من أدب الإسلام
عن على بن طلق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تأتوا النساء في أعجاز هن ، فإن الله لا يستحي من الحق ". والعجز : الدبر .
أخي المسلم : هذه الوصية المباركة، تعد معجزة عظيمة من معجزات النبي صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى . وقد جاء هذا التحذير في روايات أخرى كثيرة ، منها :
1ـ عن ابن عباس رضي الله عنه قال : "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر "
2ـ وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من أتي حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا ، فصدقه ، فقد طفر بما أنزل على محمد صلي الله عليه وسلم ".
3ـ وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله علية وسلم ، فقال : يا رسول الله ، هلكت
فقال : "وما الذي أهلكك ؟".
قال : حولت رحلي البارحة .
قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأوحي الله إلى رسوله : (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ). " أقبل وأدبر ، واتق الحيضة والدبر ".
4ـ عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه : أن رجلا سأل النبي عن إتيان النساء في أدبارهن فقال : "حلال " , فلما ولى ، دعاه فقال : "كيف قلت ، في أي الخربتين ، أو في أي الخرزتين ، أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قلبها ؟ فنعم .أم من دبرها ، فلا ، إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ معلقا على هذا الحديث : "ومن ها هنا نشأ الغلط من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة ، فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج ، فيطأ من الدبر لا في الدبر ، فاشتبه على السامع "من " ب"في" ولم يظن بينهما فرقا ، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة ، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه .
وقد قال تعالى :"فأتوهن من حيث أمركم الله " فقال : "تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها " يعني في الحيض .
وقال على بن أبى طلحة عنه : يقول :في الفرج ، ولا تعده إلى غيره.
5ـ وقال البغوى : حدثنا همام ،قال : سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها ؟
فقال : حدثني عمرو بن شعيب ،عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "تلك اللوطية الصغرى ".
6ـ وفي "مسند الحارث بن أبي أسامة " من حديث أبي هريرة وابن عباس ، قالا : خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل وفاته ،وهي آخر خطبة بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل ،وعظنا فيها وقال : "من نكح امرأة في دبرها أو رجلا أو صبيا ، حشر يوم القيامة ، وريحه أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار ، وأحبط الله أجره ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ، ويدخل في تابوت من نار ، ويشد عليه مسامير من نار ". قال أبو هريرة : هذا لمن لم يتب .
7ـ وفي " الصحيحين " عن جابر ، قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امراته في دبرها في قبلها ، كان الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
وفي لفظ لمسلم : " إن شاء مجبية ، وإن شاء غير محبية ، غير أن ذلك في صمام واحد " .
والمجبية : المنكبة على وجهها ، والصمام الواحد : الفرج ، وهو موضع الحرث والولد .
وأما الدبر : فلم يبح قط علي لسان نبي من الأنبياء ، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها ، فقد غلط عليه
وفي " سنن أبى داود " عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " ملعون من أتى المرأة في دبرها " .
أخي الحبيب : " وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ، فما بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسد بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء أدبار الصبيان .وأيضا : فللمرأة علي الزوج في الوطء ، ووطؤها في دبرها يفوت حقها ، ولا يقضى ، ولا يحصل مقصودها .
وأيضا : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ، ولم يخلق له ، وإنما الذي هيئ له الفرج ، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا .
وأيضا : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم ، ولأن للفرج خاصية في اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي .
وأيضا : يضر من وجه آخر ، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة .
وأيضا : فإنه محل القذر ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .
وأيضا : فإنه يضر بالمرأة جدا ، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع ، منافر لها غاية المنافرة .
وأيضا : فإنه يحدث الهم والغم ، والنقرة عن الفاعل والمفعول .
وأيضا : فإنه يسود الوجه ، ويظلم الصدر ، ويطمس نور القلب ، ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدني فراسة.
وأيضا : فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد ، والتقاطع بين الفاعل والمفعول ولا بد .
وأيضا : فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح ، إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح .
وأيضا : فإنه يذهب بالمحاسن منهما ، ويكسوهما ضدها ، كما يذهب بالمودة بينهما ، ويبدلهما بها تباغضا وتلاعنا .
وأيضا : فإنه من أكبر زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله ، وإعراضه عن فاعله ، وعدم نظره إليه ، فأى خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر بأمنه ، وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنه الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه ، ولم ينظر إليه .
وأيضا : فإنه يذهب بالحياء جملة ، والحياء هو حياة القلوب ، فإذا فقدها القلب ، استحسن القبيح ، واستقبح الحسن ، وحينئذ فقد استحكم فساده .
وأيضا : فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان بل هو طبع منكوس ، وإذا نكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ، ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره .
وأيضا : فإنه يورث من الوحاقة والجرأة ما لا يورثه سواه .
وأيضا : فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيرة.
وأيضا : فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء ، وازدراء الناس له ، واحتقارهم إياه ، واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحسن ، فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به " .
وقال الإمام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ : "وقد قل أصحاب أبى حنيفة : إنه ـ أي الذي يأتي المرأة في الدبر ـ عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم ، ولأن القذر والأذى في موضع النجو أكثر من دم الحيض ، فكان أشنع . وأما صمام البول فغير صمام االرحم .
وقال ابن العربي في قبسه : قال لنا الشيخ الإمام فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين فقيه الوقت وإمامه : " الفرج أشبه شيء بخمسة وثلاثين ، وأخرج يده عاقدا بها .
وقال : مسلك البول ما تحت الثلاثين ، ومسلك الذكر والفرج ما أشتملت عليه الخمسة ، وقد حرم الله تعالى الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة . فأولى أن يحرم الدبر لأجل النجاسة اللازمة " .
وقال مالك ـ رحمه الله ـ لابن وهب وعلى بن لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك ، فنفر من ذلك ، وبادر إلى تكذيب الناقل فقال : كذبوا على ، كذبوا على ! ثم قال : الستم قوما عربا ؟ ألم يقل الله تعالى :"نساؤكم حرث لكم " ؟ وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت !.
وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل :" أنى شئتم " شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها ، إذ هي مخصصة بما ذكرناه ، وبأحاديث صحيحه حسان وشهيرة رواها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون مختلفة ، كلها متواردة على تحريم إتيان النساء في الأدبار ، ذكرها أحمد ابن حنبل في مسنده ، وأبو داود والنسائي والترمذى وغيرهم . وقد جمعها أبو الفرج ابن الجوزى بطريقها في جزء سماه :" تحريم المحل المكروه " ولشيخنا أبى العباس أيضا في ذلك جزء سماه " إظهار إدبار ، من أجل الوطء في الأدبار ".
قلت ـ أي القرطبي ـ : وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة ، ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه وقد حذرنا من زلة العلم "
قلت : ولقد عظم ابن عباس رضي الله عنه هذا الأمر جدا : فعن طاووس : أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال : تسألني عن الكفر!!.
ماذا قال الأطباء في هذا الأمر ؟:
اتفقت كلمة الأطباء على خطورة الوطء في " الدبر " على صحة الإنسان وأجمعت الآراء على ضرورة اجتنابه
قال الدكتور /على محمد مطاوع ـ عميد لكلية طب الأزهر أستاذ الأشعة بها ـ في قوله تعالى :" فأتوهن من حيث أمركم الله " .
قال : "وقاية من الميكروبات التي توجد في الشرج والتي قد تصيب قناة مجري البول في الرجل إن هو خالف الأمر وأتى زوجته في دبرها".
أوفي بعض الآثار الإلهية : "ابن آدم ما انصفتني ، أذكرك وتنساني ، وأدعوك إلي فتفر منى إلى غيري ، وأذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا ، ابن آدم ما يكون اعتذارك غدا إذا جئتني ؟". طوبى لمن أجاب دعوة مولاه ، " يا قومنا أجيبوا داعي الله ".
أجيبي فداعي الحق قد ناداك يانفس ويحك قد أياك هداك

0 التعليقات:
إرسال تعليق