حيث عرف الصراع بين الدين والعلم في أوروبا وقامت على أساس ذلك محاكم التفتيش الشهيرة التي حاكمت العلماء أحياء وأمواتا، فأحرقت جثثهم بعد موتهم، نحن لم يكن عندنا مثل هذا الصراع، فالدين عندنا علم والعلم عندنا دين، الدين عندنا علم لأنه يقوم على أساس من العقل، علماؤنا يقولون العقل أساس النقل، بمعنى أن المعجزة هي التي تثبت النبوة،ما الدليل على أن سيدنا محمد رسول الله كيف نثبت هذا، بالعقل، فعندما نتحدث مع من لا يؤمن بالله ورسوله وليس لديه معرفة بالإسلام لا أعرض آيات من القرآن بل لابد أن أثبت له هذا بالعقل، بل العقائد الإسلامية عندنا لا تثبت إلا بالعقل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فليس عندنا مشكلة بين العقل والنقل أو الفكر والعقيدة أو بين الشريعة والحكمة أو بين الدين والعلم، الدين عندنا علم ويقوم على أساس العقل، والعلم عندنا دين لأنه يفترض أن يطلب الإنسان كل علم ينفع في دينه ودنياه، بعضه يعتبره العلماء فرض عين، فأنا أرى مثلا أنه في عصرنا لابد للإنسان أن يتعلم ما يمحي به أميته، وهناك فروض كفاية مثل أن يوجد في المسلمين عدد من علماء الطبيعة وعلماء الكيمياء والجيولوجيا والطب والهندسة وغير ذلك حتى يغطي حاجة المسلمين ولا يعتمدوا على غيرهم، يعتبر هذا من فروض الكفاية، التي تجب على مجموع الأمة وليس فرض بعينه وهذا يحدده أولو الأمر وحاجات الأمة، الإمام الغزالي عاب على أهل قريته، حيث وجد فيهم 50 يشتغلون بالفقه ولا يوجد إلا طبيب واحد من أهل الذمة، فنحن نعتبر هذه العلوم من فروض الكفاية التي يجب على الأمة في مجموعها أن تسد ثغراتها وأن تلبي حاجاتها ومن أجل هذا لم نجد في تاريخنا هذا الصراع المعروف في أوروبا. العلم عندنا يشمل علوم الدين وعلوم الدنيا، أما مصطلح العلماء والعلم عند الغربيون يقوم على الملاحظة والتجربة فلا يعتبرون علوم الدين والعلوم المشابهة علم، هذه العلوم مثل الطب والهندسة والفيزياء، كان علماؤها يدرسون الدين أولا ثم ينتهون إلى العلم، هناك بعض علمائنا المشهورين في علوم الدين مشهورين أيضا في علوم الدنيا مثل الفخر الرازي صاحب كتب المحصل في الدين وصاحب التفسير الكبير، كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في علوم الدين، نجد كذلك ابن رشد هو أكبر شارح لأرسطو في الفلسفة القديمة، وهو أيضا صاحب كتاب الكليات في الطب وقد ترجم للاتينية، وانتفع به الأوروبيين عدة قرون وهو في نفس الوقت القاضي ابن رشد صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في علم الفقه المقارن من أحسن الكتب، ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية وهو من فقهاء الشافعية، وهكذا ما كان عندنا مشكلة في العلم والدين، العلم عندنا قام في رحاب الدين، والجامعات نشأت تحت سقوف الجوامع، وما عرف تاريخنا هذا النزاع بين العلم والدين الذي كان في أوروبا.




المقدم:
هل هذا يضع علماء الجيولوجيا والطب وغيره في صف واحد مع علماء الدين من حيث المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، للارتقاء ووضع الأمة كذلك هل هم في مكانة واحدة؟

القرضاوي:
إذا أدى كل منهم ما هو واجب عليه بإخلاص وأمانة وصدق، فقد يكون عالم الدنيا أفضل من علماء الدين، فنحن نجد الآن من علماء الرياضيات وغيرهم من يسد الثغرات التي تحتاج إليها الأمة الإسلامية، نحن الآن أصبحنا في مؤخرة الأمم كنا في مأخذ الزمام من القافلة وسادة العالم لعدة قرون، وكانت جامعاتنا هي موئل الطلاب وكتبنا هي أشهر المراجع وعلماؤنا أشهر علماء العالم، ثم تأخرنا. لو جاء من علماء الطبيعة والرياضيات من شد أزر هذه الأمة وسد الثغرات، وارتقى بالأمة حتى تأخذ مكانها تحت الشمس، من يفعل هذا مخلصاً ربما كان أفضل من كثير من علماء الدين. المسألة ترجع للإخلاص والنية والصدق (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، لذا أعجب من الطلاب المتفوقين الذين يتركون كلياتهم للاشتغال بالشريعة بعد تفوقهم فلماذا يترك وهذا والشريعة فيها آلاف مؤلفة. فإن استطاع الإنسان أن يخدم دينه من هذا الطريق فإن مقامه عند الله عظيم من غير شك.

إلى أعلى

المقدم:
ما دمت فضيلتك أشرت لتقدم المسلمين في العصور الوسطى، فما الأسباب التي أدت لتخلف المسلمين في الوقت الحالي وتقدم غيرهم في العلوم والتكنولوجيا؟

القرضاوي:
هذا له أسباب معروفة، كنا نحن القادة للحضارة في العالم لعدة قرون ثم نمنا واستيقظ غيرنا، تخلفنا وبدأ غيرنا ينهض، أخذوا منا مناهج العلم التجريبي، وهذا باعترافهم أنفسهم، (برفولت) في كتاب الإنسانية و(بستافلوبور) في كتاب حضارة العرب، (وجورج سارتون) في كتاب تاريخ العلم، (درابر) في كتابه النزاع بين العلم والدين، كلهم أقروا أن مناهج العلم التجريبي ليس صانعها (روجر بيكون) ولا (فرانسيس بيكون)، بل أصلها من العرب المسلمين. فهم اقتبسوا من هذه الأشياء وانتفعوا بها ونحن نائمين ولازلنا للآن متخلفين وهم يسمونها البلاد النامية، وهي تسمية مهذبة للبلاد المتخلفة، ولعلهم سمونا النامية لنتوهم أننا ننمو ولكن في الحقيقة لا ننمو بالدرجة الكافية، حيث عندما نأتي لركوب القطار يصنعون هم الطائرة، نأتي لنركب الطائر، يصنعون الصواريخ وسفن الفضاء، وما نركبه من سيارات وطائرات من صنعهم، فطلبنا لمرسيدس 600 أو 700 أو 1000 بمواصفات خاصة وندفع فيها الملايين، لم نصنع فيها شيء ولكن ندفع لهم في مقابل صنعها. ما سبب تخلفنا؟ له عدة أسباب منها بإيجاز: نظامنا التعليمي حيث هو في حاجة إلى مراجعة، في الحقيقة أمير قطر حفظه الله قال في حفل الجامعة لتخريج هذه الدفعة، قال أننا في حاجة إلى تخريج الإنسان المفكر المبدع وليس الذي يصم ويحفظ، أمريكا حاولت تغيير نظامها التعليمي وقالت أنه تدهور، فنحن في حاجة لتغيير أنظمتنا التعليمية وتغيير فلسفتها هذا من ناحية، من ناحية أخرى الإنسان لكي يبدع لابد أن يعيش في جو حر، جو الاستبداد والطغيان يقتل الإبداع عند الإنسان، والذين هاجروا وجدوا جواً حراً لم يجدوه في الدول العربية فنجدهم قد أبدعوا، الأدب العربي فيه قصة لطيفة عن عنترة العبسي، فهو لونه أسود فأهمل وعومل كما يعامل العبيد، وظل يرعى الجمال والغنم ودرب نفسه على استعمال السهام والسلاح وغيره ولعب الرياضة حتى صار فارساً ولكن لا يعلم عنه أحد، ثم هوجمت قبيلته وكادت تسبى النساء، وهو يتفرج وقال له أبوه كر، فقال له لا أبت العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلابة والصر، فقال له كر فأنت حر، فامتطى جواده وأخذ رماحه وسيفه، وبدأ يهاجم المغيرين حتى ردها على أعقابها وأصبح من ساعتها فارس القبيلة، فما الذي حدث؟ (كر فأنت حر) أعطي حريته فلابد من جو الحرية. كذلك لكي ننتج لابد أن ندخل عصر التكنولوجيا المتطورة متجمعين لا متفرقين. فالآن لكي تنتج إنتاجاً منافساً في مجال الإنتاج العريض وتنافس غيرك لابد من عمل شيء كبير وعمل ضخم، فالدول الصناعية الكبرى تشترك في صناعة طائرة، فكيف تستطيع دولة وحدها أن تقتحم، لابد من العرب والمسلمين مع بعضهم البعض يكونوا كتلة.
العالم الإسلامي يملك المقومات المادية والاستراتيجية والحضارية والبشرية وعندنا عشرات الآلاف من العقول المهاجرة من العقول العربية والإسلامية التي لا نستفيد منها، فنحن نحتاج لحسن تنظيم.
هناك أيضاً لابد أن نربط هذا بالإيمان والأخلاق، البعض يسأل ما علاقة الإيمان والأخلاق بهذا، هذا تخلف، كان هناك عصر الصناعة الأول الذي كانت فيه الآلة توفر الجهد البدني على الإنسان، الآن نحن في عصر الصناعة الثاني وربما دخلنا الثالث الذي توفر فيه الآلة الجهد الذهني للإنسان، عصر الكمبيوتر وعصر الإلكترونيات، فنحن محتارين نسمي هذا العصر عصر الثورة الإلكترونية أم البيولوجية والجينات أم التكنولوجيا أم الفضائية أم المعلوماتية، هم سبقونا بمراحل، كيف نستطيع أن نتدارك ما فات؟ هذا يحتاج لقوة روحية هائلة، والقوة الروحية نكتسبها من الإيمان والإسلام، نستطيع أن نجعل الفرد يعمل وينتج أضعاف ما يؤتي غيره والقرآن ذكر لنا مثل في هذا في الجانب العسكري والجهادي (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين).



إلى أعلى

المقدم:
في العصر الحديث ظهرت الكثير من العلوم ومن بينها علم الذرة، واستخدمت القنبلة النووية في اليابان واستخدمت أسلحة نووية في أماكن كثيرة منها ما تعرض فيه الأكراد في حلبشة من الأسلحة الكيماوية، وقد ثبت أن هذه الأسلحة الكيماوية أو النووية لها ضرر بالغ على البشرية، في الوقت الذي تمتلك هذه الأسلحة كثير من دول العالم، غير أن دول المسلمين لم تمتلك مثل هذه الأسلحة، بل ووقعوا على اتفاقات تحول دون امتلاكهم لمثل هذه الأسلحة، فهل يحق للمسلمين في هذا العصر أن يسعوا لامتلاك هذا السلاح؟

القرضاوي:
من حق المسلمين باعتبارهم مجموعة بشرية متميزة لها عقائدها وقيمتها ورسالتها الخاصة أن يملكوا هذا السلاح، لا ليضربوا أحد، ولكن ليدافعوا به عن أنفسهم. هناك ما يسمى السلم المسلح أي تمتلك أنت وخصمك السلاح، بما يضمن إقامة كل منكما وبالتالي ضمان السلام بينكما، وهذا ما حدث أيام العملاقين الكبيرين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، كل منهما يملك أسلحة نووية، فلا يستطيع أحدهما أن يضرب لأنه يعلم أن الآخر يملك مثل هذا السلاح. نحن المسلمين مجموعة بشرية متميزة نكاد نكون خمس العالم أو أكثر يجب أن نمتلك مثل هذه الأسلحة، اليهود ملكوها والنصارى والشيوعيون والبوذيون والهندوس ملكوها، لماذا لا يملكها المسلمون، نحن لن نضرب بها أحد لكن لنصون أنفسنا ونتساوى مع غيرنا، لماذا تكون إسرائيل هي التي تملك هذه الترسانة النووية ومن حولها من المسلمين والعرب لا يملكون، وإذا حاولوا تقوم عليهم الدنيا ولا تقعد، كما حاول العراق قديماً، وباكستان وإيران الآن. نحن باعتبارنا أمة متميزة من حقنا أن نملك هذه الأسلحة وهي لغرض قال فيه تعالى: (ترهبون به عدو الله وعدوكم). (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

المقدم:
هل هذا يدخل في نطاق أن يصبح فرض عين على المسلمين امتلاك السلاح النووي؟

القرضاوي:
فرض كفاية على الأمة، أن تملك أسلحة تدافع بها عن نفسها.

إلى أعلى

المقدم:
فاكس من مشاهدة من ألمانيا تقول فيه زوجي يعمل في مجال صناعة الأسلحة والصواريخ، وهذه قد تكون من الأسلحة المدمرة فهل هو مذنب في ذلك؟ وتقول أيضا عندما ذهب زوجي لإحدى الدول العربية وعرض عليهم خبرته في مجال الأسلحة والصواريخ والطائرات سخروا منه فاتجه إلى الغرب، وهو يعمل الآن هنا في ألمانيا. ورغم عمله يود العمل في إحدى الدول العربية، كما تشير في رسالتها على لسان زوجها أن 80% من علماء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وفي مجال تصنيع الأسلحة من العرب أو المسلمين.

القرضاوي:
لا يعرف من يضرب بها، لكثير من الأحيان قد يشتريها (الأسلحة) العرب أو المسلمين، وإن كان يعلم أنها ستوجه ضد المسلمين لا يعمل بها وأنصحه أن يذهب إلى أندونيسيا حيث فيها نهضة في صناعة الأسلحة والطائرات قام بها الدكتور بحر الدين حبيبي وزير الطيران والصناعة وكان يعمل في ألمانيا مثل الأخ، لذلك تتوجه القوى المكايدة إلى أندونيسيا محاولة إجهاض هذه النهضة، فالمسلم الذي يعلم أنه يعمل في مجال يعرف أنه يضر المسلمين ينبغي أن ينسحب منه، إذا كان عنده يقين أو ترجيح، وإذا كان لا يعلم فالأصل الإباحة.



إلى أعلى

مشاهد من بريطانيا:
أتفق مع الدكتور في موضوع التطور في أوروبا، ولكن أعتقد أنه في الفترة التي فيها المسلمون يحترمون العلم ويقدرون العلماء هي التي تطوروا فيها، ولكن في الفترة التي بدأ فيها الخلاف بين العلماء وبدأت بين الخليفة المأمون وابن حنبل وتطورت بين الخليفة والغزالي وابن رشد بدأ الانفصال بين العلم وبين الدين، وبالتالي انحدار الحضارة العربية، كذلك في قضية التعليم، أنا مع الدكتور لكن العالم أو المدرس الذي يعلم في المدرسة نحن لا نقدره من الناحية المادية والمعنوية مثل اليابان فالمدرس هناك رقم 2 بعد الإمبراطورية أو العائلة الحاكمة، الناحية التالية ما هو دور علماء الدين في حث الناس في السلطة على تطبيق هذه المقولات فإذا رفضوا احترام العلماء وتوحيد قوى العرب المسلمين وظلوا هؤلاء قانعين بما هو قائم فهل يجوز لنا أن نثور أم ماذا؟

القرضاوي:
لم يحدث في تاريخنا صراع بين الدين والعلم أبدا، الغزالي لا يمثل صراع بين الدين والعلم ولكن صراع بين الدين والفلسفة، والفلسفة في هذه الحالة الجانب الإلهي كما سماه أستاذنا الدكتور محمد البهي، المسلمين لما أخذوا من اليونان فلسفتهم، فلسفتهم لم تكن منفصلة عن العلم فاختلط هذا، لكن ما وقف الغزالي ضده لم يكن ضد العلوم الطبيعية أو الرياضيات بل على العكس، لكن الوقوف ضد الجانب الإلهي أي ضد التفكير الديني الميتافيزيقي فهذا أمر آخر، أما العلم القائم على المشاهدة والتجربة والقوانين وربط الأسباب بالمسببات واكتشاف السنن لم يقف أمامه المسلمون في أي وقت من الأوقات التي يسمونها العصور الوسطى-وأنا لي تحفظ على هذه التسمية- فهي عصورنا الذهبية. احترام العلماء ننادي به جميعاً، وهذا ما قلته من توفير الحقوق والحرية للتفكير وأنا أعرف أحد الزعماء في الدول العربية بعث مندوبيه في فترة من الفترات لجلب الشباب النوابغ في أمريكا وأوروبا وقال لهم تعالوا سنصنع لكم مدينة علمية، وبعد ذلك بمجرد نزولهم إلى المطار شعروا أنهم سجناء حرب، وأول ما أتيحت لهم الفرصة تركوا البلد ولم يرجعوا إليها. وكما قلت النظام التعليمي بكل عناصره، تعطي حق الطالب والمعلم فهذا ما نريده

إلى أعلى

مشاهد من بريطانيا:
فاقد الشيء لا يعطيه، فنحن أمام ظاهرة محاربة الإسلام، لكي يقوم التقدم يجب أن يقوم على الإسلام ليس على العلمانيين واليهود وغيرهم، فنحن نريد مشروع حضاري إسلامي يجيب عن تساؤلات المستقبل وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشكلات الحاضر التي منها اختيار الحاكم والديكتاتورية وإرجاع الحقوق للمسلمين، وهذا يحتاج إلى إيجاد قاعدة صلبة. كذلك نحن أمام ظاهرة عجيبة فنحن أمام أعداء من الداخل.

القرضاوي:
نحن في حاجة لمشروع متكامل، لا ندعو لجزئية من الجزئيات، نحتاج مشروع إسلامي متكامل في جميع الجوانب يرقى بأمتنا وبحضارتنا من النواحي الروحية والعقلية المادية والأدبية، الفردية والاجتماعية، السياسية والدينية..، أنا لا أركز على ناحية وأترك ناحية أخرى. فمن قال أن العلم عند العلمانيين؟ العلم عند الجميع، والعلم لا يرتبط بناس أو بدين أو وطن، العلم خذه من أي وعاء خرج، النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من الأسرى المشركين في غزوة بدر، وطلب من من لا يملك الفدية بالمال، أن يعلم 10 من أبناء المسلمين الكتابة، وكان زيد بن ثابت من من تعلم على أيدي المشركين، فنحن نأخذ منهم العلم ولا نأخذ الشرك. المهم كيف نستفيد من هذا العلم، ولا يمكن أن تنهض أمتنا بمشروعها إذا ظلت في دائرة التخلف والمتخلفين.

إلى أعلى

المقدم:
شبكة الإنترنت لعلها من الأشياء التي تعطي دلالة على التقدم التكنولوجي مع ظهورها كيف يستطيع المسلمون الاستفادة من هذا الأمر، ولنسمع أولا لمحادثة أحد خبراء الإنترنت المهندس محمد تكريتي.


مهندس محمد: هل يمكن أن تعطينا موجز سريع عن ما هي شبكة الإنترنت؟

المهندس محمد تكريتي:
الإنترنت بتعريف مبسط هي شبكة معلومات عالمية تربط بين عدد كبير من أجهزة الكمبيوتر في شيء أنحاء العالم، ويستطيع من خلالها عشرات الملايين من الناس أن يتبادلوا المعلومات، بطريقة سهلة وسريعة ومنخفضة التكاليف نسبياً، الإنترنت تحتوي على كم هائل من المعلومات المتنوعة في شتى مجالات الحياة، وهذه المعلومات لها صور متنوعة، منها معلومات على شكل نصوص أو صور أو رسوم أو تسهيلات صوتية أو فيديو..الخ.

المقدم:
ما هي طبيعة هذه المعلومات؟

تكريتي:
هذه المعلومات تتناول شتى نواحي الحياة، تغطى كل ما يمكن أن تتخيل من جوانب الحياة، بعضها يتعلق بالتجارة والاقتصاد، هناك ما يتعلق بالإعلام والدعاية والأخبار، كذلك لها استخدامات علمية وأكاديمية، ولها استخدامات ترفيهية.

المقدم:
هل هناك جهات محددة تفرض سيطرتها على شبكة الإنترنت، أم أنها الآن خرجت عن نطاق السيطرة؟

تكريتي:
الحقيقة ليست هناك جهة معينة تستطيع أن تسيطر على الإنترنت وهذه من إيجابيات وسلبيات الإنترنت. من إيجابياتها أنك تستطيع أن تضع ما تشاء من معلومات دون أن تنتظر إذن أحد، ومن سلبياتها بما أن لا يوجد هناك رقيب أو سلطة على الإنترنت فبإمكان أي أحد صاحب أهداف تخريبية أن يضع ما يشاء.

المقدم:
لا يستطيع أحد أن يلغي شيئاً من هذه العلوم التي يتم بثها؟

تكريتي:
يمكن ولكن في القليل النادر جداً وفي حالات خاصة، لكن على الأغلب أي إنسان يستطيع أن يضع ما يشاء على الإنترنت دون أن يأخذ إذنا من أحد.

إلى أعلى

المقدم:
شكرا للمهندس محمد تكريتي خبير المعلومات وشبكة الإنترنت. فضيلة الدكتور في الأسبوع الماضي عقدتم مؤتمرا صحفيا تحدثتم فيه عن مشروع ضخم لإدخال الأصول الأساسية للدين الإسلامي وأتاحتها للمشتركين الذين يزيدون عن 60 مليون مشترك على مستوى العالم، لو تعطينا موجز عن هذا الموضوع.

القرضاوي:
هذا المشروع استجابة إسلامية لمنطق العصر، فالمفروض نحن المسلمين لا نقف جامدين، لابد أن نتطور بتطور ما حولنا، دعوى منا لمواكبة لعصرها وزمانها ومكانها، الناس في الزمن الأول كانوا يخاطبون الناس بما يقدرون عليه بالكلمة وبالدرس والمحاضرة وبتأليف كتاب أو رسالة، برحلة لدول مختلفة لتوصيل الإسلام إليهم، وقد يضطرون لحرب ليزيحوا الحواجز من طريقهم لتوصيل كلمة الإسلام إلى الشعوب. أما الآن فالله سبحانه وتعالى هيأ لنا وسائل جديدة، هي نعم من الله تعالى علينا ينبغي أن نشكر الله تعالى عليها، وهي وسائل التكنولوجيا مثل الأقمار الصناعية، نحن الآن نخاطب العالم المسلم في جميع أنحاء العالم بهذه التكنولوجيا في هذا البرنامج، فالإنترنت هي وسيلة حديثة نستطيع بها أن نخاطب العالم الإسلامي برسالة الإسلام، ونحن نعلم أن رسالة الإسلام رسالة عالمية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ليكون للعالمين نذيراً) (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) هذه وسيلة من الوسائل الهامة جدا لمخاطبة الناس، وأقول للأسف أنه بعض المنحرفين عن الإسلام مثل القديانيين أو البهائيين بدأوا يظهرون صفحات كثيرة على الإنترنت عن الإسلام غير موثقة إسلامياً، لم يقم بها علماء مسلمون مخلصون، يقوم بها يهود ونصارى وأجانب يعرضون صفحات عن الإسلام ما يعرف الناس ما أصل هذه الصفحات، يجب على المسلمين أن يخدموا دينهم بأن يعرضوا الإسلام الصحيح عقيدة وشرعية وأخلاقاً وقرآنًا وسنة وواقع هذه الأمة الإسلامية على الشبكة.


هذا المشروع الذي أقمناه، مشروع عالمي رائد، يحتوي 11 موقعاً كل موقع منها يحتاج إلى جهود هائلة، موقع نقدم فيه هذا الدين الإسلامي برسالته وحقائقه وشرائعه وأخلاقياته، وكيف تمارس الإسلام، المكتبة الإسلامية، الفتوى (اسألوا أهل الذكر) عن طريق البريد الإلكتروني، التعريف بالمواقع الإسلامية على الإنترنت، النافع منها والضار، الموثق وغير الموثق، أعتقد هذا الموضوع إذا أحسناه هو جهاد هذا العصر، فكل عصر له جهاده، قديماً كنا نقاتل، الآن هذا هو جهادنا، نوصل الكلمة عن طريق هذه الشبكة، لذلك جامعة قطر تبنت هذا المشروع وقدمه أحد الأخوة الشباب من القطريين، الدكتور حامد الأنصاري وكوّنا لجنة برئاسته مع كبار المتخصصين من علماء كلية الشريعة، واجتمعنا اجتماعات مطولة ووضعنا المناهج الأساسية للعمل وبدأنا نكلف الشخصيات، فهذا يحتاج لجهود هائلة وأموال طائلة، الدكتور حامد سافر للعديد من الدول للاتفاق مع الكثيرين ليمدونا بما عندهم من اللغة الإنجليزية، ونمدهم نحن بما عندنا اللغة العربية، نحن الآن في مرحلة التحضير لم نبدأ بعد، لكن ليس واجب الدولة وحدها، فالجامعة مشكورة قدمت لنا تسهيلات كبيرة وموظفين وموظفات وأجهزة لكن لازلنا في حاجة، لذلك أردنا أن نشرك الشعب وأقمنا مهرجاناً خيرياً لدعم هذا المشروع وإمداده، والحقيقة وجدنا تجاوبا من أبناء قطر، من الشركات والتجار والأفراد وهذا المهرجان يقام تحت رعاية الشيخة موزة حرم سمو الأمير، ونقدم لها الشكر على هذه الاستجابة ولكل من عاونوا، وأنا أعتبر هذا المشروع ليس مشروع الجامعة ولا مشروع قطر، هو مشروع المسلمين، قطر تقدم خدمة للعالم الإسلامي، فأنا أرى أن هذه الهدية التي تقدمها قطر عن طريق الإنترنت سيكون لها أثرها في المستقبل إن شاء الله، في بعض البلاد، مثل مصر قدمت الأزهر، السعودية قدمت الجامعة الإسلامية في المدينة، الكويت قدمت موسوعة الفقه الإسلامي، قطر تقدم إن شاء الله هذا المشروع الإسلامي الرائد على شبكة الإنترنت، نحن المسلمين جميعاً يجب أن نساعد هذا المشروع، نستطيع أن نساعده من الزكاة ومن الصدقات والوصايا، وإذا كان لأحد مال فيه شبهة يستطيع أن يدفعه لهذا المشروع، ليقوم ويقف صلباً ويؤدي الرسالة المرجوة إن شاء الله.

إلى أعلى


مشاهد من سويسرا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله) وقال تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) وقال الشيخ القرضاوي أن علم الدنيا أفضل من علم الدين.

القرضاوي:
ما قيل هذا، نحن لم نقل ولن نقول أبدا هذا، أقول المسلمون محتاجون لعلم الدين وعلوم الدنيا، ونحن الآن طمع فينا من طمع لأننا جهلنا علوم الدنيا، وأصبحنا عالة على غيرنا، فدخلوا علينا واحتلوا أرضنا وغصبوا حقنا، والآن إسرائيل تأكل حقنا وأرضنا وقدسنا، لو كنا أقوياء كما قال الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ما استطاعوا هذا. كيف نستطيع أن نكون أقوياء بدون العلم، خاصة في عصرنا هذا لا يمكن الآن في عصرنا أن نكون بهذه القوة إلا بالعلم، العلماء يقولون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بل حتى الإيمان الذي تذكره الأخت (أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله) يحتاج لكي نعرضه على الناس أن يدعم بالعلم، ونبّين عن طريق العلوم الكوّنية كيف نؤمن بالله ورسوله، ونبحث في العلوم لتوضيح إعجاز القرآن، وفي هذا يعمل الأخ الزنداني، والدكتور زغلول نجار وآخرون، العلم ينفعنا ولا يضرنا ولا يضرنا سوى الجهل والغباء.

إلى أعلى

مشاهد من الدانمارك:
هناك إشكالية حول وجود مشروع حضاري للإسلام، الدين الإسلامي دين عالمي، مسألة المعرفة كما ورد في القرآن ثنائية القطب، أي هناك جانب للعلم وجانب للحكمة، وطالما أن العلم هو محدود للبشرية فهناك الحكمة النابعة عن الإيمان، فأنا أتخوف من بعض البرامج في العلم أن الذين يزدانون بهذا العلم قد يقودهم إلى الشك أن هناك تعارض بين العلم والدين وهذا خطأ شائع.

القرضاوي:
الإنسان عامة والمسلم خاصة والأمة الإسلامية لا يمكن أن تستغني عن الدين أو عن العلم، الدين غاية والعلم وسيلة، ولا يمكن أن نستغني عن وسائل الغايات، فلكي نحافظ على الدين نحافظ على العلم، ولكي نحافظ على الأمة لابد الحفاظ على العلم، ولا قيمة لعلم بلا دين، والعلم يعمل في ناحية والدين في ناحية ولا يتعارضان، لا يمكن للعلم أن يؤدي دور الدين، فلا يمكن أن نجيب على ما نسميه الأسئلة الخالدة، من أين وإلى أين ولم، فكل إنسان يسأل نفسه من أين أتيت في هذا العالم، وإلى أين أذهب بعد ذلك، بعد الموت ما مصيري؟، وما بين الحياة والموت لماذا أعيش؟، هل هناك رسالة أم حياة بلا معنى؟ هذه أسئلة لا يجيب عنها إلا الدين، العلم لا يستطيع أن يجيب عنها، فالدين جوهر الوجود وسر الحياة، ولا معنى للعلم بلا دين، خصوصاً ديننا الإسلامي الذي يجيب عن هذه الأسئلة بإجابات تقنع العقل وتشفي الصدر وتطمئن القلب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

إلى أعلى

مشاهد من السعودية:
كيف نرد على المعتبرين أن الدين ضد التقدم وضد رقي الإنسان، والدين حجر عثرة دون تقدم الإنسان وبلوغه درجات عالية؟

القرضاوي:
ما هو الدين، إذا كان الدين كما يشيع عند بعض الناس من خرافات وأباطيل وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان قد يكون بهذا المعنى حجر عثرة، إنما الدين الذي جاء به القرآن والسنة وقامت عليه الحضارة الإسلامية إذا كان سبب تخلف لتخلف المسلمين طوال العصور، إنما الذي نعلمه أن المسلمين عندما كانوا مسلمين حقا كانوا هم قادة الأمم، حينما تخلفوا عن ذلك أصبحوا في ذيل القافلة، لا يمكن أن يكون الدين سبب تخلف إلا إذا فهمنا الدين فهماً خاطئاص، الدين الذي يحرك الإنسان من داخله ويقود عقله ويضبطه بضوابط من الإيمان لا يمكن أن يكون سبب تخلف وقد جربنا هذا في عصورنا الذهبية فأتى بأطيب الثمرات والحمد لله.

إلى أعلى

المقدم:
رسالة بالفاكس من مشاهد من ألمانيا: كيف لنا أن نمتلك الأسلحة النووية إذا كانت أمريكا وإسرائيل تمنع الدول الإسلامية من السعي في ذلك؟

القرضاوي:
لابد أن نسعى، لا نستسلم، لابد من المحاولة وإذا كانوا يمنعون بعض الدول تستطيع دول أخرى تملك الأسباب العلمية والعملية وتنتظر ليحين الوقت لامتلاك هذه الأسباب، القوي لن يظل قوياً أبد الدهر، والضعيف لن يظل ضعيفاً أبد الدهر، أمريكا ليست هي الإله الذي لا يسأل عما يفعل والذي سيظل يحكم الكون فهم بشر مثلنا، قبلها الاتحاد السوفييتي هو المضاهي لأمريكا في القوة ثم ما لبث أن انهار، والله تعالى يقول: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).

إلى أعلى

مشاهد من الخرطوم يسأل برسالة على الفاكس:
لماذا لا يكون هناك تحالف إسلامي بين كل دول المسلمين شأنه شأن الأحلاف في أوروبا والولايات المتحدة لحل مشاكل المسلمين؟

القرضاوي:
(لماذا؟) هي المشكلة، الواجب أن يكون هناك تضامن وتحالف وتوحد وأي وسيلة من الوسائل التي تقرب الأمة الإسلامية بعضها وبعض، الأمة الإسلامية موجودة على مستوى الشعوب والإنسان يشعر بهذا، فهي حقيقة واقعة وليست وهم، وأنا لي كتاب أسميته "الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم"، دلذلت على هذا جغرافياً وتاريخياً ودينياً، فأينما ذهبت وجدت إخواناً لك، يشاركونك المشاعر والآلام والعقيدة والوجهة والغاية، لكن مشكلتهم القادة، لكن يجب لهؤلاء أن يحسوا ألا بقاء لهم إلا بشيء من التقارب والتضامن، فكما قلنا لا يمكن أن ندخل عصر التكنولوجيا متفرقين، ينطبق هذا على المستوى السياسي والعسكري وغيره، الاتحاد يقوي القلة والاختلاف يضعف الكثرة والله تعالى يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا).



مشاهد من هولندا:
كيف نتعلم، في ظل الحصار المفروض على بعض الدول مثل العراق وبعض الدول الإسلامية وتعاون بعض الدول الإسلامية مع تلك الدول الفارضة للحصار والقهر؟

القرضاوي:
لا يمنعنا أحد من التعلم، العلم بابه مفتوح، ونستطيع أن نتعلم حتى عند خصومنا، فيجب أن نتعلم ونأخذه من عند غيرنا ونصل فيه لما يخدم أمتنا إن شاء الله، ولا نيأس إن لم نستطع اليوم فغداً إن مع اليوم غداً وإن غداً لناظره لقريب.

إلى أعلى

مشاهد من النرويج:
"الكتاب والقرآن" كتاب مؤلفه د. محمد شحرور، أثار الكتاب جدلاً بينا حيث يرى المؤلف أن تخلف المسلمين العلمي يعزى للفهم المتخلف للقرآن، ويقول بتأويل القرآن، حيث فسر الآية (لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، ما رأي فضيلتكم؟


هل هناك اختلاف بين تفسير وتأويل القرآن، وما هو المقصود بالآية الكريمة (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات)؟ ويقول هناك فرق بين الكتاب والقرآن، فما رأي فضيلتكم؟


القرضاوي:
هذا الكتاب مرفوض شرعاً، لأنه لا يقوم على أساس منهجي سليم، ويقول عليه إنسان يرفض كل تفاسير السلف والخلف، ويرفض كلام علماء العقيدة والشريعة ويبتدع من عنده أشياء، هذا كتاب لنفسه، باسم القراءة المعاصرة يود أن يهدم كل شيء ويبني ديناً جديداً، فالدين الذي يبنيه ليس هو دين الإسلام الذي ورثناه عن الأمة الإسلامية خلفاً عن سلف، الذين يأتون بهذه النظريات الجديدة يريدون إسلاماً على هواهم أو على هوى ساداتهم الذين حركوهم. عندنا الأمة معصومة، لا تجتمع على ضلالة، هم يقولون لا يوجد أمة، لا صحابة ولا تابعين، ولا أمة ولا فقهاء ولا مفسرين ولا علماء كل هؤلاء ارمهم في سلة المهملات. هذا مرفوض ولا نقبل هذا.



رسالة من بريطانيا:
اليابان ليس في بطنها شيء من الذهب والبترول مثل العالم الإسلامي إنما لديها الإيمان والانتماء، فأين الانتماء والإيمان عند المسلمين؟ فلا يوجد مناخ للحرية للإبداع، وهل معنى هذا أن يهاجر كل المبدعين ليستطيعوا أن يجدوا الحرية في أوروبا وغيرها؟

القرضاوي:
أحب أن أطمئن الأخ أن الإيمان موجود، فأنا لا أحب نظرة المتشائمين الذين ينظرون للأمور بمنظار أسود قاتم، الخير موجود كتبت رسالة أسميتها "المبشرات بانتصار الإسلام" وذكرت من هذه المبشرات مبشرات من القرآن والسنة والتاريخ والواقع ومن سنن الله في الكون. المبشرات موجودة ويجب أن نشيعها في قلوب وعقول المسلمين، ولا نشيع اليأس بل يجب إزالته في نفوسنا فاليأس محطم، والله تعالى يقول: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) الإيمان موجود والانتماء موجود والحمد لله، فلا تيأس، إنما المشكلة الموجودة هي مشكلة الحرية وقد ذكرت أنا أنه من الأسباب التي نحتاج إليها لنقوم بجو علمي صحيح الإسلام، فالإسلام أنشأ جو فكري سليم لغى فيه الخرافات ودعى إلى التأمل وإعمال النظر والفكر والنظر في خلق السموات والأرض، حارب الجمود والتقليد، الذين يقولون (إنا وجدنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) والذين يقولون (إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضاعونا السبيل) والذين يقولون (إنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت)، جاء الإسلام وحارب كل هذا ودعى لتكوين الشخصية المستقلة التي تفكر برأسها، ولا تفكر برأس غيرها، لا يفكر لها الناس، بل هو يفكر بعقله، ونحن نريد أن ننشئ هذه العقلية المبدعة التي تخدم الإسلام.





مشاهد يقول:
هناك بعض أفراد الصحوة الإسلامية يقولون، إن حرب آخر الزمان ستكون بالسيف وبالتالي لا نراعي لكل وسائل التكنولوجيا التي تشيرون إليها، وكفانا أن نتقن الحرب بالسيف.


القرضاوي:
نحن مطالبون أن نكون مع عصرنا، إن كان الناس يحاربون بالسيف نحارب بالسيف، سيدنا أبو بكر حينما بعث خالد بن الوليد قال حاربهم بما يحاربونك به، إن كانوا يحاربون بالسيف حاربهم بالسيف، بالنبل حاربهم بالنبل، بالمنجانيق حاربهم بمثله. وقالوا أن برناردشو سألوه عن الحرب العالمية الثالثة ستكون بأي الأسلحة، فقال لا أعرف بأي الأسلحة إنما الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والسيوف، لأنه إن قامت حرب عالمية ثالثة سيهلك الناس بعضهم بعضاً بالوسائل النووية ويعود الناس إلى ما كانوا عليه قديماً والأسلحة القديمة. أريد أن أفهم بعض الناس، أنه إذا جاء في الحديث أنكم ستحاربونهم بالسيف أو في القرآن (أعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) رباط الخيل، فهل معناه أن نأتي بالخيل ونرابط بها؟ رباط الخيل الآن الدبابات والمدرعات، هذه خيل العصر، كل وقت له سيفه وعصره، وسيف العصر هو أسلحة هذا العصر.



المقدم:
شكرا للمهندس محمد تكريتي خبير المعلومات وشبكة الإنترنت. فضيلة الدكتور في الأسبوع الماضي عقدتم مؤتمرا صحفيا تحدثتم فيه عن مشروع ضخم لإدخال الأصول الأساسية للدين الإسلامي وأتاحتها للمشتركين الذين يزيدون عن 60 مليون مشترك على مستوى العالم، لو تعطينا موجز عن هذا الموضوع.

القرضاوي:
هذا المشروع استجابة إسلامية لمنطق العصر، فالمفروض نحن المسلمين لا نقف جامدين، لابد أن نتطور بتطور ما حولنا، دعوى منا لمواكبة لعصرها وزمانها ومكانها، الناس في الزمن الأول كانوا يخاطبون الناس بما يقدرون عليه بالكلمة وبالدرس والمحاضرة وبتأليف كتاب أو رسالة، برحلة لدول مختلفة لتوصيل الإسلام إليهم، وقد يضطرون لحرب ليزيحوا الحواجز من طريقهم لتوصيل كلمة الإسلام إلى الشعوب. أما الآن فالله سبحانه وتعالى هيأ لنا وسائل جديدة، هي نعم من الله تعالى علينا ينبغي أن نشكر الله تعالى عليها، وهي وسائل التكنولوجيا مثل الأقمار الصناعية، نحن الآن نخاطب العالم المسلم في جميع أنحاء العالم بهذه التكنولوجيا في هذا البرنامج، فالإنترنت هي وسيلة حديثة نستطيع بها أن نخاطب العالم الإسلامي برسالة الإسلام، ونحن نعلم أن رسالة الإسلام رسالة عالمية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ليكون للعالمين نذيراً) (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) هذه وسيلة من الوسائل الهامة جدا لمخاطبة الناس، وأقول للأسف أنه بعض المنحرفين عن الإسلام مثل القديانيين أو البهائيين بدأوا يظهرون صفحات كثيرة على الإنترنت عن الإسلام غير موثقة إسلامياً، لم يقم بها علماء مسلمون مخلصون، يقوم بها يهود ونصارى وأجانب يعرضون صفحات عن الإسلام ما يعرف الناس ما أصل هذه الصفحات، يجب على المسلمين أن يخدموا دينهم بأن يعرضوا الإسلام الصحيح عقيدة وشرعية وأخلاقاً وقرآنًا وسنة وواقع هذه الأمة الإسلامية على الشبكة.


هذا المشروع الذي أقمناه، مشروع عالمي رائد، يحتوي 11 موقعاً كل موقع منها يحتاج إلى جهود هائلة، موقع نقدم فيه هذا الدين الإسلامي برسالته وحقائقه وشرائعه وأخلاقياته، وكيف تمارس الإسلام، المكتبة الإسلامية، الفتوى (اسألوا أهل الذكر) عن طريق البريد الإلكتروني، التعريف بالمواقع الإسلامية على الإنترنت، النافع منها والضار، الموثق وغير الموثق، أعتقد هذا الموضوع إذا أحسناه هو جهاد هذا العصر، فكل عصر له جهاده، قديماً كنا نقاتل، الآن هذا هو جهادنا، نوصل الكلمة عن طريق هذه الشبكة، لذلك جامعة قطر تبنت هذا المشروع وقدمه أحد الأخوة الشباب من القطريين، الدكتور حامد الأنصاري وكوّنا لجنة برئاسته مع كبار المتخصصين من علماء كلية الشريعة، واجتمعنا اجتماعات مطولة ووضعنا المناهج الأساسية للعمل وبدأنا نكلف الشخصيات، فهذا يحتاج لجهود هائلة وأموال طائلة، الدكتور حامد سافر للعديد من الدول للاتفاق مع الكثيرين ليمدونا بما عندهم من اللغة الإنجليزية، ونمدهم نحن بما عندنا اللغة العربية، نحن الآن في مرحلة التحضير لم نبدأ بعد، لكن ليس واجب الدولة وحدها، فالجامعة مشكورة قدمت لنا تسهيلات كبيرة وموظفين وموظفات وأجهزة لكن لازلنا في حاجة، لذلك أردنا أن نشرك الشعب وأقمنا مهرجاناً خيرياً لدعم هذا المشروع وإمداده، والحقيقة وجدنا تجاوبا من أبناء قطر، من الشركات والتجار والأفراد وهذا المهرجان يقام تحت رعاية الشيخة موزة حرم سمو الأمير، ونقدم لها الشكر على هذه الاستجابة ولكل من عاونوا، وأنا أعتبر هذا المشروع ليس مشروع الجامعة ولا مشروع قطر، هو مشروع المسلمين، قطر تقدم خدمة للعالم الإسلامي، فأنا أرى أن هذه الهدية التي تقدمها قطر عن طريق الإنترنت سيكون لها أثرها في المستقبل إن شاء الله، في بعض البلاد، مثل مصر قدمت الأزهر، السعودية قدمت الجامعة الإسلامية في المدينة، الكويت قدمت موسوعة الفقه الإسلامي، قطر تقدم إن شاء الله هذا المشروع الإسلامي الرائد على شبكة الإنترنت، نحن المسلمين جميعاً يجب أن نساعد هذا المشروع، نستطيع أن نساعده من الزكاة ومن الصدقات والوصايا، وإذا كان لأحد مال فيه شبهة يستطيع أن يدفعه لهذا المشروع، ليقوم ويقف صلباً ويؤدي الرسالة المرجوة إن شاء الله.




مشاهد من سويسرا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله) وقال تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) وقال الشيخ القرضاوي أن علم الدنيا أفضل من علم الدين.

القرضاوي:
ما قيل هذا، نحن لم نقل ولن نقول أبدا هذا، أقول المسلمون محتاجون لعلم الدين وعلوم الدنيا، ونحن الآن طمع فينا من طمع لأننا جهلنا علوم الدنيا، وأصبحنا عالة على غيرنا، فدخلوا علينا واحتلوا أرضنا وغصبوا حقنا، والآن إسرائيل تأكل حقنا وأرضنا وقدسنا، لو كنا أقوياء كما قال الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ما استطاعوا هذا. كيف نستطيع أن نكون أقوياء بدون العلم، خاصة في عصرنا هذا لا يمكن الآن في عصرنا أن نكون بهذه القوة إلا بالعلم، العلماء يقولون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بل حتى الإيمان الذي تذكره الأخت (أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله) يحتاج لكي نعرضه على الناس أن يدعم بالعلم، ونبّين عن طريق العلوم الكوّنية كيف نؤمن بالله ورسوله، ونبحث في العلوم لتوضيح إعجاز القرآن، وفي هذا يعمل الأخ الزنداني، والدكتور زغلول نجار وآخرون، العلم ينفعنا ولا يضرنا ولا يضرنا سوى الجهل والغباء.



مشاهد من الدانمارك:
هناك إشكالية حول وجود مشروع حضاري للإسلام، الدين الإسلامي دين عالمي، مسألة المعرفة كما ورد في القرآن ثنائية القطب، أي هناك جانب للعلم وجانب للحكمة، وطالما أن العلم هو محدود للبشرية فهناك الحكمة النابعة عن الإيمان، فأنا أتخوف من بعض البرامج في العلم أن الذين يزدانون بهذا العلم قد يقودهم إلى الشك أن هناك تعارض بين العلم والدين وهذا خطأ شائع.

القرضاوي:
الإنسان عامة والمسلم خاصة والأمة الإسلامية لا يمكن أن تستغني عن الدين أو عن العلم، الدين غاية والعلم وسيلة، ولا يمكن أن نستغني عن وسائل الغايات، فلكي نحافظ على الدين نحافظ على العلم، ولكي نحافظ على الأمة لابد الحفاظ على العلم، ولا قيمة لعلم بلا دين، والعلم يعمل في ناحية والدين في ناحية ولا يتعارضان، لا يمكن للعلم أن يؤدي دور الدين، فلا يمكن أن نجيب على ما نسميه الأسئلة الخالدة، من أين وإلى أين ولم، فكل إنسان يسأل نفسه من أين أتيت في هذا العالم، وإلى أين أذهب بعد ذلك، بعد الموت ما مصيري؟، وما بين الحياة والموت لماذا أعيش؟، هل هناك رسالة أم حياة بلا معنى؟ هذه أسئلة لا يجيب عنها إلا الدين، العلم لا يستطيع أن يجيب عنها، فالدين جوهر الوجود وسر الحياة، ولا معنى للعلم بلا دين، خصوصاً ديننا الإسلامي الذي يجيب عن هذه الأسئلة بإجابات تقنع العقل وتشفي الصدر وتطمئن القلب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).



مشاهد من السعودية:
كيف نرد على المعتبرين أن الدين ضد التقدم وضد رقي الإنسان، والدين حجر عثرة دون تقدم الإنسان وبلوغه درجات عالية؟

القرضاوي:
ما هو الدين، إذا كان الدين كما يشيع عند بعض الناس من خرافات وأباطيل وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان قد يكون بهذا المعنى حجر عثرة، إنما الدين الذي جاء به القرآن والسنة وقامت عليه الحضارة الإسلامية إذا كان سبب تخلف لتخلف المسلمين طوال العصور، إنما الذي نعلمه أن المسلمين عندما كانوا مسلمين حقا كانوا هم قادة الأمم، حينما تخلفوا عن ذلك أصبحوا في ذيل القافلة، لا يمكن أن يكون الدين سبب تخلف إلا إذا فهمنا الدين فهماً خاطئاص، الدين الذي يحرك الإنسان من داخله ويقود عقله ويضبطه بضوابط من الإيمان لا يمكن أن يكون سبب تخلف وقد جربنا هذا في عصورنا الذهبية فأتى بأطيب الثمرات والحمد لله.



المقدم:
رسالة بالفاكس من مشاهد من ألمانيا: كيف لنا أن نمتلك الأسلحة النووية إذا كانت أمريكا وإسرائيل تمنع الدول الإسلامية من السعي في ذلك؟

القرضاوي:
لابد أن نسعى، لا نستسلم، لابد من المحاولة وإذا كانوا يمنعون بعض الدول تستطيع دول أخرى تملك الأسباب العلمية والعملية وتنتظر ليحين الوقت لامتلاك هذه الأسباب، القوي لن يظل قوياً أبد الدهر، والضعيف لن يظل ضعيفاً أبد الدهر، أمريكا ليست هي الإله الذي لا يسأل عما يفعل والذي سيظل يحكم الكون فهم بشر مثلنا، قبلها الاتحاد السوفييتي هو المضاهي لأمريكا في القوة ثم ما لبث أن انهار، والله تعالى يقول: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).


في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر التكنولوجيا وعصر التقدم والذي وصل فيه التقدم أن جعل الإنسان يعتقد أنه بإمكانه أن يصنع نفسه عبر الاستنساخ وغيرها من وسائل استخدام الجينات الأخرى، في هذا العصر يدعون بأن الدين يقف دائما ضد العلم، وأن الكنيسة في أوروبا حينما انفلتت عن العلم واستطاعت أوروبا أن تنطلق وتتقدم، فما هي نظرة الإسلام للعلوم والتكنولوجيا؟


القرضاوي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ومن اتبع هداه وبعد، فإذا كان هناك في أوروبا مشكلة بين الدين والعلم، وهي معروفة تاريخيا، انتفخ بها بطون الكتب، حيث عرف الصراع بين الدين والعلم في أوروبا وقامت على أساس ذلك محاكم التفتيش الشهيرة التي حاكمت العلماء أحياء وأمواتا، فأحرقت جثثهم بعد موتهم، نحن لم يكن عندنا مثل هذا الصراع، فالدين عندنا علم والعلم عندنا دين، الدين عندنا علم لأنه يقوم على أساس من العقل، علماؤنا يقولون العقل أساس النقل، بمعنى أن المعجزة هي التي تثبت النبوة،ما الدليل على أن سيدنا محمد رسول الله كيف نثبت هذا، بالعقل، فعندما نتحدث مع من لا يؤمن بالله ورسوله وليس لديه معرفة بالإسلام لا أعرض آيات من القرآن بل لابد أن أثبت له هذا بالعقل، بل العقائد الإسلامية عندنا لا تثبت إلا بالعقل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فليس عندنا مشكلة بين العقل والنقل أو الفكر والعقيدة أو بين الشريعة والحكمة أو بين الدين والعلم، الدين عندنا علم ويقوم على أساس العقل، والعلم عندنا دين لأنه يفترض أن يطلب الإنسان كل علم ينفع في دينه ودنياه، بعضه يعتبره العلماء فرض عين، فأنا أرى مثلا أنه في عصرنا لابد للإنسان أن يتعلم ما يمحي به أميته، وهناك فروض كفاية مثل أن يوجد في المسلمين عدد من علماء الطبيعة وعلماء الكيمياء والجيولوجيا والطب والهندسة وغير ذلك حتى يغطي حاجة المسلمين ولا يعتمدوا على غيرهم، يعتبر هذا من فروض الكفاية، التي تجب على مجموع الأمة وليس فرض بعينه وهذا يحدده أولو الأمر وحاجات الأمة، الإمام الغزالي عاب على أهل قريته، حيث وجد فيهم 50 يشتغلون بالفقه ولا يوجد إلا طبيب واحد من أهل الذمة، فنحن نعتبر هذه العلوم من فروض الكفاية التي يجب على الأمة في مجموعها أن تسد ثغراتها وأن تلبي حاجاتها ومن أجل هذا لم نجد في تاريخنا هذا الصراع المعروف في أوروبا. العلم عندنا يشمل علوم الدين وعلوم الدنيا، أما مصطلح العلماء والعلم عند الغربيون يقوم على الملاحظة والتجربة فلا يعتبرون علوم الدين والعلوم المشابهة علم، هذه العلوم مثل الطب والهندسة والفيزياء، كان علماؤها يدرسون الدين أولا ثم ينتهون إلى العلم، هناك بعض علمائنا المشهورين في علوم الدين مشهورين أيضا في علوم الدنيا مثل الفخر الرازي صاحب كتب المحصل في الدين وصاحب التفسير الكبير، كانت شهرته في الطب لا تقل عن شهرته في علوم الدين، نجد كذلك ابن رشد هو أكبر شارح لأرسطو في الفلسفة القديمة، وهو أيضا صاحب كتاب الكليات في الطب وقد ترجم للاتينية، وانتفع به الأوروبيين عدة قرون وهو في نفس الوقت القاضي ابن رشد صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في علم الفقه المقارن من أحسن الكتب، ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية وهو من فقهاء الشافعية، وهكذا ما كان عندنا مشكلة في العلم والدين، العلم عندنا قام في رحاب الدين، والجامعات نشأت تحت سقوف الجوامع، وما عرف تاريخنا هذا النزاع بين العلم والدين الذي كان في أوروبا.




المقدم:
هل هذا يضع علماء الجيولوجيا والطب وغيره في صف واحد مع علماء الدين من حيث المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، للارتقاء ووضع الأمة كذلك هل هم في مكانة واحدة؟

القرضاوي:
إذا أدى كل منهم ما هو واجب عليه بإخلاص وأمانة وصدق، فقد يكون عالم الدنيا أفضل من علماء الدين، فنحن نجد الآن من علماء الرياضيات وغيرهم من يسد الثغرات التي تحتاج إليها الأمة الإسلامية، نحن الآن أصبحنا في مؤخرة الأمم كنا في مأخذ الزمام من القافلة وسادة العالم لعدة قرون، وكانت جامعاتنا هي موئل الطلاب وكتبنا هي أشهر المراجع وعلماؤنا أشهر علماء العالم، ثم تأخرنا. لو جاء من علماء الطبيعة والرياضيات من شد أزر هذه الأمة وسد الثغرات، وارتقى بالأمة حتى تأخذ مكانها تحت الشمس، من يفعل هذا مخلصاً ربما كان أفضل من كثير من علماء الدين. المسألة ترجع للإخلاص والنية والصدق (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، لذا أعجب من الطلاب المتفوقين الذين يتركون كلياتهم للاشتغال بالشريعة بعد تفوقهم فلماذا يترك وهذا والشريعة فيها آلاف مؤلفة. فإن استطاع الإنسان أن يخدم دينه من هذا الطريق فإن مقامه عند الله عظيم من غير شك.



المقدم:
ما دمت فضيلتك أشرت لتقدم المسلمين في العصور الوسطى، فما الأسباب التي أدت لتخلف المسلمين في الوقت الحالي وتقدم غيرهم في العلوم والتكنولوجيا؟

القرضاوي:
هذا له أسباب معروفة، كنا نحن القادة للحضارة في العالم لعدة قرون ثم نمنا واستيقظ غيرنا، تخلفنا وبدأ غيرنا ينهض، أخذوا منا مناهج العلم التجريبي، وهذا باعترافهم أنفسهم، (برفولت) في كتاب الإنسانية و(بستافلوبور) في كتاب حضارة العرب، (وجورج سارتون) في كتاب تاريخ العلم، (درابر) في كتابه النزاع بين العلم والدين، كلهم أقروا أن مناهج العلم التجريبي ليس صانعها (روجر بيكون) ولا (فرانسيس بيكون)، بل أصلها من العرب المسلمين. فهم اقتبسوا من هذه الأشياء وانتفعوا بها ونحن نائمين ولازلنا للآن متخلفين وهم يسمونها البلاد النامية، وهي تسمية مهذبة للبلاد المتخلفة، ولعلهم سمونا النامية لنتوهم أننا ننمو ولكن في الحقيقة لا ننمو بالدرجة الكافية، حيث عندما نأتي لركوب القطار يصنعون هم الطائرة، نأتي لنركب الطائر، يصنعون الصواريخ وسفن الفضاء، وما نركبه من سيارات وطائرات من صنعهم، فطلبنا لمرسيدس 600 أو 700 أو 1000 بمواصفات خاصة وندفع فيها الملايين، لم نصنع فيها شيء ولكن ندفع لهم في مقابل صنعها. ما سبب تخلفنا؟ له عدة أسباب منها بإيجاز: نظامنا التعليمي حيث هو في حاجة إلى مراجعة، في الحقيقة أمير قطر حفظه الله قال في حفل الجامعة لتخريج هذه الدفعة، قال أننا في حاجة إلى تخريج الإنسان المفكر المبدع وليس الذي يصم ويحفظ، أمريكا حاولت تغيير نظامها التعليمي وقالت أنه تدهور، فنحن في حاجة لتغيير أنظمتنا التعليمية وتغيير فلسفتها هذا من ناحية، من ناحية أخرى الإنسان لكي يبدع لابد أن يعيش في جو حر، جو الاستبداد والطغيان يقتل الإبداع عند الإنسان، والذين هاجروا وجدوا جواً حراً لم يجدوه في الدول العربية فنجدهم قد أبدعوا، الأدب العربي فيه قصة لطيفة عن عنترة العبسي، فهو لونه أسود فأهمل وعومل كما يعامل العبيد، وظل يرعى الجمال والغنم ودرب نفسه على استعمال السهام والسلاح وغيره ولعب الرياضة حتى صار فارساً ولكن لا يعلم عنه أحد، ثم هوجمت قبيلته وكادت تسبى النساء، وهو يتفرج وقال له أبوه كر، فقال له لا أبت العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلابة والصر، فقال له كر فأنت حر، فامتطى جواده وأخذ رماحه وسيفه، وبدأ يهاجم المغيرين حتى ردها على أعقابها وأصبح من ساعتها فارس القبيلة، فما الذي حدث؟ (كر فأنت حر) أعطي حريته فلابد من جو الحرية. كذلك لكي ننتج لابد أن ندخل عصر التكنولوجيا المتطورة متجمعين لا متفرقين. فالآن لكي تنتج إنتاجاً منافساً في مجال الإنتاج العريض وتنافس غيرك لابد من عمل شيء كبير وعمل ضخم، فالدول الصناعية الكبرى تشترك في صناعة طائرة، فكيف تستطيع دولة وحدها أن تقتحم، لابد من العرب والمسلمين مع بعضهم البعض يكونوا كتلة.
العالم الإسلامي يملك المقومات المادية والاستراتيجية والحضارية والبشرية وعندنا عشرات الآلاف من العقول المهاجرة من العقول العربية والإسلامية التي لا نستفيد منها، فنحن نحتاج لحسن تنظيم.
هناك أيضاً لابد أن نربط هذا بالإيمان والأخلاق، البعض يسأل ما علاقة الإيمان والأخلاق بهذا، هذا تخلف، كان هناك عصر الصناعة الأول الذي كانت فيه الآلة توفر الجهد البدني على الإنسان، الآن نحن في عصر الصناعة الثاني وربما دخلنا الثالث الذي توفر فيه الآلة الجهد الذهني للإنسان، عصر الكمبيوتر وعصر الإلكترونيات، فنحن محتارين نسمي هذا العصر عصر الثورة الإلكترونية أم البيولوجية والجينات أم التكنولوجيا أم الفضائية أم المعلوماتية، هم سبقونا بمراحل، كيف نستطيع أن نتدارك ما فات؟ هذا يحتاج لقوة روحية هائلة، والقوة الروحية نكتسبها من الإيمان والإسلام، نستطيع أن نجعل الفرد يعمل وينتج أضعاف ما يؤتي غيره والقرآن ذكر لنا مثل في هذا في الجانب العسكري والجهادي (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين).

المقدم:
في العصر الحديث ظهرت الكثير من العلوم ومن بينها علم الذرة، واستخدمت القنبلة النووية في اليابان واستخدمت أسلحة نووية في أماكن كثيرة منها ما تعرض فيه الأكراد في حلبشة من الأسلحة الكيماوية، وقد ثبت أن هذه الأسلحة الكيماوية أو النووية لها ضرر بالغ على البشرية، في الوقت الذي تمتلك هذه الأسلحة كثير من دول العالم، غير أن دول المسلمين لم تمتلك مثل هذه الأسلحة، بل ووقعوا على اتفاقات تحول دون امتلاكهم لمثل هذه الأسلحة، فهل يحق للمسلمين في هذا العصر أن يسعوا لامتلاك هذا السلاح؟

القرضاوي:
من حق المسلمين باعتبارهم مجموعة بشرية متميزة لها عقائدها وقيمتها ورسالتها الخاصة أن يملكوا هذا السلاح، لا ليضربوا أحد، ولكن ليدافعوا به عن أنفسهم. هناك ما يسمى السلم المسلح أي تمتلك أنت وخصمك السلاح، بما يضمن إقامة كل منكما وبالتالي ضمان السلام بينكما، وهذا ما حدث أيام العملاقين الكبيرين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، كل منهما يملك أسلحة نووية، فلا يستطيع أحدهما أن يضرب لأنه يعلم أن الآخر يملك مثل هذا السلاح. نحن المسلمين مجموعة بشرية متميزة نكاد نكون خمس العالم أو أكثر يجب أن نمتلك مثل هذه الأسلحة، اليهود ملكوها والنصارى والشيوعيون والبوذيون والهندوس ملكوها، لماذا لا يملكها المسلمون، نحن لن نضرب بها أحد لكن لنصون أنفسنا ونتساوى مع غيرنا، لماذا تكون إسرائيل هي التي تملك هذه الترسانة النووية ومن حولها من المسلمين والعرب لا يملكون، وإذا حاولوا تقوم عليهم الدنيا ولا تقعد، كما حاول العراق قديماً، وباكستان وإيران الآن. نحن باعتبارنا أمة متميزة من حقنا أن نملك هذه الأسلحة وهي لغرض قال فيه تعالى: (ترهبون به عدو الله وعدوكم). (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

المقدم:
هل هذا يدخل في نطاق أن يصبح فرض عين على المسلمين امتلاك السلاح النووي؟

القرضاوي:
فرض كفاية على الأمة، أن تملك أسلحة تدافع بها عن نفسها.

المقدم:
فاكس من مشاهدة من ألمانيا تقول فيه زوجي يعمل في مجال صناعة الأسلحة والصواريخ، وهذه قد تكون من الأسلحة المدمرة فهل هو مذنب في ذلك؟ وتقول أيضا عندما ذهب زوجي لإحدى الدول العربية وعرض عليهم خبرته في مجال الأسلحة والصواريخ والطائرات سخروا منه فاتجه إلى الغرب، وهو يعمل الآن هنا في ألمانيا. ورغم عمله يود العمل في إحدى الدول العربية، كما تشير في رسالتها على لسان زوجها أن 80% من علماء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وفي مجال تصنيع الأسلحة من العرب أو المسلمين.

القرضاوي:
لا يعرف من يضرب بها، لكثير من الأحيان قد يشتريها (الأسلحة) العرب أو المسلمين، وإن كان يعلم أنها ستوجه ضد المسلمين لا يعمل بها وأنصحه أن يذهب إلى أندونيسيا حيث فيها نهضة في صناعة الأسلحة والطائرات قام بها الدكتور بحر الدين حبيبي وزير الطيران والصناعة وكان يعمل في ألمانيا مثل الأخ، لذلك تتوجه القوى المكايدة إلى أندونيسيا محاولة إجهاض هذه النهضة، فالمسلم الذي يعلم أنه يعمل في مجال يعرف أنه يضر المسلمين ينبغي أن ينسحب منه، إذا كان عنده يقين أو ترجيح، وإذا كان لا يعلم فالأصل الإباحة.


مشاهد من بريطانيا:
أتفق مع الدكتور في موضوع التطور في أوروبا، ولكن أعتقد أنه في الفترة التي فيها المسلمون يحترمون العلم ويقدرون العلماء هي التي تطوروا فيها، ولكن في الفترة التي بدأ فيها الخلاف بين العلماء وبدأت بين الخليفة المأمون وابن حنبل وتطورت بين الخليفة والغزالي وابن رشد بدأ الانفصال بين العلم وبين الدين، وبالتالي انحدار الحضارة العربية، كذلك في قضية التعليم، أنا مع الدكتور لكن العالم أو المدرس الذي يعلم في المدرسة نحن لا نقدره من الناحية المادية والمعنوية مثل اليابان فالمدرس هناك رقم 2 بعد الإمبراطورية أو العائلة الحاكمة، الناحية التالية ما هو دور علماء الدين في حث الناس في السلطة على تطبيق هذه المقولات فإذا رفضوا احترام العلماء وتوحيد قوى العرب المسلمين وظلوا هؤلاء قانعين بما هو قائم فهل يجوز لنا أن نثور أم ماذا؟

القرضاوي:
لم يحدث في تاريخنا صراع بين الدين والعلم أبدا، الغزالي لا يمثل صراع بين الدين والعلم ولكن صراع بين الدين والفلسفة، والفلسفة في هذه الحالة الجانب الإلهي كما سماه أستاذنا الدكتور محمد البهي، المسلمين لما أخذوا من اليونان فلسفتهم، فلسفتهم لم تكن منفصلة عن العلم فاختلط هذا، لكن ما وقف الغزالي ضده لم يكن ضد العلوم الطبيعية أو الرياضيات بل على العكس، لكن الوقوف ضد الجانب الإلهي أي ضد التفكير الديني الميتافيزيقي فهذا أمر آخر، أما العلم القائم على المشاهدة والتجربة والقوانين وربط الأسباب بالمسببات واكتشاف السنن لم يقف أمامه المسلمون في أي وقت من الأوقات التي يسمونها العصور الوسطى-وأنا لي تحفظ على هذه التسمية- فهي عصورنا الذهبية. احترام العلماء ننادي به جميعاً، وهذا ما قلته من توفير الحقوق والحرية للتفكير وأنا أعرف أحد الزعماء في الدول العربية بعث مندوبيه في فترة من الفترات لجلب الشباب النوابغ في أمريكا وأوروبا وقال لهم تعالوا سنصنع لكم مدينة علمية، وبعد ذلك بمجرد نزولهم إلى المطار شعروا أنهم سجناء حرب، وأول ما أتيحت لهم الفرصة تركوا البلد ولم يرجعوا إليها. وكما قلت النظام التعليمي بكل عناصره، تعطي حق الطالب والمعلم فهذا ما نريده

مشاهد من بريطانيا:
فاقد الشيء لا يعطيه، فنحن أمام ظاهرة محاربة الإسلام، لكي يقوم التقدم يجب أن يقوم على الإسلام ليس على العلمانيين واليهود وغيرهم، فنحن نريد مشروع حضاري إسلامي يجيب عن تساؤلات المستقبل وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمشكلات الحاضر التي منها اختيار الحاكم والديكتاتورية وإرجاع الحقوق للمسلمين، وهذا يحتاج إلى إيجاد قاعدة صلبة. كذلك نحن أمام ظاهرة عجيبة فنحن أمام أعداء من الداخل.

القرضاوي:
نحن في حاجة لمشروع متكامل، لا ندعو لجزئية من الجزئيات، نحتاج مشروع إسلامي متكامل في جميع الجوانب يرقى بأمتنا وبحضارتنا من النواحي الروحية والعقلية المادية والأدبية، الفردية والاجتماعية، السياسية والدينية..، أنا لا أركز على ناحية وأترك ناحية أخرى. فمن قال أن العلم عند العلمانيين؟ العلم عند الجميع، والعلم لا يرتبط بناس أو بدين أو وطن، العلم خذه من أي وعاء خرج، النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من الأسرى المشركين في غزوة بدر، وطلب من من لا يملك الفدية بالمال، أن يعلم 10 من أبناء المسلمين الكتابة، وكان زيد بن ثابت من من تعلم على أيدي المشركين، فنحن نأخذ منهم العلم ولا نأخذ الشرك. المهم كيف نستفيد من هذا العلم، ولا يمكن أن تنهض أمتنا بمشروعها إذا ظلت في دائرة التخلف والمتخلفين.

المقدم:
شبكة الإنترنت لعلها من الأشياء التي تعطي دلالة على التقدم التكنولوجي مع ظهورها كيف يستطيع المسلمون الاستفادة من هذا الأمر، ولنسمع أولا لمحادثة أحد خبراء الإنترنت المهندس محمد تكريتي.


مهندس محمد: هل يمكن أن تعطينا موجز سريع عن ما هي شبكة الإنترنت؟

المهندس محمد تكريتي:
الإنترنت بتعريف مبسط هي شبكة معلومات عالمية تربط بين عدد كبير من أجهزة الكمبيوتر في شيء أنحاء العالم، ويستطيع من خلالها عشرات الملايين من الناس أن يتبادلوا المعلومات، بطريقة سهلة وسريعة ومنخفضة التكاليف نسبياً، الإنترنت تحتوي على كم هائل من المعلومات المتنوعة في شتى مجالات الحياة، وهذه المعلومات لها صور متنوعة، منها معلومات على شكل نصوص أو صور أو رسوم أو تسهيلات صوتية أو فيديو..الخ.

المقدم:
ما هي طبيعة هذه المعلومات؟

تكريتي:
هذه المعلومات تتناول شتى نواحي الحياة، تغطى كل ما يمكن أن تتخيل من جوانب الحياة، بعضها يتعلق بالتجارة والاقتصاد، هناك ما يتعلق بالإعلام والدعاية والأخبار، كذلك لها استخدامات علمية وأكاديمية، ولها استخدامات ترفيهية.

المقدم:
هل هناك جهات محددة تفرض سيطرتها على شبكة الإنترنت، أم أنها الآن خرجت عن نطاق السيطرة؟

تكريتي:
الحقيقة ليست هناك جهة معينة تستطيع أن تسيطر على الإنترنت وهذه من إيجابيات وسلبيات الإنترنت. من إيجابياتها أنك تستطيع أن تضع ما تشاء من معلومات دون أن تنتظر إذن أحد، ومن سلبياتها بما أن لا يوجد هناك رقيب أو سلطة على الإنترنت فبإمكان أي أحد صاحب أهداف تخريبية أن يضع ما يشاء.

المقدم:
لا يستطيع أحد أن يلغي شيئاً من هذه العلوم التي يتم بثها؟

تكريتي:
يمكن ولكن في القليل النادر جداً وفي حالات خاصة، لكن على الأغلب أي إنسان يستطيع أن يضع ما يشاء على الإنترنت دون أن يأخذ إذنا من أحد.



المقدم:
شكرا للمهندس محمد تكريتي خبير المعلومات وشبكة الإنترنت. فضيلة الدكتور في الأسبوع الماضي عقدتم مؤتمرا صحفيا تحدثتم فيه عن مشروع ضخم لإدخال الأصول الأساسية للدين الإسلامي وأتاحتها للمشتركين الذين يزيدون عن 60 مليون مشترك على مستوى العالم، لو تعطينا موجز عن هذا الموضوع.

القرضاوي:
هذا المشروع استجابة إسلامية لمنطق العصر، فالمفروض نحن المسلمين لا نقف جامدين، لابد أن نتطور بتطور ما حولنا، دعوى منا لمواكبة لعصرها وزمانها ومكانها، الناس في الزمن الأول كانوا يخاطبون الناس بما يقدرون عليه بالكلمة وبالدرس والمحاضرة وبتأليف كتاب أو رسالة، برحلة لدول مختلفة لتوصيل الإسلام إليهم، وقد يضطرون لحرب ليزيحوا الحواجز من طريقهم لتوصيل كلمة الإسلام إلى الشعوب. أما الآن فالله سبحانه وتعالى هيأ لنا وسائل جديدة، هي نعم من الله تعالى علينا ينبغي أن نشكر الله تعالى عليها، وهي وسائل التكنولوجيا مثل الأقمار الصناعية، نحن الآن نخاطب العالم المسلم في جميع أنحاء العالم بهذه التكنولوجيا في هذا البرنامج، فالإنترنت هي وسيلة حديثة نستطيع بها أن نخاطب العالم الإسلامي برسالة الإسلام، ونحن نعلم أن رسالة الإسلام رسالة عالمية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ليكون للعالمين نذيراً) (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) هذه وسيلة من الوسائل الهامة جدا لمخاطبة الناس، وأقول للأسف أنه بعض المنحرفين عن الإسلام مثل القديانيين أو البهائيين بدأوا يظهرون صفحات كثيرة على الإنترنت عن الإسلام غير موثقة إسلامياً، لم يقم بها علماء مسلمون مخلصون، يقوم بها يهود ونصارى وأجانب يعرضون صفحات عن الإسلام ما يعرف الناس ما أصل هذه الصفحات، يجب على المسلمين أن يخدموا دينهم بأن يعرضوا الإسلام الصحيح عقيدة وشرعية وأخلاقاً وقرآنًا وسنة وواقع هذه الأمة الإسلامية على الشبكة.


هذا المشروع الذي أقمناه، مشروع عالمي رائد، يحتوي 11 موقعاً كل موقع منها يحتاج إلى جهود هائلة، موقع نقدم فيه هذا الدين الإسلامي برسالته وحقائقه وشرائعه وأخلاقياته، وكيف تمارس الإسلام، المكتبة الإسلامية، الفتوى (اسألوا أهل الذكر) عن طريق البريد الإلكتروني، التعريف بالمواقع الإسلامية على الإنترنت، النافع منها والضار، الموثق وغير الموثق، أعتقد هذا الموضوع إذا أحسناه هو جهاد هذا العصر، فكل عصر له جهاده، قديماً كنا نقاتل، الآن هذا هو جهادنا، نوصل الكلمة عن طريق هذه الشبكة، لذلك جامعة قطر تبنت هذا المشروع وقدمه أحد الأخوة الشباب من القطريين، الدكتور حامد الأنصاري وكوّنا لجنة برئاسته مع كبار المتخصصين من علماء كلية الشريعة، واجتمعنا اجتماعات مطولة ووضعنا المناهج الأساسية للعمل وبدأنا نكلف الشخصيات، فهذا يحتاج لجهود هائلة وأموال طائلة، الدكتور حامد سافر للعديد من الدول للاتفاق مع الكثيرين ليمدونا بما عندهم من اللغة الإنجليزية، ونمدهم نحن بما عندنا اللغة العربية، نحن الآن في مرحلة التحضير لم نبدأ بعد، لكن ليس واجب الدولة وحدها، فالجامعة مشكورة قدمت لنا تسهيلات كبيرة وموظفين وموظفات وأجهزة لكن لازلنا في حاجة، لذلك أردنا أن نشرك الشعب وأقمنا مهرجاناً خيرياً لدعم هذا المشروع وإمداده، والحقيقة وجدنا تجاوبا من أبناء قطر، من الشركات والتجار والأفراد وهذا المهرجان يقام تحت رعاية الشيخة موزة حرم سمو الأمير، ونقدم لها الشكر على هذه الاستجابة ولكل من عاونوا، وأنا أعتبر هذا المشروع ليس مشروع الجامعة ولا مشروع قطر، هو مشروع المسلمين، قطر تقدم خدمة للعالم الإسلامي، فأنا أرى أن هذه الهدية التي تقدمها قطر عن طريق الإنترنت سيكون لها أثرها في المستقبل إن شاء الله، في بعض البلاد، مثل مصر قدمت الأزهر، السعودية قدمت الجامعة الإسلامية في المدينة، الكويت قدمت موسوعة الفقه الإسلامي، قطر تقدم إن شاء الله هذا المشروع الإسلامي الرائد على شبكة الإنترنت، نحن المسلمين جميعاً يجب أن نساعد هذا المشروع، نستطيع أن نساعده من الزكاة ومن الصدقات والوصايا، وإذا كان لأحد مال فيه شبهة يستطيع أن يدفعه لهذا المشروع، ليقوم ويقف صلباً ويؤدي الرسالة المرجوة إن شاء الله.

مشاهد من سويسرا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله) وقال تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) وقال الشيخ القرضاوي أن علم الدنيا أفضل من علم الدين.

القرضاوي:
ما قيل هذا، نحن لم نقل ولن نقول أبدا هذا، أقول المسلمون محتاجون لعلم الدين وعلوم الدنيا، ونحن الآن طمع فينا من طمع لأننا جهلنا علوم الدنيا، وأصبحنا عالة على غيرنا، فدخلوا علينا واحتلوا أرضنا وغصبوا حقنا، والآن إسرائيل تأكل حقنا وأرضنا وقدسنا، لو كنا أقوياء كما قال الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ما استطاعوا هذا. كيف نستطيع أن نكون أقوياء بدون العلم، خاصة في عصرنا هذا لا يمكن الآن في عصرنا أن نكون بهذه القوة إلا بالعلم، العلماء يقولون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بل حتى الإيمان الذي تذكره الأخت (أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله) يحتاج لكي نعرضه على الناس أن يدعم بالعلم، ونبّين عن طريق العلوم الكوّنية كيف نؤمن بالله ورسوله، ونبحث في العلوم لتوضيح إعجاز القرآن، وفي هذا يعمل الأخ الزنداني، والدكتور زغلول نجار وآخرون، العلم ينفعنا ولا يضرنا ولا يضرنا سوى الجهل والغباء.

مشاهد من الدانمارك:
هناك إشكالية حول وجود مشروع حضاري للإسلام، الدين الإسلامي دين عالمي، مسألة المعرفة كما ورد في القرآن ثنائية القطب، أي هناك جانب للعلم وجانب للحكمة، وطالما أن العلم هو محدود للبشرية فهناك الحكمة النابعة عن الإيمان، فأنا أتخوف من بعض البرامج في العلم أن الذين يزدانون بهذا العلم قد يقودهم إلى الشك أن هناك تعارض بين العلم والدين وهذا خطأ شائع.

القرضاوي:
الإنسان عامة والمسلم خاصة والأمة الإسلامية لا يمكن أن تستغني عن الدين أو عن العلم، الدين غاية والعلم وسيلة، ولا يمكن أن نستغني عن وسائل الغايات، فلكي نحافظ على الدين نحافظ على العلم، ولكي نحافظ على الأمة لابد الحفاظ على العلم، ولا قيمة لعلم بلا دين، والعلم يعمل في ناحية والدين في ناحية ولا يتعارضان، لا يمكن للعلم أن يؤدي دور الدين، فلا يمكن أن نجيب على ما نسميه الأسئلة الخالدة، من أين وإلى أين ولم، فكل إنسان يسأل نفسه من أين أتيت في هذا العالم، وإلى أين أذهب بعد ذلك، بعد الموت ما مصيري؟، وما بين الحياة والموت لماذا أعيش؟، هل هناك رسالة أم حياة بلا معنى؟ هذه أسئلة لا يجيب عنها إلا الدين، العلم لا يستطيع أن يجيب عنها، فالدين جوهر الوجود وسر الحياة، ولا معنى للعلم بلا دين، خصوصاً ديننا الإسلامي الذي يجيب عن هذه الأسئلة بإجابات تقنع العقل وتشفي الصدر وتطمئن القلب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

مشاهد من السعودية:
كيف نرد على المعتبرين أن الدين ضد التقدم وضد رقي الإنسان، والدين حجر عثرة دون تقدم الإنسان وبلوغه درجات عالية؟

القرضاوي:
ما هو الدين، إذا كان الدين كما يشيع عند بعض الناس من خرافات وأباطيل وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان قد يكون بهذا المعنى حجر عثرة، إنما الدين الذي جاء به القرآن والسنة وقامت عليه الحضارة الإسلامية إذا كان سبب تخلف لتخلف المسلمين طوال العصور، إنما الذي نعلمه أن المسلمين عندما كانوا مسلمين حقا كانوا هم قادة الأمم، حينما تخلفوا عن ذلك أصبحوا في ذيل القافلة، لا يمكن أن يكون الدين سبب تخلف إلا إذا فهمنا الدين فهماً خاطئاص، الدين الذي يحرك الإنسان من داخله ويقود عقله ويضبطه بضوابط من الإيمان لا يمكن أن يكون سبب تخلف وقد جربنا هذا في عصورنا الذهبية فأتى بأطيب الثمرات والحمد لله.



المقدم:
رسالة بالفاكس من مشاهد من ألمانيا: كيف لنا أن نمتلك الأسلحة النووية إذا كانت أمريكا وإسرائيل تمنع الدول الإسلامية من السعي في ذلك؟

القرضاوي:
لابد أن نسعى، لا نستسلم، لابد من المحاولة وإذا كانوا يمنعون بعض الدول تستطيع دول أخرى تملك الأسباب العلمية والعملية وتنتظر ليحين الوقت لامتلاك هذه الأسباب، القوي لن يظل قوياً أبد الدهر، والضعيف لن يظل ضعيفاً أبد الدهر، أمريكا ليست هي الإله الذي لا يسأل عما يفعل والذي سيظل يحكم الكون فهم بشر مثلنا، قبلها الاتحاد السوفييتي هو المضاهي لأمريكا في القوة ثم ما لبث أن انهار، والله تعالى يقول: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).


مشاهد من الخرطوم يسأل برسالة على الفاكس:
لماذا لا يكون هناك تحالف إسلامي بين كل دول المسلمين شأنه شأن الأحلاف في أوروبا والولايات المتحدة لحل مشاكل المسلمين؟

القرضاوي:
(لماذا؟) هي المشكلة، الواجب أن يكون هناك تضامن وتحالف وتوحد وأي وسيلة من الوسائل التي تقرب الأمة الإسلامية بعضها وبعض، الأمة الإسلامية موجودة على مستوى الشعوب والإنسان يشعر بهذا، فهي حقيقة واقعة وليست وهم، وأنا لي كتاب أسميته "الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم"، دلذلت على هذا جغرافياً وتاريخياً ودينياً، فأينما ذهبت وجدت إخواناً لك، يشاركونك المشاعر والآلام والعقيدة والوجهة والغاية، لكن مشكلتهم القادة، لكن يجب لهؤلاء أن يحسوا ألا بقاء لهم إلا بشيء من التقارب والتضامن، فكما قلنا لا يمكن أن ندخل عصر التكنولوجيا متفرقين، ينطبق هذا على المستوى السياسي والعسكري وغيره، الاتحاد يقوي القلة والاختلاف يضعف الكثرة والله تعالى يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا).

مشاهد من هولندا:
كيف نتعلم، في ظل الحصار المفروض على بعض الدول مثل العراق وبعض الدول الإسلامية وتعاون بعض الدول الإسلامية مع تلك الدول الفارضة للحصار والقهر؟

القرضاوي:
لا يمنعنا أحد من التعلم، العلم بابه مفتوح، ونستطيع أن نتعلم حتى عند خصومنا، فيجب أن نتعلم ونأخذه من عند غيرنا ونصل فيه لما يخدم أمتنا إن شاء الله، ولا نيأس إن لم نستطع اليوم فغداً إن مع اليوم غداً وإن غداً لناظره لقريب.

مشاهد من النرويج:
"الكتاب والقرآن" كتاب مؤلفه د. محمد شحرور، أثار الكتاب جدلاً بينا حيث يرى المؤلف أن تخلف المسلمين العلمي يعزى للفهم المتخلف للقرآن، ويقول بتأويل القرآن، حيث فسر الآية (لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، ما رأي فضيلتكم؟


هل هناك اختلاف بين تفسير وتأويل القرآن، وما هو المقصود بالآية الكريمة (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات)؟ ويقول هناك فرق بين الكتاب والقرآن، فما رأي فضيلتكم؟


القرضاوي:
هذا الكتاب مرفوض شرعاً، لأنه لا يقوم على أساس منهجي سليم، ويقول عليه إنسان يرفض كل تفاسير السلف والخلف، ويرفض كلام علماء العقيدة والشريعة ويبتدع من عنده أشياء، هذا كتاب لنفسه، باسم القراءة المعاصرة يود أن يهدم كل شيء ويبني ديناً جديداً، فالدين الذي يبنيه ليس هو دين الإسلام الذي ورثناه عن الأمة الإسلامية خلفاً عن سلف، الذين يأتون بهذه النظريات الجديدة يريدون إسلاماً على هواهم أو على هوى ساداتهم الذين حركوهم. عندنا الأمة معصومة، لا تجتمع على ضلالة، هم يقولون لا يوجد أمة، لا صحابة ولا تابعين، ولا أمة ولا فقهاء ولا مفسرين ولا علماء كل هؤلاء ارمهم في سلة المهملات. هذا مرفوض ولا نقبل هذا.

رسالة من بريطانيا:
اليابان ليس في بطنها شيء من الذهب والبترول مثل العالم الإسلامي إنما لديها الإيمان والانتماء، فأين الانتماء والإيمان عند المسلمين؟ فلا يوجد مناخ للحرية للإبداع، وهل معنى هذا أن يهاجر كل المبدعين ليستطيعوا أن يجدوا الحرية في أوروبا وغيرها؟

القرضاوي:
أحب أن أطمئن الأخ أن الإيمان موجود، فأنا لا أحب نظرة المتشائمين الذين ينظرون للأمور بمنظار أسود قاتم، الخير موجود كتبت رسالة أسميتها "المبشرات بانتصار الإسلام" وذكرت من هذه المبشرات مبشرات من القرآن والسنة والتاريخ والواقع ومن سنن الله في الكون. المبشرات موجودة ويجب أن نشيعها في قلوب وعقول المسلمين، ولا نشيع اليأس بل يجب إزالته في نفوسنا فاليأس محطم، والله تعالى يقول: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) الإيمان موجود والانتماء موجود والحمد لله، فلا تيأس، إنما المشكلة الموجودة هي مشكلة الحرية وقد ذكرت أنا أنه من الأسباب التي نحتاج إليها لنقوم بجو علمي صحيح الإسلام، فالإسلام أنشأ جو فكري سليم لغى فيه الخرافات ودعى إلى التأمل وإعمال النظر والفكر والنظر في خلق السموات والأرض، حارب الجمود والتقليد، الذين يقولون (إنا وجدنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) والذين يقولون (إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضاعونا السبيل) والذين يقولون (إنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت)، جاء الإسلام وحارب كل هذا ودعى لتكوين الشخصية المستقلة التي تفكر برأسها، ولا تفكر برأس غيرها، لا يفكر لها الناس، بل هو يفكر بعقله، ونحن نريد أن ننشئ هذه العقلية المبدعة التي تخدم الإسلام.

مشاهد يقول:
هناك بعض أفراد الصحوة الإسلامية يقولون، إن حرب آخر الزمان ستكون بالسيف وبالتالي لا نراعي لكل وسائل التكنولوجيا التي تشيرون إليها، وكفانا أن نتقن الحرب بالسيف.


القرضاوي:
نحن مطالبون أن نكون مع عصرنا، إن كان الناس يحاربون بالسيف نحارب بالسيف، سيدنا أبو بكر حينما بعث خالد بن الوليد قال حاربهم بما يحاربونك به، إن كانوا يحاربون بالسيف حاربهم بالسيف، بالنبل حاربهم بالنبل، بالمنجانيق حاربهم بمثله. وقالوا أن برناردشو سألوه عن الحرب العالمية الثالثة ستكون بأي الأسلحة، فقال لا أعرف بأي الأسلحة إنما الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والسيوف، لأنه إن قامت حرب عالمية ثالثة سيهلك الناس بعضهم بعضاً بالوسائل النووية ويعود الناس إلى ما كانوا عليه قديماً والأسلحة القديمة. أريد أن أفهم بعض الناس، أنه إذا جاء في الحديث أنكم ستحاربونهم بالسيف أو في القرآن (أعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) رباط الخيل، فهل معناه أن نأتي بالخيل ونرابط بها؟ رباط الخيل الآن الدبابات والمدرعات، هذه خيل العصر، كل وقت له سيفه وعصره، وسيف العصر هو أسلحة هذا العصر.



مشاهد من الخرطوم يسأل برسالة على الفاكس:
لماذا لا يكون هناك تحالف إسلامي بين كل دول المسلمين شأنه شأن الأحلاف في أوروبا والولايات المتحدة لحل مشاكل المسلمين؟

القرضاوي:
(لماذا؟) هي المشكلة، الواجب أن يكون هناك تضامن وتحالف وتوحد وأي وسيلة من الوسائل التي تقرب الأمة الإسلامية بعضها وبعض، الأمة الإسلامية موجودة على مستوى الشعوب والإنسان يشعر بهذا، فهي حقيقة واقعة وليست وهم، وأنا لي كتاب أسميته "الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم"، دلذلت على هذا جغرافياً وتاريخياً ودينياً، فأينما ذهبت وجدت إخواناً لك، يشاركونك المشاعر والآلام والعقيدة والوجهة والغاية، لكن مشكلتهم القادة، لكن يجب لهؤلاء أن يحسوا ألا بقاء لهم إلا بشيء من التقارب والتضامن، فكما قلنا لا يمكن أن ندخل عصر التكنولوجيا متفرقين، ينطبق هذا على المستوى السياسي والعسكري وغيره، الاتحاد يقوي القلة والاختلاف يضعف الكثرة والله تعالى يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا).

مشاهد من هولندا:
كيف نتعلم، في ظل الحصار المفروض على بعض الدول مثل العراق وبعض الدول الإسلامية وتعاون بعض الدول الإسلامية مع تلك الدول الفارضة للحصار والقهر؟

القرضاوي:
لا يمنعنا أحد من التعلم، العلم بابه مفتوح، ونستطيع أن نتعلم حتى عند خصومنا، فيجب أن نتعلم ونأخذه من عند غيرنا ونصل فيه لما يخدم أمتنا إن شاء الله، ولا نيأس إن لم نستطع اليوم فغداً إن مع اليوم غداً وإن غداً لناظره لقريب.


مشاهد من النرويج:
"الكتاب والقرآن" كتاب مؤلفه د. محمد شحرور، أثار الكتاب جدلاً بينا حيث يرى المؤلف أن تخلف المسلمين العلمي يعزى للفهم المتخلف للقرآن، ويقول بتأويل القرآن، حيث فسر الآية (لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، ما رأي فضيلتكم؟


هل هناك اختلاف بين تفسير وتأويل القرآن، وما هو المقصود بالآية الكريمة (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات)؟ ويقول هناك فرق بين الكتاب والقرآن، فما رأي فضيلتكم؟


القرضاوي:
هذا الكتاب مرفوض شرعاً، لأنه لا يقوم على أساس منهجي سليم، ويقول عليه إنسان يرفض كل تفاسير السلف والخلف، ويرفض كلام علماء العقيدة والشريعة ويبتدع من عنده أشياء، هذا كتاب لنفسه، باسم القراءة المعاصرة يود أن يهدم كل شيء ويبني ديناً جديداً، فالدين الذي يبنيه ليس هو دين الإسلام الذي ورثناه عن الأمة الإسلامية خلفاً عن سلف، الذين يأتون بهذه النظريات الجديدة يريدون إسلاماً على هواهم أو على هوى ساداتهم الذين حركوهم. عندنا الأمة معصومة، لا تجتمع على ضلالة، هم يقولون لا يوجد أمة، لا صحابة ولا تابعين، ولا أمة ولا فقهاء ولا مفسرين ولا علماء كل هؤلاء ارمهم في سلة المهملات. هذا مرفوض ولا نقبل هذا.

رسالة من بريطانيا:
اليابان ليس في بطنها شيء من الذهب والبترول مثل العالم الإسلامي إنما لديها الإيمان والانتماء، فأين الانتماء والإيمان عند المسلمين؟ فلا يوجد مناخ للحرية للإبداع، وهل معنى هذا أن يهاجر كل المبدعين ليستطيعوا أن يجدوا الحرية في أوروبا وغيرها؟

القرضاوي:
أحب أن أطمئن الأخ أن الإيمان موجود، فأنا لا أحب نظرة المتشائمين الذين ينظرون للأمور بمنظار أسود قاتم، الخير موجود كتبت رسالة أسميتها "المبشرات بانتصار الإسلام" وذكرت من هذه المبشرات مبشرات من القرآن والسنة والتاريخ والواقع ومن سنن الله في الكون. المبشرات موجودة ويجب أن نشيعها في قلوب وعقول المسلمين، ولا نشيع اليأس بل يجب إزالته في نفوسنا فاليأس محطم، والله تعالى يقول: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) الإيمان موجود والانتماء موجود والحمد لله، فلا تيأس، إنما المشكلة الموجودة هي مشكلة الحرية وقد ذكرت أنا أنه من الأسباب التي نحتاج إليها لنقوم بجو علمي صحيح الإسلام، فالإسلام أنشأ جو فكري سليم لغى فيه الخرافات ودعى إلى التأمل وإعمال النظر والفكر والنظر في خلق السموات والأرض، حارب الجمود والتقليد، الذين يقولون (إنا وجدنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) والذين يقولون (إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضاعونا السبيل) والذين يقولون (إنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت)، جاء الإسلام وحارب كل هذا ودعى لتكوين الشخصية المستقلة التي تفكر برأسها، ولا تفكر برأس غيرها، لا يفكر لها الناس، بل هو يفكر بعقله، ونحن نريد أن ننشئ هذه العقلية المبدعة التي تخدم الإسلام.



مشاهد يقول:
هناك بعض أفراد الصحوة الإسلامية يقولون، إن حرب آخر الزمان ستكون بالسيف وبالتالي لا نراعي لكل وسائل التكنولوجيا التي تشيرون إليها، وكفانا أن نتقن الحرب بالسيف.


القرضاوي:
نحن مطالبون أن نكون مع عصرنا، إن كان الناس يحاربون بالسيف نحارب بالسيف، سيدنا أبو بكر حينما بعث خالد بن الوليد قال حاربهم بما يحاربونك به، إن كانوا يحاربون بالسيف حاربهم بالسيف، بالنبل حاربهم بالنبل، بالمنجانيق حاربهم بمثله. وقالوا أن برناردشو سألوه عن الحرب العالمية الثالثة ستكون بأي الأسلحة، فقال لا أعرف بأي الأسلحة إنما الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والسيوف، لأنه إن قامت حرب عالمية ثالثة سيهلك الناس بعضهم بعضاً بالوسائل النووية ويعود الناس إلى ما كانوا عليه قديماً والأسلحة القديمة. أريد أن أفهم بعض الناس، أنه إذا جاء في الحديث أنكم ستحاربونهم بالسيف أو في القرآن (أعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) رباط الخيل، فهل معناه أن نأتي بالخيل ونرابط بها؟ رباط الخيل الآن الدبابات والمدرعات، هذه خيل العصر، كل وقت له سيفه وعصره، وسيف العصر هو أسلحة هذا العصر.

شارك هذاه المقالة :

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
شركائنا : قانون | وظائف ذهبية | softpedia download
copyright © 2013. موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) - بعض الحقوق محفوظة
القالب من تصميم Creating Website و تعريب وظائف ذهبية
بكل فخر نستعمل Blogger